الدكتور عبدالقادر القيسي إحدى الأمهات كانت تجوب بهو المحكمة والقلق باد على وجهها عبرت عن قلقها لعدم جلب ابنتها الموقوفة على ذمة قضية سياسية معروفة لموعد المحاكمة ولأكثر من عشر مرات وأخرى تذمرت ايضا من التأجيل المتواصل لقضية ابنها المتهم بالسرقـــة، مما أثر في صحتها خاصة وأنها تعاني من مرض السكري وأكدت إحداهن أنها لا تعرف كيف تستقي المعلومة فكل من تقصده للاستفسار يحيلها لغيره، فحتى محاميها لم تعد لها ثقة به واعتبرته من الطامعين في مالها فكيف لقضية يتم التلاعب بحضور المتهمين من قبل بعض عناصر السلطة التنفيذية وبطريقة تخضع للمساومات وبورصة الرشاوى، وهناك مئات الحالات لمعتقلين يقبعون في السجون لسنوات بسبب تلك الممارسات، والمشكلة ان بعض السادة القضاة لم يكونوا فعالين في محاسبة المقصرين، وقسم منهم يكتفي بإصدار كتاب لجهة التوقيف على ضرورة الاحضار في موعد المحاكمة القادم، وأيضا لن يتم احضار المتهم الموقوف، في ظاهرة مؤسفة في عدم احترام أوامر السلطة القضائية لانهم في امان من العقاب،  اضف هناك الكثير من الدعاوى الشرعية والمدنية أيضا يشوبها التأخير غير المبرر. أغلبية الزائرين لمحاكمنا بكافة أنواعها، عبّروا عن تذمرهم من كثرة المراجعين ومن غياب الارشادات الضرورية ومن البطء الكبير في النظر في قضاياهم علاوة على تعرض عدد كبير منهم لمظالم متعددة، الكثير من المواطنين يصابون بالصدمة تخلف لهم امراض مزمنة نتيجة المداهمات العشوائية او مداهمة الأجهزة الأمنية على منازلهم بتهم متعددة خصوصا الإرهاب(وهذا ما حصل مع عائلتي عندما دوهمت بعد منتصف الليل وتم ارعابهم وتخويفهم وقد تعرضت ابنتي وابني الصغير لحالة نفسية صاحبتهم لشهور إضافة الى تركهم البيت الذي عشنا فيه واهلي منذ عام 1948 في بغداد وعلى تهمة سياسية لا ناقة لي فيها ولا جمل)) ونتساءل في هذه الحالة عمن يشفي الابن او البنت او الرجل الكبير من مرضهم من يعوضهم؟. سلوكيات بعض الموجودين بمرفق القضاء، تعكس انعدام الثقة في الجهاز القضائي، فبهو المحكمة يحكي آلاما وقصصا تدمي القلوب لأناس مروا من هذا المكان ليكون الحكم المنطوق من القاضي محددا لمصيرهم. السلطة القضائية في حاجة الى تســريع عـدالــتها حتى لا تنتهك حقوق المتقاضين إن التباطؤ الكبير في النظر في القضايا المطروحة لدى المحاكم ببلادنا يمثل نقطة سوداء في مجال العدل والعدالة ومسألة تتطلب العناية والاصلاح فأغلبية المواطنين الذين أضر بهم هذا التباطؤ أصبح لديهم شك في مدى استعداد السلطة القضائية لحماية حقوقهم وهو ما ولّد لديهم الشعور بعدم الثقة في هذه المؤسسة المسؤولة عن ضمان حقوقهم مقابل ذلك تؤكد عديد الأطراف على ان التباطؤ في انجاز القضايا يعود بالأساس الى ارتفاع عددها خاصة بعد الاحتلال مقارنة بعدد القضاة مما يجعل امكانية انجازها في فترة زمنية معقولة أمرا مستحيلا، وهناك صعوبة في الحصول على الاحصائيات التي قد تبرر حجم المظلمة التي يتعرض لها المتقاضون وايضا تلك التي قد تثبت ان هناك تفعيلا للقانون الضامن للتعويض للمواطنين المتضررين. ان الخوض في ظروف عمل العدالة القضائية ببلادنا يدعو الى دق ناقوس الخطر خصوصا إذا كان الجهاز الضامن لحقوق الانسان ينتهك في بعض الاحيان حقوقهم !! وهنا تكمن المفارقة التي صدمت المواطن وجعلت ثقته في المؤسسات القضائية ضعيفة جدا، فعن اي عدالة نتحدث وحقوق بعض المواطنين تنتهك وأموالهم تستنزف والنطق المتأخر للأحكام في قضاياهم قد غيّر مصير حياتهم او أضر بها؟ . المواطنون عبّروا في عديد المناسبات عن تذمرهم من البطء الكبير في حلّ قضاياهم وتعرضهم لمظالم كبيرة، فبعض القضايا تدوم مدة تداولها شهور وسنين ثم يكون الحكم بعد ذلك بالأفراج او براءة المتهم او برد الدعوى او ابطالها وتضيع الشهور والسنين من حياة المدعي او الموقوف بل ويتغير مجرى حياته إلى الأسؤ. إذا أردنا استقلال القضاء فإنه ينبغي أن يبقى دائما مرتبطا بمبدأ المسؤولية الذي أصبح من المبادئ المسلم بها في مختلف الدول وإخضاع أعمال السلطة القضائية لرقابة المحاكم والاعتراف بشرعية التعويض عن الأضرار الناشئة عنها الذي يعتبر إحدى مظاهر التطور الذي شهدته المسؤولية العامة،  وكنت أتمنى ان ينص الدستور العراقي لعام 2005 النافذ على مبدأ تعويض المتضرر كما هو حال اغلب الدساتير ومنها الدستور المغربي في (فصله 122) لمبدأ المساءلة الذي جاء في طياته “يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة” تكريسا لهذا التطور ودعم دولة الحق والقانون واستكمالا لمبدأ مسؤولية الدولة عن أعمال سلطاتها الثلاث، وبالتالي تمكين المتقاضي من مساءلة السلطة القضائية كأساس تنهض عليه استقلالية القضاء، والسؤال الذي يتظاهر لدى جميع المختصين، هل يعد البطء والتأخر في تسوية النزاعات القضائية وإصدار الأحكام بشأنها خطأ قضائيا تسأل عنه الدولة؟ لقد استند مجلس الدولة الفرنسي في حكمه إلى الفصل السادس من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في فقرته الأولى التي تنص على أن “لكل شخص الحق في أن تسمع دعواه هيئة محكمة بصورة عادلة وعلنية خلال مهلة معقولة والفصل الثالث عشر من هذه الاتفاقية الذي اقتضى أن: “لكل شخص تنتهك حقوقه وحرياته التي تكفلها هذه الاتفاقية الحق في مراجعة مجدية أمام محكمة وطنية، حتى ولو كان هذا الانتهاك قد حصل عبر هيئة أثناء ممارستها وظائفها الرسمية”. استنادا لهذين الفصلين فإن للمتقاضين الحق في أن يفصل القضاء في قضاياهم خلال مدة معقولة، وإذا نجم عن التأخير في إصدار الحكم في مدة معقولة أضرارا، فإنه يجب أن يحصل هؤلاء المتقاضين على التعويض عن الأضرار التي سببها السير الخاطئ للمرفق العام القضائي (محكمة بداءة مثلا). وان تقدير الفترة المعقولة لإصدار الحكم يكون خاضعا لمعطيات تجعل هذه الفترة مختلفة بين قضية واخرى، حيث تؤخذ في احتساب الفترة المعقولة، استعمال الوسائل والمتطلبات المعطلة للنظر في الدعوى وتصرفاتهم خلال سير المحاكمة، أو مدى اشتمال الدعوى على نقاط قانونية تحتاج إلى دراسة خاصة. باعتماد هذه المعايير تكون المحاكم بمختلف درجاتها قد أصابت، لأن الفترة الفاصلة بين تقديم الدعوى وإصدار الحكم في أي قضية يجب مراعاته، حيث وجدنا دعاوى عديدة بلغت مددها خمس الى سبع سنوات من أجل حل نزاع لا توجد فيه أية صعوبة خاصة، هي فترة طويلة جدا وهذا ما يستوجب جبر الأضرار المادية والمعنوية لوجود علاقة سببية ومباشرة نجم […]

أكثر...