(المستقلة)… حققت أسعار النفط الخام مكاسب بأكثر من 8%، مسجلة أكبر ارتفاع يومي لها منذ عامين ونصف العام. فإن تجاوز برنت لسعر 53 دولاراً في آخر تداولات الجمعة كان علامة فارقة أنهى استمرار التراجع، متأثراً بصدور بيانات أظهرت أن شركات التنقيب الأميركية تقلص أنشطة البحث عن النفط الصخري. وفي صعود قد يطلق تكهنات بأن مسلسل انهيار الأسعار قد انتهى قد يبدو متفائلا رغم ارتفاع سعر العقود الآجلة لخام برنت 3.86 دولار عند التسوية إلى 52.99 دولار للبرميل بعدما قفز إلى 53.08 دولار. في حين أغلقت عقود النفط الخام الأميركي التعاملات مرتفعة 3.71 دولار إلى 48.24 دولار للبرميل بعدما قفزت حوالي ثلاثة دولارات في الساعة الأخيرة من التعاملات. خروج منصات الحفر الصخري ووفق “بيكر هيوز” فإن صناعة النفط الأميركية قد شهدت مزيداً من خروج منصات التنقيب هذا الأسبوع مع بقاء الأسعار دون 50 دولاراً وتخفيض العديد من البنوك وبيوت الخبرة توقعاتها للنفط. وأشارت “بيكر هيوز” وهي شركة الخدمات النفطية إلى أن عدد المنصات التي خرجت من الخدمة 94 ليكون أكبر انخفاض أسبوعي منذ عام 1987، ليكون العدد العامل منها عند 1223 منصة وهو الأقل في ثلاث سنوات. في حين شهدت تكساس وحدها انخفاضاً بلغ 58 منصة إلى 695 بالمقارنة مع 840 منصة في بداية يناير الحالي. وفيما يخص العدد الإجمالي لمنصات النفط والغاز العاملة بالولايات المتحدة فقد سجلت تراجعاً بحوالي 90 إلى 1543 منصة. وعلق الخبير في شؤون النفط محمد الشطي في اتصال مع “العربية.نت” قائلا إن وتيرة صعود النفط في آخر جلسات التداول قد تعكس ملامح المرحلة المقبلة، وقال” بات النفط من السلع الهامة لضمان تواصل الأنشطة الاقتصادية حول العالم، وهو الذي يحرك أسعاره ارتفاعاً أو انخفاضاً، وبالتالي فإن أي تغيير سيكون له آثار في كلا الاتجاهين “سلباً وإيجاباً”، ولا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها لأنها تؤثر على منتجيه ومستهلكيه. ارتفاع مفاجئ وقال “بغض النظر عن الارتفاع المفاجئ للأسعار فهناك اتفاق على أهمية عدة عوامل في التأثير على حركة الأسعار وقيادتها، إما ارتفاعا أو انخفاضا على رأسها العرض والطلب على تلك السلعة، فضلاً عما يحدث داخل سوق تداوله في البورصات”. وقال “في ظل وضوح مفهوم العرض والطلب إلى حد كبير رغم تعقيد تفسير تحركه تبقى بعض الصعوبة لدى الكثيرين في تتبع وفهم تحرك “العقود الآجلة” التي تعد بمثابة اتفاق ملزم يعطي الحق في الحصول على كمية من النفط بسعر محدد في موعد محدد في المستقبل، لكن الأمر ليس بهذه البساطة”. وذكر الشطي “إن المشكلة تكمن في العقود الآجلة للنفط في استخدامها من قبل نوعين من المتعاملين، الأول هم المتحوطون مثل شركة طيران تريد التحوط على سبيل المثال من ارتفاع متوقع للأسعار، مستقبلاً لذا تقوم بشراء عدد من العقود”. المضاربون يقتنصون الفرصة أما النوع الثاني فيمثله المضاربون الذين يحاولون الاستفادة من تحقيق أرباح من تذبذب حركة الأسعار من دون حاجة لتفعيل الاتفاق واستلام كمية النفط التي تعاقدوا عليها، فيما تشير إحصاءات بورصة شيكاغو التجارية إلى أن أقل من 3% من التعاملات تتم فعلا لحساب مشترين ينتظرون تسليم السلعة التي اشتروها، والباقي لمضاربين. وأوضح الشطي “أن المؤثرات التي تتحكم في حركة الأسعار صعوداً وهبوطاً هو أيضا ما تقدمه إدارة معلومات الطاقة الأميركية لبعض الرسوم البيانية التي تتقصى تحرك مفهوم العرض والطلب وغيرها من المؤثرات بمزيد من التفصيل”. وحول توقعه لاستمرار ارتفاع الأسعار بتفاوت تدريجي، قال الشطي “رغم التعافي المحدود للأسعار فإن المعروض من الدول خارج “أوبك”: لا يزال عالياً أيضاً تقدم هذه الدول حوالي 60% من الإنتاج العالمي بما فيها أميركا الشمالية، وإنتاج بحر الشمال، ومشكلتها عدم وجود قرار ملزم أو منظمة مثل “أوبك” يدير آليات تحرك الإنتاج، وتتحرك كرد فعل لتغير الأسعار في محاولة لتعظيم الاستفادة”. تحرك الأسعار وقال إن “المعروض من “أوبك” على الرغم من تشكيك البعض في دورها في التأثير على تحرك الأسعار، أظهر قرار “أوبك” بالإبقاء على سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يومياً في نوفمبر أثراً واضحاً في سوق النفط، خصوصا مع دور كبير للسعودية داخل المنظمة. في الوقت ذاته تشير الإحصائيات إلى أن الطلب من دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى وجود زيادة حادة في استهلاك النفط في الدول من خارج المنظمة المعروفة اختصارا بـ oecd خصوصاً من الصين، والهند والسعودية، مع تناقص في المقابل في استهلاك دول المنظمة خلال الفترة بين عامي 2000 إلى 2010. وبالطبع فإن النمو الاقتصادي في تلك الدول خارج المنظمة ساهم في رفع كمية النفط المستهلك”. وأبان الشطي في جانب آخر من حديثه أن أعداد المشاركين في سوق النفط في تزايد، فمنهم الذين يدخلون بأهداف مختلفة، حيث تبقى فئة المضاربين لها اليد العليا والتي تشمل العديد من المصارف، وصناديق التحوط، ومديري صناديق الاستثمار والأصول. وقال “بالطبع إن محاولة هؤلاء تحقيق أقصى استفادة من تذبذب الأسعار فقط دون الاهتمام بالسلعة ذاتها يترك أثراً في النهاية على حركة الأسعار مع تزايد مشاركتهم بالسوق”. وحول استجابة حركة الأسعار للاضطرابات الجيوسياسية، قال “هذا المتغير صار محل شك لدى البعض أخيراً خصوصا مع حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا، وتراجع إمداداتها، حيث ساهمت الزيادة في الإنتاج الأميركي بجانب نمو إمدادات العراق في تعويض ذلك”. حركة أسعار النفط بين العرض والطلب لكن تبقى استجابة حركة الأسعار لقرارات “أوبك” بخفض الإنتاج واضحة كما تشير الدوائر الزرقاء، وكذلك للثورة الإيرانية وحرب أكتوبر 1973. في الوقت ذاته عددت شركة “كوفر جلوبال سوليوشنز” التي يقع مقرها في هيوستن وهي مهتمة بتوفير العمالة للشركات العاملة في النفط والغاز عشرة عوامل تؤثر في تحرك الأسعار تتشابه إلى حد كبير مع ما تم ذكره سلفاً: أوبك، العرض والطلب، القوانين المقيدة من قبل دول كبرى منتجة، عدم الاستقرار السياسي، الإنتاج، الأسواق المالية، الطقس، الطلب من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تغير سعر صرف الدولار. ويعد العامل الأخير مهما وكان مؤثرا إلى حد ما في الهبوط الأخير الذي تعرض له سعر برميل النفط، حيث ساهم ارتفاع قيمة الدولار أمام العديد من العملات خصوصا الرئيسية في الضغط على تحرك السلع. يشار إلى أنه […]

أكثر...