الجيش الذي قاتل الامام الحسين عليه السلام

إستعمل الإمام الحسين (عليه السلام ) عدّة مصطلحات لوصف أهل الكوفة ، ولم يستعمل مصطلح " الشيعة " الاّمّرة واحدة ، فقد خاطب من جاء معه بعد مقتل مسلم بن عقيل فقال : " قد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ أن ينصرف فلينصرف ليس عليه منّاذمام "

فتفرقوا و بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة.

و لم يكرّر مصطلح " الشيعة " بعد ذلك الى أن أستشهد ، و هذا إنّ دلّ على شي فانما يدل على أنّه لايقصد شيعته واقعاً ، و إنّما خاطب من جاء معه بما يناسب تصوراتهم ، فهم يتصورون انّ الكوفة بأجمعها من شيعة الحسين ، و لذا التحقوا به ظناً منهم أنّه سيستلم زمام السلطة فيحصلون على إمتيازات بعد ذلك ، و لذا خاطبهم الإمام (عليه السلام ) بما إرتكر في أذهانهم لكي لاينطلقون معه من منطلقات نفعية و مصالح شخصية ، و لكي لاينهزمون عنه أثناء المعركة و هم عدد لايستهان به ، و بالفعل تفرّقوا عنه .

و لم يكرر الإمام (عليه السلام ) هذا المصطلح ، ففي ليلة عاشوراء خاطب أصحابه قائلاً : " إنّي لاأحسب القوم إلاّ مقاتليكم غداً ، و قد أذنت لكم جميعاً فانتم في حلّ منّي ... "[1].

و حينما سأله عبدالله بن مطيع : يا إبن رسول الله ما أقد مل ن أجاب : " كتب إليّ أهل العراق يدعونني الى أنفسهم "[2] .

و لم يقل كتب إليّ شيعتي أو الشيعة .

و أجاب قرّة بن قيس الحنظلي : " كتب اليّ أهل مصركم هذا أن أقدم "[3].

و في منطقة شراف و بعد أن صلّى بجماعته و جماعة الحر خطب فيهم قائلاً : " أيّها الناس فانّكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحقّ لإهله يكن أرضى لكم ، و نحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور و العدوان "[4].

فلوكان الجيش شيعة له أو بعضه من الشيعة لخاطبهم يا شيعتي ، أو خاطبهم أيّها الناس و يا شيعتي منهم أو منكم .

وفي عذيب الهحانات التحق به أربعة من أصحابه فسألهم : " أخبروني خبر الناس "[5] .

فلم يسألهم بالقول : أخبروني خبر الشيعة ، و بما أنهم من شيعته فمن المناسب أن يكون السؤال عن الشيعة آكد و أفضل .

و قال له الفرزدق : " يا ابن رسول الله كيف تركن الى أهل الكوفة ، وهم الّذين قتلوا إبن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته ؟ "[6].

فأهل الكوفة قتلوا مسلماً و شيعته ، فالكوفيين طائفة و الشيعة طائفة أخرى .

و الأسلوب الخطابي الذي إستعمله الإمام (عليه السلام ) يدل دلالة واضحة انّه لايخاطب شيعة ، لانّ الخطاب مع الشيعة تكون له مصطلحات خاصة ، و أفكار خاصة و معلومات خاصة ، ففي يوم عاشوراء خاطب جيش عمر بن سعد قائلاً : " أيها الناس ...أمّا بعد فانسبوني و انظروا من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي و إنتهاك حرمتي ؟ ألست إبن بنت نبيّكم و ابن وصيه و ابن عمه و أول المصدّقين لرسول الله ... أو ليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي ؟ أو ليس جعفر الطيار بجنا حين عمّي ؟ أولم يبلغكم ما قال رسول الله (ص) لي ولأخي : " هذان سيّدا شباب أهل الجنة " ... فوالله ماتعمدت كذباً منذ علمت أنّ الله تعالى يمقت عليه "[7].

فقد خاطبهم بما هو معلوم لديهم ، و لوكان يخاطب شيعته أو بعض شيعته المتواجدين في الجيش ، لخاطبهم بالقول : أنا إمامكم فهل يحلّ لكم قتل إمامكم ، ولذكر لهم الروايات التي يتناقلها الشيعة .

و لم يوجه خطابه الى أيّ شخص شيعي ، فلو وجد شيعيا معهم لخاطبه ، فمن خطابه لهم : " يا شبث بن ربعي ، و يا حجّار بن أبجر ، و يا قيس بن الأشعث ، و يا زيد بن الحارث ألم تكتبوا اليّ في القدوم عليكم "[8]. فهؤلاء قادة القوم ، و لو وجد فيهم شيعيا لذكره الإمام (عليه السلام ) .




[1]سير أعلام النيلاء 3 : 301

[2]بحارالأنوار 44 : 371

[3]إعلام الورى بأعلام الهدى 231

[4]تاريخ الطبري 5 :402

[5]االكامل في التاريخ 4 :49

[6]بحارالأنوار 44 : 374

[7]إعلام الورى بأعلام الهدى : 237

[8]الكامل في التاريخ 4 : 62