صرح مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية بأن تسليم الفلسطينيين وثائق الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة سيؤثر على المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ، في مساومة مكشوفة الغرض منها ابقاء هيمنة اسرائيل على المفاوضات . وقال المسؤول: “لن يكون مفاجأة أن تظهر تداعيات لهذه الخطوة”، مضيفا “لعبت المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية دورا مهما في تعزيز الاستقرار والازدهار ليس بالنسبة للفلسطينيين وحدهم بل وبالنسبة لإسرائيل أيضا”. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع الأربعاء 31 ديسمبر/كانون الأول على اتفاقية الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية وإلى نحو 20 منظمة واتفاقية دولية أخرى، وذلك بعد فشل مشروع قرار إنهاء الاحتلال. وأفاد مندوب فلسطين في الأمم المتحدة أن فلسطين انضمت للمحكمة الجنائية كخيار سلمي لملاحقة “المجرمين” الإسرائيليين قضائيا، مذكرا بطرح فلسطين كل الملفات التي تتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين. وللوقوف على حقيقية الاسباب والمبررات التي دفعت الجانب الامريكي لمساومة الجانب الفلسطيني بعد الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية .. نورد الوصف القانوني الذي فصله الأستاذ الدكتور كريستيان توموشات زميل كلية الحقوق بجامعة هومبولت في برلين وكما يلي : أولا : وقبل كل شيء، يجب التصديق على نظام روما الأساسي، الذي يشكل الأساس للمحكمة الجنائية الدولية. ومن المحتمل أن يحدث ذلك في الأيام المقبلة. ولقد اعترفت الجمعية العامة (للأمم المتحدة) بفلسطين كدولة. وبهذا يكون قد تم التغلب على كافة العوائق القانونية. وكدولة موقعة على ميثاق المحكمة فبإمكان فلسطين بعد ذلك تقديم دعوى بسبب حالة معينة، أي بسبب ارتكاب جريمة نص عليها النظام الأساسي (للمحكمة). لكن لماذا لم تتبنَ كل الدول نظام روما الأساسي (للمحكمة الدولية الجنائية)؟ يقف وراء ذلك الخوف من إمكانية مقاضاة رعايا تلك الدول من قبل المحكمة الجنائية الدولية – بالطبع بالوسائل القانونية. وهذا ينطبق بشكل خاص على الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترى أن محكمة جنائية دولية كهذه لا لزوم لها، ويمكن أن يساء استخدامها لأغراض سياسية. ونفس الكلام ينطبق على الصين وروسيا أيضا. ولم تخضع أي من الدولتين لاختصاص، المحكمة الجنائية الدولية- لأسباب مشابهة جدا. ففي نهاية الأمر يعني قبول نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تكون للمحكمة سيطرة على سياسة الدول الموقعة عليه، وهذا ما لا تريده الحكومات. وهذا ينطبق أيضا على إسرائيل. وفي الوقت نفسه يبدو أن طلب الفلسطينيين (الانضمام للمحكمة) يضع الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط. لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد رد على مخالفة الفلسطينيين بالتهديد بأنه هو أيضا يريد أن يقدم شكاوي (للمحكمة) ضد القيادة الفلسطينية. فهل هذا ممكن حتى من دون أن تنضم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ يجب على إسرائيل القيام بذلك (الانضمام للمحكمة) أولا. فالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية تمتد على مواطني كل الدول الموقعة على ميثاقها، ولكن أيضا على الأفعال التي ترتكب على أراضي الدول الأعضاء فيها. وإذا ما تم الاعتراف بفلسطين كطرف موقع (على ميثاق المحكمة)؛ فعندئذ تكون جميع الجرائم الخطيرة التي سترتكب في الأراضي الفلسطينية أو التي ارتكبت، من قبل جنود إسرائيليين مثلا تخضع للولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية – على الأقل من وقت الانضمام (للمحكمة). ولذلك فسيكون لهذا تأثير في المستقبل. مختارات ألا ينطبق ذلك على الجرائم المرتكبة في الماضي؟ بالتأكيد لا. فإن المبدأ الأساسي في قانون العقود، هو أن جميع الحقوق التي تنشأ من العقد تكون واجبة دائما فقط من تاريخ التصديق عليه. وعلى كل حال، فهذا شيء يمكن أن يكون سلاحا سياسيا هاما للفلسطينيين أيضا بالنسبة للمفاوضات مع إسرائيل. لكن هل من الحكمة استخدام هذا السلاح، وهل سيتواصل ذلك عموما؟ فهذا سؤال آخر. لماذا؟ لأنه ستكون هناك نزاعات وصعوبات لا نهاية لها، وبخاصة في التحقيق في الجرائم التي يجب جمع أدلة عليها. ومن الواضح تماما أن الحكومة الإسرائيلية تشعر أنها تتعرض لضغوط، ولن تكون مستعدة لتقديم أي تنازلات في المفاوضات. لو كنت في الجانب الفلسطيني لصادقت في البداية على اتفاقيات القانون الدولي الأخرى المتعددة الأطراف وميثاق حقوق الإنسان، قبل أن أخطو تلك الخطوة النهائية، ثم أنضم أيضا إلى نظام روما الأساسي. فمن الواضح أن هذا سيزيد بقوة من حدة التوترات.

أكثر...