أسماء المواليد ... وأثارها

قال تعالى {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا} (مريم: 7).
إنّ حُسن تسمية الطفل إنما هي تعبير عن الذوق الجمالي الذي يصاحب الطفولة ويلازم الإنسان خلال حياته، ويزيد من تنمية ثقة الطفل بالنفس وشعوره بالرضا، وينطلق بقوة في حياته دون تردد أو تلكؤ !

ومن هنا ولي الاسلام حياة الأطفال العناية الخاصة سواء قبل الولادة أمْ بعدها بصورة دقيقة ومستمرة .
فقد التفت الإسلام منذ البداية إلى أن الطفل يتمتع بحقوق فردية واجتماعية, منذ اللحظة التي يكون فيها جنيناً في رحم أمه .
والالتفات إلى هذه النقطة الهامة يعتبر من المميزات المشرفة لهذه الشريعة , فالإسلام بعد أن يقرر سلسلة تعاليم بناءة في هذا المجال , ويأمر الآباء والأمهات بإتباعها حتى يضمنوا سعادة مولودهم على النحو الأمثل , فإنه يولي مسألة إطلاق التسمية اهتماماً خاصاً أيضاً.
لذا روي عن علي عليه السلام : (( سموا أولادكم قبل أن يولدوا , فإن لم تدروا أذكر أم أنثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى , فإن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسموهم يقول السقط لأبيه : ألا سميتني ))(1) وقد سمى رسول الله محسناً قبل أن يولد .

وفي هذا المقام , ليس هناك أدنى شك في أن الآباء والأمهات , ونظراً للمحبة الجارفة التي يكنونها لمولودهم , يحاولون أن يختاروا أجمل الأسماء وأفضلها على الإطلاق .
لكن الاشكال الذي قد يواجههم في هذا المجال , هو أنهم ربما يشتبه عليهم الأمر حين التسمية , بمعنى أن الاسم الذي حاز على إعجابهم ليس بالضرورة ان يكون جميلا واقعاً ، وتراه موضع استهزاء الاخرين .
لذا فإن الأب والأم إذا لم يتزودوا بالتوجيهات الإسلامية اللازمة , من الممكن أن يكونا سبباً في أذية ولدهما بدلاً من إسداء خدمة له , وذلك بسبب اختيار اسم سوف يلازمه طوال حياته , وقد يكون بمثابة قيد يمسك بعنقه , فلا يستطيع التخلص منه مدى الحياة .

الأثر النفسي للتسمية:

مما لا شك فيه من ان للاسم أثر كبير على نفسية الطفل ، لذا على الوالدين وضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار لما للاسم من تأثير كبير عليه؛ فالأسماء المضحكة، والمدعاة للاستخفاف تؤدي إلى إيذاء مشاعره، وإلى إحساسه بالحرج أمام الآخرين، وفقدان الثقة بالنفس، وهذا من شأنه أن ينعكس مستقبلا على تحصيله الأكاديمي، وعلى حياته الأسرية، وعلاقاته الاجتماعية، وبشكل أكبر على صحته النفسية التي قد يصيبها الاضطراب، وقد يلجأ للانطواء والانعزال عن محيط الأهل والأصدقاء؛ تجنبا لردود الفعل الساخرة التي قد يجدها منهم، وهنا ينصح بتغيير الاسم كجزء من العلاج؛ حتى يشعر بالرضا عن النفس وتقدير ذاته. ولذا يُنصح من البداية اختيار الاسم الحسن للمولود لتجنب الانعكاسات النفسية عليه فيما بعد . لذا ورد في الرواية: (( أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن فليحسن أحدكم اسم ولده ))(2).

والسؤال هنا أذن ما هي افضل الاسماء التي يفضل ان نسمي بها اطفالنا ؟

1 - الاسماء التي تحمل معنى العبودية :
دعا الاسلام إلى التسمية بالأسماء التي تحمل معنى العبوديّة كـ "عبد الله". فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا إنّ خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وشرُّ الأسماء ضرار ومرّة وحرب وظالم"3. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "... أصدق الأسماء ما سمّي بالعبودية"4.

2 - اسماء الانبياء :
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتحدّث عن أفضل الأسماء : "وأفضلها أسماء الأنبياء"5 . وقد بيَّن نبيّ الإسلام أثر التسمية باسم الأنبياء فعنه صلى الله عليه وآله وسلم : "إذا كان اسم بعض أهل البيت اسم نبيّ لم تزل البركة فيهم"6.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : "ما من أهل بيت فيهم اسم نبيّ إلاّ بعث الله إليهم ملكاً يقدِّسهم بالغداة والعشيّ"9.

3 - أسماء أهل البيت عليهم السلام :
وكما حبَّذ الإسلام وحثَّ على التسمية باسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لما في ذلك من أثر طيّب وتعزيز للقدوة الصالحة، فقد حثَّ على التسمية بأسماء أهل بيته الكرام عليهم السلام لنفس ذلك السبب ، وقيل لأبي عبد الله عليه السلام: إنَّا نسمِّي بأسمائكم وأسماء آبائكم, فينفعنا ذلك ؟ فقال عليه السلام: "إي والله, وهل الدِّين إلّا الحبّ؟ " قال الله تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾7.
وعن الإمام أبي الحسن عليه السلام قوله: "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء"8.

واليكم ايضا خير الاسماء

اسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم :

وبما أنّ خاتم الأنبياء محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم هو سيّد بني البشر وأفضل قدوة فيهم، فقد ورد الحثّ الأكيد على التسمية باسمه الشريف، بل ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "من ولد له ثلاثة بنين ولَمْ يسمِّ أحدهم محمّداً فقد جفاني"9.
وحدَّثنا الإمام الرضا عليه السلام عن أثر التسمية باسم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "البيت الذي فيه اسم محمّد يصبح أهله بخير ويمسون بخير"10.

اسم علي عليه السلام :

ومن بين أسماء أهل البيت عليهم السلام أكَّد أهل بيت العصمة على التسمية باسم عليّ عليه السلام وبيَّنت الأحاديث الأثر الطيّب لهذه التسمية المباركة، فقد ورد أنّ الإمام الباقر عليه السلام قال لابن صغير: ما اسمك؟ قال: محمّد، قال بم تكنّى؟ قال: بعليّ، قال أبو جعفر: "لقد احتظرت من الشيطان احتظاراً شديداً، إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي: يا محمّد، أو يا عليّ، ذاب كما يذوب الرصاص"11. لذا سمى الإمام الحسين عليه السلام كلّ أبنائه باسم عليّ عليه السلام ، فكان عنده عليّ الأكبر وعليّ الأصغر (عبد الله الرضيع) وعليّ زين العابدين، وكان يقول: "لو ولد لي مئة لأحببت أن لا أسمّىَ أحداً منهم إلّا عليّاً" .

اسم فاطمة عليها السلام :

وأعطى الإسلام مزيّة لاسم فاطمة كرامة للسيّدة الزهراء عليها السلام فإضافة إلى ما ورد من أنّ البيت الذي فيه بنت اسمها فاطمة لا يدخله الفقر كما تقدّم بالرواية السابقة "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء" .

والحمد لله رب العالمين

ـــــــــــالهامش ــــــــــــــ


1ـ فروع الكافي ـ الجزء السادس ـ ص18 ـ طبعة دار الكتب الإسلامية.
2ـ فروع الكافي ـ ج6 ـ ص 18.
3- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص131.
4- المجلسي، بحار الأنوار، ج104، ص126.
5- المصدر السابق.
6- الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج15، ص129.
7- المجلسي، بحار الأنوار، ج16، ص239 - 240، ومعنى لا تجبهوه أي لا تردوه عن حاجته.
8- المصدر السابق، ص130.
9 و 10- المجلسي، بحار الأنوار، ج103، ص129.
11- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص128 - 129.