(المستقلة)..في مثل هذا اليوم السادس من كانون الثاني من عام 1921 انطلق اول تشكيل في الجيش العراقي باسم فوج الامام موسى الكاظم ليكون نواة لجيش وطني سجل ومازال اروع صور البطولة والتضحية في الدفاع عن الوطن. واذا كانت النقاط المضيئة في تاريخ هذا الجيش معروفة للجميع فأن ما حدث في عام 2003 والذي اتبع بقرار الحاكم المدني الامريكي بريمر بحل الجيش العراقي بعد الاحتلال الامريكي للعراق يعد نقطة فارقة وضعته في ظروف صعبة ،سواء بالنسبة للمقاتلين الذين كانوا ينضوون تحت هذا العنوان الكبير ، او لاولئك الذين سعوا الى اعادة تكوينه وتشكيله وفق اسس جديدة تتلاءم والوضع العراقي الجديد الذي افرزته عملية تغيير النظام السابق ،وبناء نظام جديد جعل اساس الجيش التطوع والانتماء مع الغاء قانون الخدمة الالزامية. واذا كانت الاحداث المتسارعة قد جعلت الجيش العراقي بشكل مباشر امام تحديات جديدة تمثلت بالهجمات الارهابية ومواجهة صراع داخلي شرس الى جانب القوات الامنية الاخرى ، فأن ما حدث في عام 2014 ولاسيما بعد احداث الموصل يجعلنا امام اكثر من علامة استفهام ازاء بناء القوات العراقية المسلحة التي خسرت الالاف من الشباب المنتمي اليها بسبب سوء القيادة والتخطيط والذي ذهب بالبعض الى اتهام ضباط كبار بالتقاعس ،وربما الخيانة حسب وصف عدد من الساسة بسبب الصدمة التي سببها سقوط الموصل وتكريت بيد تنظيم داعش الارهابي ووقوع عدد كبير من الجنود والوحدات العسكرية ضحايا الارهاب بسبب الفوضى التي تسبب بها ذلك ، والتي كان يمكن ان تؤدي الى ماهو اكثر من ذلك ،لاسامح الله ، لولا تدخل المرجعية الدينية ودعوتها ابناء الشعب للتطوع ومساندة الجيش وتشكيل ما عرف لاحقا بالحشد الشعبي.وهو الامر الذي دفع برئيس الوزراء حيدر العبادي الى حلّ مكتب القائد العام بعدما تكبد العراق خسائر جسيمة بسبب سوء قيادته للعمليات العسكرية . العديد من الصفقات التي ابرمت لشراء طائرات ومدرعات وغيرها من التجهيزات مع روسيا وامريكا واوكرانيا وبلدان اخرى ،لم تسعف ابناء الجيش العراقي في  الحصول على ما يلزمهم من سلاح وعتاد ،فحاصرتهم مجاميع ارهابية يبدوا للاسف انها كانت افضل تسليحا منهم في معادلة محيرة تجعلنا نتساءل من المسؤول. التساؤلات التي اثيرت بشأن ذلك كثيرة اهمها عن الاموال التي صرفت طيلة 10 اعوام تحت عنوان تجهيز الجيش وتسليحه والتي زادتها حيرة موضوع الطائرة التي حطت في مطار بغداد وهي محملة بالاسلحة وما زال موضوعها مبهما ، تساؤلات عديدة واشارات واضحة بشبهات فساد قد تطول قيادات عليا وضباط كبار. واذا كانت بوادر جدية باعادة بناء الجيش العراقي على اسس رصينة ووطنية قد ظهرت على الساحة مع تشكيل الحكومة الجديدة والبدء بالكشف عما عرف بـ(الفضائيين) الذين كانوا يستهلكون نسبة كبيرة من موازنة الجيش ، فأن ما يدعو اليه المواطن اليوم هو محاسبة المسؤول عن انهيار سمعة الجيش العراقي الذي عرف بصولاته وجولاته امام اعتى الجيوش ، والذين جعلوه يقف اشبه بالعاجز امام جماعات ارهابية تفتقر للكثير مما يجب ان يتوفر في الجيش. ان بناء الجيش العراقي يجب ان يكون على اسس علمية ووطنية وان يكون الشعار المرفوع (الولاء للعراق) شعارا للتطبيق لا مجرد كلمات على الحيطان ، فجيش البواسل قادر اذا ما توفرت له القيادات الوطنية المخلصة العابرة للقومية والطائفة ، على ان يعيد بناء نفسه وان ينهض ليس فقط لمواجهة الجماعات الارهابية بل لطردها بشكل كامل من ارض العراق والحفاظ على امن البلد من عبث العابثين. لقد اعيد بناء الجيش بعد 2003 على اسس طائفية وعرقية ، الامر الذي جعله يصل الى المرحلة التي وصل اليها ،والان المطلوب اعتماد الروح الوطنية لاعادة البناء والثقة ،ولاسيما ان العراقيين مازالوا وسيبقوا ينظرون الى جيشهم نظرة حب واعتزاز وتقدير . فانه الجيش العراقي ذلك العنوان الذي نريد له ان يبقى كبيرا.        

أكثر...