بولا برودويل... صائدة رئيس الإستخبارات الأميركية تجيد لغة الضاد


كثيرة هي المحطات الحافلة في المسيرة الأكاديمية والمهنية لبولا برودويل عشيقة وصائدة مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي آى أيه" ديفيد بترايوس، فهي تمتلك مخزونا ثقافيا كبيرا توجها نجمة لامعة في سماء إبداع الكتابة على مستوى جغرافيا الولايات المتحدة.
محمد الأمير من واشنطن: لازم التفوق حياة بولا برودويل منذ الصبا، فقد كانت الطالبة المثابرة المتفوقة في مدارس الثانوية العامة، والخريجة من جامعة "ويست بونت"، والبطلة الرياضة التي عُرفت بقوة اللياقة البدنية واحترافها لعبة كرة السلة. ذات القوام الرشيق نجحت في إجبار شركات تصنيع الأسلحة على الاستعانة بها كموديل من أجل ترويج الأسلحة الرشاشة.
برودويل تحوز شهادة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد العريقة، وتعكف حالياً على إكمال شهادة الدكتوراة في قسم الدراسات الحربية بكلية كينغز بلندن.
لكن ماهو ملفت في االطريق الأكاديمي المنير لبرودويل خاطفة مدير الـ"سي آى أيه"، المؤسسة العسكرية الأقوى في الولايات المتحدة، هو إجادتها اللغة العربية الفصحى ومعرفتها بثقافة الشرق الأوسط بشكل دقيق ومفصل، حيث نهلت بلاغة وآداب ومفردات لغة الضاد داخل أروقة حرم الجامعة الأردنية بعمان.
وعاشت برودويل (40 عاماً)، في الأردن كطالبة شغوفة لكل ما يمت بما هو عربي من باب إكتشاف "الآخر المخيف"، ليس عبر الدراسة النظرية التي توفرها أصلاً العديد من الجامعات ومعاهد الدراسات الإستراتيجية المنتشرة في الولايات المتحدة، وانما الذهاب الى واحد من مضارب اللغة العربية في الشرق الأوسط، وتحديداً المعهد الدولي للغة العربية لغير الناطقين بها بالجامعة الأردنية.
وإرتأت العاشقة برودويل، المتخصصة في مجال الإرهاب، والتي تحولت هنا الى مادة إعلامية دسمة فور إعلان مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية " سي آى أيه" ديفيد بترايوس تنحيه عن منصبه بسبب إقامته علاقه معها خارج إطار الزواج، أن تفهم الثقافة العربية عبر إجادة لُغتها ليس من أجل الإرتقاء في السلم الوظيفي فحسب، بل إدراكاً منها ان اللغة العربية ضرورة يقتضي إكتسابها من أجل تعزيز حضورها في دوائر صنع القرار الأميركي لاسيما تلك المرتبطة بالأمن القومي.
ولاقى تعلم اللغة العربية في الولايات المتحدة رواجاً بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، وشهدت اهتماماً ملحوظاً لدى شريحة كبيرة من المجتمع الأميركي، إذ عزاه البعض الى الفضول وحب الإطلاع الذي برز لمعرفة المزيد عن العالمين العربي والإسلامي، وكيف طريقة تفكيرهم تجاه الولايات المتحدة، فيما رأى آخرون أن الطلبة الأميركيين يقبلون على دراسة العربية تزويداً لمهارات تساعدهم على إقتناص الفرص الوظيفية الحكومية وتحديداً الأمنية منها.
وتُعد برودويل المتزوجة من طبيب أشعة وأم لطفلين، واحدة من ضمن 14 ألف أميركي قتلهم حب اللغة العربية، فبحسب كلام الدكتور جيري لامبي المستشار الدولي للغات والثقافات، والذي يشرف على برامج اللغة العربية في العديد من الجامعات الأميركية لـ"إيلاف":" أن عدد الدارسين منذ أحداث سبتمبر عام 2001 إزداد بصورة مطردة ووصل عددهم إلى 14 الف شخص لإدراكهم أن التمكن من العربية يفتح لهم أبواب الوظائف في القطاع العام وخصوصًا في مؤسسات الجيش والاستخبارات وغيرهما من وكالات الأمن القومي الأميركي".
ولم يقتصر الاهتمام بتعليم اللغة العربية الذي تماهت وتفاعلت معه برودويل، على مراكز الشرق الأوسط وأقسام اللغات بالجامعات الأميركية فحسب، بل أصبح ضرورة للأمن القومي الأميركي، إذ يقوم مكتب مخابرات الأمن القومي الأميركي بالتنسيق بين جهود ثلاث وزارات أميركية، هي الخارجية والدفاع والتعليم، للدّفع باتِّـجاه تعزيز تعليم اللغة العربية، ابتداءً من مرحلة الحضانة وحتى الجامعة وتشجيع العاملين في الحكومة على الانخراط في برامج لتعليم اللغة العربية.
ولاشك أن إلمام برودويل باللغة العربية ساعدها على قراءة مشهد الحركات الجهادية وفي مقدمتهم تنظيم القاعدة، بشكل واضح ومعمق ووجدت سهولة في تتبع حركة الشبكات الإرهابية عن كثب ومتابعة المواقع الألكترونية والمنتديات الحوارية الخاصة بهم، والتي عادةً ما تنطق باللغة العربية.
وتفردت السيدة برودويل، التي شوهت بعلاقتها الغرامية سمعة العسكري المُبجل لدى عموم الأميركيين، باللسان العربي الفصيح مما سهل أمر تفوقها على كثير من أقرانها الأميركيين الرجال والنساء المتخصصين في مجال الكتابة عن الحركات الجهادية في العالم الإسلامي.

ولأنها قرأت الكثير عن منطقة الشرق الأوسط واطلعت على خفاياها وأسرارها، ولفهمها للثقافة العربيّة، نجحت برودويل في كتابة السيرة الذاتية لمدير وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي آى أيه" ديفيد بترايوس، والذي كان في مقدمة الجحافل العسكرية الأميركية التي غزت العراق وافغانستان، وقدمت برودويل معلومات مهمة في ثنايا الكتاب بأسلوب مذهل جعل دور النشر في الولايات المتحدة الأميركية يصنفونه بالكتاب الأهم للعام 2012.