تاريخ الهند الحديث يعود تاريخ الهند الحديث إلى بداية قيام الامبراطورية المغولية التي أنشأها الامبراطور بابر Bãbur ت(1483-1531) من أحفاد تيمورلنك، فقد خلف بابر والده في الثانية عشر من عمره على مملكة ماوراء النهر، فنازعه أعمامه على ملك أبيه، لكنه تغلب عليهم بعد عدة معارك، وحينما استقام له الأمر أخذ يتطلع إلى ضم الأقاليم التي استولى عليها في يوم من الأيام جد والده تيمورلنك ، فاستولى على السند سنة 1518 وعلى لاهور سنة 1523 منهياً بذلك حكم أسرة اللوديين التي أنشأها الملك بهلول اللودي في لاهور سنة 1451 واتخذ بابر مدينة أكرا عاصمة له. وبعد وفاته تقلد عرش البلاد ولده وولي عهده همايون شاه Humayun ت(1531-1555) الذي واجهت البلاد في أيامه محناً عصيبة، إذ تمرد عليه أشقاؤه من جهة وبعض أمراء الأقاليم وفي مقدمتهم شيرشاه SherShah السوري (نسبة إلى قبيلة سور الأفغانية) من جهة أخرى، فلجأ همايون إلى إيران حيث مكنه الصفويون من استرجاع ملكه، وبعد وفاته أصبح ولده جلال الدين أكبر Akbar ت(1566-1605) امبراطوراً على الهند، وخاض عدة حروب ضد المتمردين وأخضع لسلطانه شمالي الهند ووسطها والبنغال وأفغانستان إلى جانب السند وكشمير وكجرات، وقام بتنظيم البلاد وأجرى فيها إصلاحات واسعة، وفي آخر عهده منح بريطانيا امتيازاً يقضي بإنشاء وكالة تجارية في سورات على الساحل الغربي للهند تابعة لشركة الهند الشرقية لاحقاً، وبعد وفاة جلال الدين أكبر تقلد الحكم ولده جهانكير Jahangir ت(1605-1627) الذي تميز عصره بالصراعات الداخلية مابين أفراد أسرته، لكنه تجاوزها بحكمة زوجته نورجَهان NurJahan ذات النفوذ الواسع داخل البلاط الملكي. وقد تميزت سياسة جهانكير باللين والتسامح إزاء الهندوس، وشهدت البلاد ازدهاراً ملحوظاً في مجال الآداب والفنون وتعد المذكرات التي كتبها بيده (جهانكير) من أروع المؤلفات في عصره. وبعد وفاته سنة 1627 تقلد الحكم ولده شاه جهان Shah Jahan الذي حفلت أيامه بتمرد بعض حكام الأقاليم ولكنه تمكن بالنهاية من إحكام قبضته على البلاد وسلك سياسة جده التوسعية فأخضع الدكن سنة 1635، وينسب إليه القضاء على النفوذ البرتغالي في الهند، وقد بلغت الامبراطورية في عهده أوج اتساعها وقام بنقل العاصمة من أكرا إلى دلهي 1648. وقد امتاز شاه جهان بولعه الشديد بالفنون العمرانية التي تعد اليوم من مفاخر الهند الكبرى، فقد أنشأ لال قلعة (القلعة الحمراء) في دلهي وبداخلها المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤة، ومن آثاره مقبرة تاج محل Taj Mahal في أكرا التي شيدها تكريماً لزوجته ممتاز محل المدفونة فيها، وينسب إليه إنشاء حديقتين رائعتين في كل من لاهور وكشمير، وفي آخر مدته نشأ خلاف بين أبنائه الأربعة انتهى بغلبة أورانغ زيب Aurangzeb الذي قام باعتقال والده شاه جهان وأبقاه في سجنه حتى وافاه الأجل سنة 1666.

مكث اورنغ زيب نحو خمسين عاماً في الحكم قام في أثنائها بإصلاحات مهمة على الصعيدين الإداري والاقتصادي، وفي عهده الطويل افتتحت مئات المدارس والأربطة ودور العجزة إلى جانب المساجد التي من أهمها مسجد باد شاه في لاهور وهو أكبر مسجد في العالم الإسلامي في وقته، وأمضى هذا الامبراطور شطراً كبيراً من حياته فاتحاً، وقد أدركته الوفاة سنة 1707 وهو في ميادين القتال. ويعد أورنغ زيب آخر الأباطرة الستة المعروفين بأباطرة المغول العظماء، وبعد وفاته دخلت شبه القارة الهندية مرحلة من الفوضى أدت إلى انشقاقات سياسية كبرى، مكنت شركة الهند الشرقية البريطانية - التي وسعت أعمالها وأقامت عشرات المراكز التجارية في عموم سواحل الهند- من زيادة نشاطها التجاري من جهة، والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلاد من جهة أخرى، إلى الحد الذي أخذت فيه تتحكم بمصير البلاد بطرق مباشرة وغير مباشرة. وحين أدرك بعض أحرار الهند المرامي الحقيقية للوجود البريطاني في الهند أخذوا يعملون على الحد من امتداداتهم، الأمر الذي تطور إلى صدامات عسكرية، كان أبرزها في بلاسي Plassey ت(1757) وبوكسار Buxar ت(1764)، ولما أخفق الهنود في التصدي للبريطانيين - الذين غدوا في الهند سلطات حاكمة أكثر منهم تجاراً- راحت هذه السلطات، تسيطر على المناطق والأقاليم الهندية واحداً تلو الأخر فاحتلت دلهي وأ گرا (1803)، إلى أن سقط البنجاب وكان آخرها سنة 1848م.