ولد فاضل الربيعي في بغداد عام 1952 و نشط في الميادين الادبية و الفكرية و السياسية منذ مطلع شبابه, و امتاز هذا النشاط بالتنوع و الجدية و لفت اليه اهتمام و انظار ابناء جيله. وذلك بفضل الطابع الخاص للكثير من مؤلفاته التي زاوج فيها بين الادب و التاريخ و الاسطورة و السياسة. كانت نشأته السياسية في اطار الحركة اليسارية العراقية عندما وجد نفسه ينخرط في العمل في صفوف الشيوعيين العراقيين. تبلور وعيه كيساري تحت تأثير الكتابات و الافكار و النشاطات ا ليسارية في العراق و العالم العربي. وربما كان لنشأته هذه أثر كبير سوف يتجلى تاليا في الكثير من مواقفه السياسية و الاجتماعية.


==أدبه و حياته==

بدأ فاضل الربيعي حياته الادبية والفكرية والسياسية في السبعينات ككاتب قصصي. اولى اعماله مجموعة قصصية بالاشتراك مع قصاصين عراقيين و ذلك في عام 1970 بعنوان ( الشمس في الجهة اليسرى). بعدها عكف على نشر عدد كبير من القصص القصيرة و المقالات الادبية في الصحف العراقية, قبل ان ينشر مجموعته القصصية الاولى( ايها البرج يا عذابي) التي نالت استحسان النقاد و كتب عنها الناقد العراقي الشهير الراحل الدكتور على جواد الطاهر و ذلك في مطلع عام 1976. في هذه السنوات اصبح عضوا في اتحاد الادباء العراقيين و في نقابة الصحفيين العراقيين حيث عمل كمحرر صحفي في الجريدة الاسبوعية (الفكر الجديد) و هي جريدة ثقافية و فكرية تصدر باللغتين العربية و الكردية . درس الصحافة و اشترك مع صحافيين عراقيين اخرين في دورات صحفية هامة مثل دورة كلية التضامن في جامعة برلين – المانيا الشرقية سابقا- و دورة اتحاد الصحافيين العرب في القاهرة. كما عمل في الصحيفة اليومية ( طريق الشعب) التي اصدرها الحزب الشيوعي العراقي عام 1973.

==المنفى==

غادر العراق عام 1979 مع انهيار التحالف السياسي بين الشيوعيين و البعثيين. وصل الى شيكوسلوفاكيا و عاش بضعة اشهر في براغ التي غادرها الى عدن عاصمة اليمن الجنوبي السابق ليعمل في( صحيفة الثوري) التي يصدرها الحزب الاشتراكي اليمني. في صيف 1980 استقر في دمشق وعمل محرر اً في (مجلة الحرية اللبنانية) كما عمل مراسلا ثم مديرا لمكتب( مجلة الموقف العربي) في دمشق. في سنوات الثمانينات اسس تجمعا ثقافيا باسم (العمل الثقافي) مع مجموعة من المثقفين العراقيين وفي هذه السنوات تزايد اهتمامه بالثقافة الفلسطينية في الارض المحتلة فنشر كتابه (السؤال الاخر) عن دار الاهالي السورية و اعيد طبعه مرتين بالتعاون مع دائرة الثقافة و الاعلام في منظمة التحرير الفلسطينية. في هذا الكتاب القى الربيعي الضوء على تجربة القصاصين الفلسطيننين في مناطق 1948 كما نشر عدة دراسات نقدية عن روايات غسان كنفاني. في عام 1984 نشر مجموعته القصصية (القيامة) في بيروت.

==من القصة الى الرواية==

انتقل الربيعي بعد نشره لسلسلة القصص القصيرة الى كتابة الرواية, ففي العام 1984 نشر روايته الاولى (عشاء المأتم) التي وجه فيها نقدا لاذعا لتجربة الحزب ال شيوعي العراقي. و كانت تلك بداية القطيعة ثم الخصومة مع الحزب الذي انتسب اليه الربيعي في مطلع شبابه. ترك هذا النقد في صورته الادبية ثم السياسية ابلغ الاثر في حياته ككاتب, اذ وجد نفسه في خضم خصومة فكرية و سياسية متواصلة مع القيادة الحزبية القديمة, وهو ماسوف يتجلى في اتخاذه مواقف متعارضة كليا مع كل اساليب العمل التي درجت عليها الاحزاب العراقية. نالت (عشاء المأتم) اهتمام النقاد و الروائين العرب و كتب عنها الروائي السوري الشهير الراحل هاني الراهب مقالا مطولا في جريدة السفير اللبنانية واضعا ايها في مصاف كبريات الاعمال الروائية العربية ثم عاد الراهب ليكتب عنها مقالا بعنوان (اقرأوا هذه الرواية الجميلة). كانت اهمية الرواية كما ارتأى النقاد تنبع من الاسلوب الروائي الجديد الذي قدمه الربيعي, فالرواية تمتاز بتهشيم فكرة الزمن. تدور احداث الرواية خلال ليلة واحدة ولكنها تلخص حقبة سياسية واجتماعية تمتد الى عشر سنوات دار فيها خلاف ثم صراع الشيوعيين و البعثيين. وجه الربيعي في هذ ه الرواية نقدا لاذعا للدكتاتورية و كشف عن وجهها القبيح و رأى فيها مصدر الشرور. في هذا الوقت وجد الربيعي نفسه في موقع المعارض لحزبه و للنظام البعثي القائم انذاك, ولكنه ظل معتدلا الى حد بعيد في هذه المواقف و لم ينزلق الى مواقع العداوة الهوجاء. وعلى عكس ذلك حافظ الربيعي على موقف وطني متميز فعندما اندلعت الحرب العراقية الايرانية عام 1980 اتخذ الربيعي مبكرا موقف مثيرا و متميزا, اذ نادى في كتاباته و محاضراته بالوقف الفوري للحرب بوصفها كارثة على المنطقة, بينما كان الكثير من المثقفين اليساريين العراقيين يتخذون مواقف تنادي بالاستمرار في هذه الحرب حتى اسقاط نظام صدام حسين في العراق.

== من الرواية الى الاسطورة==

في هذا الوقت حدث التحول الاهم في حياة الربيعي ككاتب عندما طور اهتماماته باتجاهين: دراسة الت اريخ القديم و دراسة الاساطير. في هذا السياق بدأ بنشر سلسلة من المقالات التحليلية للاساطير العربية القديمة ولكنه لم ينشرها في كتاب مستقل.عام 1989 غادر دمشق مع اسرته ليعيش في بلغراد (عاصمة يوغسلافيا السابقة) وليعمل محررا في (مجلة البلاد الفلسطينية). انتقل من بلغراد الى قبرص عام 1991 وعمل محررا ثقافيا في( مجلة الشاهد). نشر روايته الثانية (ممرات الصمت) عن دار الملتقى في نيقوسيا و التي بنى حبكتها الروائية على اساس دمج الادب بالاسطورة. حظيت الرواية باهتمام النقاد العرب حتى ان ناقد اكاديميا في سوريا هو الدكتور نضال الصالح كرس لها اكثر من فصل في اطروحته للدكتوراه و التي صدرت في كتاب مستقل. و كما حظيت روايته الاولى باهتمام كبار الروائين و النقاد العرب فقد نالت روايته الثانية الاهتمام نفسه. ثم عاد الى دمشق عام 1994 كمدير لمكتب هذه المجلة. نشر كتابه (الشيطان و ال عرش))الذي كرسه لتحليل (الاسطورة العربية القديمة والتوراتية) عن لقاء النبي سليمان ببلقيس ملكة سبأ. اثار الكتاب اهتمام النقاد و القراء و كتبت عنه عشرات المقالات و مازال ناشر الكتاب (شركة رياض الريس) في بيروت يعرض الكتاب في المعارض السنوية. في هذا الوقت عكف الربيعي على دراسة تجربة حركة القوميين العرب من منظور علاقة الفكر العربي بالاسطورة فنشر له الريس كتابه الثاني (كبش المحرقة). في عام 1996 هاجر الربيعي الى هولندا ليستقر فيها و يكتسب الجنسية الهولندية. في هولندا كرس الربيعي سنوات عدة من حياته لانجاز مشاريع ثقافية و فكرية ضخمة توجها بكتابة مؤلفه (فلسطين المتخيلة : ارض التوراة في اليمن القديم) وهو خمسة كتب في مجلدين كبيرين (نحو 1400 صفحة). جاء تأليف هذا الكتاب في اطار دراسة الربيعي للغة العبرية و للكتاب المقدس (العهد القديم). و في هذه السنوات ايضا انجز و نشر العديد من مؤلفاته منها ( ارم ذات العماد, شقيقات قريش, ابطال بلا تاريخ و قصة حب في اورشليم) كما نشر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتابه (مابعد الاستشراق) فضلا عن العديد من المؤلفات الاخرى. خلال الحقبة الممتدة من عام 1996 حتى عام 2008 شارك الربيعي في الكثير من المؤتمرات الفكرية العربية و الدولية وساهم بنشاط في العديد من الفعاليات الفكرية و السياسية في الوطن العربي و اوروبا.

==الحرب على العراق==

عندما وقع الغزو الامريكي للعراق عام 2003 لفت الربيعي انظار العراقيين في الداخل و الخارج الى موقفه المتميز والجرئ وذلك باستخدامه لوسائل الاعلام العربية للتعبير عن موقف داعم للمقاومة العراقية. و كانت اطلالته المتكررة على شاشة الجزيرة افضل تعبير عن قوة هذا الموقف الذي اكسب الربيعي شعبية كبيرة في الاوساط العراقية و العربية حيث حظي باهتمام و احترام واسعين. كانت سنوات الاحتلال الممتدة من 2003 حتى 2008 بالنسبة للربيعي سنوات انتاج فكرية و سياسية غزير, فقد وضع نحو خمسة كتب نشرت تباعا وقدم فيها تحليلا مع مقا و تشريحا اجتماعيا و تاريخيا للمجتمع العراقي تحت الاحتلال. كان كتابه (الخوذة والعمامة) كتابا جديدا غير مسبوق قدم فيه الربيعي تحليلا موسعا لدور رجال الدين في العراق. سلط الربيعي في هذا الكتاب الاضواء على دور الحوزة الشيعية في النجف, و هو الامر الذي جعل من الكتاب مرجع اساسيا بالنسبة للكثيرمن المؤلفين و الكتاب الذين يتناولون الشأن العراقي. و في هذا الاطار نشر الربيعي كتابه (من ايقظ على بابا) في شكل حلقات يومية على مساحة صفحة كاملة من (جريدة القدس العربي) اللندنية, كما نشر سلسلة دراسات تاريخية عن دور رجال الدين صدرت تاليا في كتاب (العسل و الدم). في هذا الوقت نشرت له( دار الفكر) في دمشق و هي واحدة من اكبر دور النشر العربية, كتابه المشترك مع الباحث و المفكر السوري الراحل تركي على الربيعو بعنوان (الاسطورة و السياسة) و في هذا الكتاب كشف الربيعي عن نفاق قيادة الحزب الشيوعي العراقي الرسمي و تملقها لرجال الدين.