خاتم الأنبياء رسول الله محمد (ص) وُلدَ في سنة 570 ميلادي في عام الفيل في مكة. حسب روايات المذاهب السنية وبعض الروايات الشيعية وُلد الرسول محمد (ص) في 12 ربيع الأول في سنة 25 قيل الهجرة و حسب روايات المذهب الشيعي بصفة عامة وُلدَ الرسول (ص) في 17 ربيع الأول. المدة الواقعة بين التاريخين أُطلق عليها اسم أسبوع الوحدة الاسلامية في بعض البلدان المختلفة المذهب.

النبي محمد (ص) ينتمي إلى قبيلة قريش و ينحدر من نسل إسماعيل (ع). أبوه عبد الله ابن عبد المطلب وأمه آمنة بنت وهب عليهما السلام.

سميت سورة كاملة في القرآن باسم الرسول محمد (ص) و هي مؤلفة من 83 آية.

محمد (ص) هو سيد الكائنات كلها و إنسانأً مكمل. و هو أصل لأهل البيت عليهم السلام و سيدهم. الإيمان برسول الله (ص) يُعتبر جزء من شهادة الإيمان في الإسلام. أحد ألقابه حتى قبل الإسلام كان الأمين.

قبل أن يولد الرسول (ص) تُوفي والده عبد الله ابن عبد المطلب.

ومما ورد في كتاب "السيرة النبوية عند أهل البيت (ع)" للعلامة الشيخ علي الكوراني العاملي:

في كمال الدين/196: "فروي عن آمنة عليها السلام أنها قالت: لما حملت به لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، فرأيت في نومي كأن آت أتاني فقال لي: قد حملت بخير الأنام ، فلما حان وقت الولادة خفَّ عليَّ ذلك حتى وضعته ، وهو يتقي الأرض بيده وركبتيه ، وسمعت قائلاً يقول: وضَعْتِ خير البشر فعوَّذيه بالواحد الصمد من شر كل باغ وحاسد ...."
"فقالت آمنة: لما سقط إلى الأرض اتقى الأرض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى السماء ، وخرج مني نور أضاء ما بين السماء والأرض..."

في الكافي: 1/454 ، عن الإمام الصادق (ع) قال: "لما ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فُتح لآمنة بياض فارس وقصور الشام ، فجاءت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين إلى أبي طالب ضاحكة مستبشرة ، فأعلمته ما قالت آمنة ، فقال لها أبو طالب: وتتعجبين من هذا إنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره".

وفي الكافي:8/302، عن الإمام الصادق (ع) قال:"كان حيث طَلَقَتْ آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي (صلى الله عليه وآله) ، حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب ، فلم تزل معها حتى وضعت ، فقالت إحداهما للأخرى: هل ترين ما أرى؟ فقالت: وما ترين؟ قالت: هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب !
فبينما هما كذلك إذا دخل عليهما أبو طالب فقال لهما: ما لكما من أي شئ تعجبان ؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت فقال لها أبو طالب: ألا أبشرك ؟ فقالت: بلى ، فقال: أما إنك ستلدين غلاماً يكون وصي هذا المولود." (انتهى)

عاش النبي محمد (ص) عند والدته لفترة من الزمن تنعمت بمحياه وأرضعته فيها إلى أن قررت أن ترسله كما كانت العادة وقتها إلى البادية ليقوى عوده وتقوى فصاحته. وهكذا اختارت له السيدة حليمة السعدية من بني سعد كمرضعة ومربية وأبقته عندها أكثر من عامين وأرجعته إلى أمه آمنة بنت وهب عليها السلام.

ومما ورد في كتاب "السيرة النبوية عند أهل البيت (ع)" للعلامة الشيخ علي الكوراني العاملي:
وفي كنز الفوائد:" وشرف الله تعالى حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية برضاعه وخصها بتربيته ، وكانت ذات عقل وفضل ، فروت من آياته ما يبهر عقول السامعين ، وأغناها الله ببركته في الدنيا والدين ، وكان لايرضع إلا من ثديها اليمين. قال ابن عباس: ألهم العدل حتى في رضاعه ، لأنه علم أن له شريكاً فناصفه عدلاً منه (صلى الله عليه وآله) !

قالت حليمة... ولم أر قط ما يرى للأطفال طهارة ونظافة ، وإنما كان له وقت واحد ثم لايعود إلى وقته من الغد ، وما كان شئ أبغض إليه من أن يرى جسده مكشوفاً ، فكنت إذا كشفته يصيح حتى أستر عليه...

وكان بنو سعد يرون البركات بمقامه معهم وسكناه بينهم ، حتى أنهم كانوا إذا عرض لدوابهم بؤس أتوا بها إليه ليمسها بيده فيزول ما بها وتعود إلى أحسن حالها ! ولم يزل كذلك الى أن ردته حليمة إلى أهله فاشتمل عليه جده عبد المطلب يحبوه التحف ويمنحه الطرف ، ويعد قريشاً به ويخبرهم بما يكون من حاله ، إلى أن دنت وفاته فوضعه في حجر أبي طالب وأوصاه به ، وأمره بحياطته ورعايته ، وعرفه ما يكون من أمره".

وفي مناقب آل أبي طالب:1/32: "وروي عن حليمة أنه جلس محمد وهو ابن ثلاثة أشهر ، ولعب مع الصبيان وهو ابن تسعة ، وطلب مني أن يسير مع الغنم يرعى وهو ابن عشرة ، وناضل الغلمان بالنبل وهو ابن خمسة عشر ، وصارع الغلمان وهو ابن ثلاثين ، ثم رددته إلى جده".

لما بلغ النبي محمد (ص) من العمر 6 سنوات قررت أمه آمنة (ع) زيارة قبر جده عبد الله ابن عبد المطلب في المدينة. وهكذا أخذت على نفسها عناء السفر إلى هناك ونزلت في ضيافة أقربائها من بني عدي ابن النجار. في المدينة أكثرت آمنة من زيارة قبر زوجها الحبيب عبد الله مع ابنها النبي محمد (ص) الذي عايش وأحس ما تكنه والدته من حب عميق لوالده عبد الله عليه السلام الذي كانت تزور ضريحه كل عام.

بعد ذلك استعدت السيدة آمنة (ع) للرجوع إلى مكة مع إحدى القوافل والتحقا بها. وفي الطريق في منطقة تدعى الأبواء هبت عاضفة رملية شديدة أذت إلى استياء حالتها الصحية أكثر من السابق وانتقلت إلى رحمته تعالى في نفس المكان. أما ابنها النبي محمد (ص) فقد رجع مع حاضنته أم أيمن إلى مكة. وفي بعض الروايات ورد أن عبد المطلب (ع) كان معهما كما روى الحموي في معجم البلدان:

وبالأبواء قبر آمنة بنت وهب أم النبي وكان السبب في دفنها هناك أن عبد الله والد رسول الله (ص) كان قد خرج إلى المدينة يمتار تمراً فمات بالمدينة ، فكانت زوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره ، فلما أتى على رسول الله (ص) ست سنين خرجت زائرة لقبره ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول الله (ص) فلما صارت بالأبواء منصرفة إلى مكة ماتت بها، ويقال إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة وحمل معه آمنة أم رسول الله فلما رجع منصرفاً إلى مكة ماتت آمنة بالأبواء.

بعد أن توفيت والدته السيدة آمنة بنت وهب عندما كان عمره ست سنوات كفله جده عبد المطلب. لكن جده توفي أيضاً بعد سنتين.

في الكافي: عن الإمام الصادق (ع) : "كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة ، لا يفرش لأحد غيره ، وكان له وُلدٌ يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو طفل يدرج حتى جلس على فخذيه ، فأهوى بعضهم إليه لينحيه عنه ، فقال له عبد المطلب: دع ابني فإن الملك قد أتاه"

وروى كمال الدين عن ابن عباس ، قال:" كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، لا يجلس عليه أحد إلا هو إجلالاً له ، وكان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج عبد المطلب ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج وهو غلام فيمشي حتى يجلس على الفراش ، فيَعْظُم ذلك على أعمامه ويأخذونه ليؤخروه فيقول لهم عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فوالله إن له لشأناً عظيماً ، إني أرى أنه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم ، إني أرى غرته غرة تسود الناس ، ثم يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبله ويقول: ما رأيت قبلة أطيب منه ولا أطهر قط ، ولا جسداً ألين منه ولا أطيب منه. ثم يلتفت إلى أبي طالب ، وذلك أن عبد الله وأبا طالب لأم واحدة ، فيقول: يا أبا طالب إن لهذا الغلام لشأناً عظيماً فاحفظه واستمسك به ، فإنه فرد وحيد ، وكن له كالأم ، لا يوصل إليه بشئ يكرهه ، ثم يحمله على عنقه فيطوف به أسبوعاً...

وكانت هذه حاله حتى أدركت عبد المطلب الوفاة فبعث إلى أبي طالب ، ومحمد على صدره وهو في غمرات الموت ، وهو يبكي ويلتفت إلى أبي طالب ويقول: يا أبا طالب أنظر أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ، ولا ذاق شفقة أمه ، أنظر يا أبا طالب أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك ، فإني قد تركت بنيَّ كلهم وأوصيتك به لأنك من أم أبيه ، يا أبا طالب إن أدركت أيامه فاعلم أني كنت من أبصر الناس وأعلم الناس به ، فإن استطعت أن تتبعه فافعل وانصره بلسانك ويدك ومالك ، فإنه والله سيسودكم ويملك ما لم يملك أحد من بني آبائي.

يا أبا طالب ما أعلم أحداً من آبائك مات عنه أبوه على حال أبيه ، ولا أمه على حال أمه ، فاحفظه لوحدته ، هل قبلت وصيتي فيه ؟

فقال: نعم قد قبلت ، واللهُ عليَّ بذلك شهيد ، فقال عبد المطلب: فمدَّ يدك إليَّ فمد يده إليه فضرب يده على يده ثم قال عبد المطلب: الآن خفَّ عليَّ الموت ! ثم لم يزل يقبله ويقول: أشهد أني لم أقبل أحداً من ولدي أطيب ريحاً منك ولا أحس وجهاً منك ، ويتمنى أن يكون قد بقي حتى يدرك زمانه...."

و عندها كفله عمه سيد البطحاء المؤمن المحامي عن دين الله وعن رسوله أبو طالب.
محمد (ص) كان رجلاً مستقيماً شريفاً مجتهداً ذكياً و كان يملك كل الصفات الحميدة حتى أنه كان يلقب بالصادق الأمين.

في شبابه عمل الرسول (ص) كراعي للأغنام و فيما بعد شارك سافر مع قوافل التجارة إلى سوريا حيث تعرف الراهب بحيرة فيه النبي المنتظر.

عندما تزوج خديجة (ع) كان عمره الشريف 25 سنة و خلف منها ابنته السيدة فاطمة (ع).

غالباً ما كان محمد (ص) يعتكف في غار حراء و يبقى هناك عدة أيام. عند المبعث للنبوة أتاه بالوحي الملاك جبريل (ع) و بمبعثه كنبي و أُنزلت عليه أول آيات القرآن الكريم. زوجته خديجة (ع) و ابن عمه علي ابن أبي طالب (ع) الذي كان يعيش معه في البيت كانا أول من أسلم و أول من أقام معه الصلاة جماعة. بعد ذلك تبعهم آخرون. التعاليم التي نشرها محمد (ص) كانت تدعو للتوحيد الخالص و إلى رفض كل الأصنام و الطاغوت و إلى المساواة بين البشر و القضاء على الظلم مما جلب عليه عداء رجال السلطة و المال في مكة. في البداية حاولوا إغراءه بالمال و السلطة لرده عن دعوته. عندما لم تفلح هذه المحاولات قاطعوا المسلمين و أخضعوهم لأقسى أنواع الملاحقة و التعذيب.

عندما وصلت الحال بالمسلمين في مكة إلى حال لا يُطاق بسبب ملاحقة المشركين لهم و التضييق عليهم أمر الرسول محمد (ص) بالهجرة الصغرى. و لما تُوفيت زوجته الحبيبة خديجة (ع) و كذلك عمه أبو طالب الذي كان دوماً يؤمن له الحماية و بعد أن وصل الحال بالمشركين أنهم تآمروا لقتل النبي محمد (ص) أقدم عند ذلك قبل وقت قصير من تنفيذ مؤامرة القتل بالهجرة.


بعد الكثير من المعارك الدفاعية ضد الذين هاجموا المسلمين كمعركة بدر و أُحُد و خيبر و الخندق و بعد صلح الحديبية الذي نقضه حلهاء لأبي سفيان فتح المسلمون مكة بدون سفك دم. لما وصل النبي (ص) إلى الكعبة حطم مع الإمام علي (ع) الأصنام في داخل الكعبة. و في مكة قام بعد أدى بعد ذلك مناسك الحج التي كانت أيضاً تذكرة لرسول الله إبراهيم (ع).

النبي (ص) قام يكثير من المعجزات في حياته كالإسراء و المعراج و شق القمر و معجزات للنبي (ص) أُخرى. و لكن أكبر معجزة له أُعطيت من الله سبحانه و تعالى له كانت القرءان الكريم. بينما يُعتبر القرءان التنزيل المكتوب يُعتبر أهل البيت التنزيل الحي و هما لا ينفصلان عن بعضهما إلى يوم القيامة.

بعد وفاة زوجته خديجة (ع) التي كانت تحتل مكانة خاصة في قلبه تزوج 12 مرة و كانت نساؤه مع خديجة (ع) بسبب مكانتهن الخاصة أمهات المؤمنين. فاطمة (ع) كانت الوحيدة من نسله التي ممن بقي على قيد الحياة و الرواية التي تحكي كيف أن النبي محمد (ص) همس في أُذنها شيئاً قُبَيل وفاته أفرحها معروفة و مشهورة. لما سُئلت عن سبب فرحتها أجابت أن والدها أخبرها أنها ستكون أول من يلحق به من أهل البيت (ع).

عند رجوعه من حجة الوداع بلغ الرسول محمد (ص) مرة أُخرى مؤكداً في غدير خُم من خليفته من بعده.ا

و بعد أن أُنزلت عليه آخر آية من القرءان الكريم توفي النبي محمد (ص) في 28 صفر في السنة الحادية عشر للهجرة الموافق 632 ميلادي عن عمر يناهز 63 عاماً. الإمام علي (ع) قام بغسل الميت للنبي (ص) و كفنه و دفنه بينما كان آخرون مشغولون في السقيفة بالشجار على خلافته.

المسلمون يُرفقون ذكر محمد (ص) بالصلاة عليه عندما يسمعون أو يقولون اسمه.

من ألقابه المتعددة حبيب الله والصادق الأمين والمصطفى و مدينة العلم ورحمة للعالمين و لقب إمام الرحمة الذي ورد في دعاء التوسل.



منقول