سلاما ياعراق
أبوي ما يكدر بس على أمي
هاشم العقابي

أسمعتم بأرض كانت غارقة بطوفان على مدى ثمانية أعوام ثم خلال أشهر تصير صحراء قاحلة؟ وان صارت كذلك فكم، يا ترى كان عدد الشفاطات العملاقة التي شفطت المياه؟ فأراهنكم لو أنكم قلّبتم موسوعة غينيس من الباب إلى المحراب فلم ولن تجدوا فيها رقما قياسيا واحدا من هذا النوع. هكذا كانت ميزانية العراق الطوفانية. مليار ينطح مليارا. وكانت تكفي لأن تغمر أرض العراق من أقصاه إلى أقصاه بالدولارات. لكن، ولأن من كان بيده أمرها لم يبن لها سدا ولم يحمها من شفاطات المفسدين، أصبحنا ذات صباح بعد رحيله مفلسين.
وسكت الشعب وهو يرى التصحر يغزوه من كل جانب. وصار الفقر يطرق الأبواب ويغزو الطرقات كما غزا الدواعش الموصل وسنجار وتكريت والرمادي. فقر وإرهاب وجهل. وهنيالج يمن بيت عالشط ومنين ما ملتي انكفختي. زين وين راحت ذيج الفلوس الحلوة؟ سكتة يا أم حسن سكتة.
شيخ من أهل الرمادي ذُبح أبناء عشيرته خرج على فضائية عربية قبل أسبوع. نسي أن يبكي الضحايا من أبناء عمومته الذين ذبحهم الدواعش بالمئات وصار يبكي حال جنودنا لحد انه قال بأن الغذاء ينقصهم وليس السلاح فقط. الداعشي يضرب دجاج وأبو خليل يتلقى العجاج.
أما أخو أبو خليل فيقال إن راتبه، إن كان له راتب طبعا، سيقبضه كل أربعين يوما. أعرف أننا لا نبني قبور موتانا إلاّ بعد مرور أربعين يوما على دفنهم. وأعرف أننا اعتدنا على زيارة الأربعين ومن بعدها نفك حزن عاشوراء وصيحة "جابر يجابر ما دريت بكربله شصار" تعيش بين أضلاعنا. لكن أن يصير شهرنا أربعين يوما فهذه هي النار التي لو أوجرها مجلس الوزراء حقا “كلي شيطفيها؟"أراتب هذا أم عزاء عراقي لا ينفض إلا بعد الأربعين؟!
كلا يا مجلس الوزراء. وكلا يا رئيس الوزراء أرجوك تريث. لا تحزن العراقيين أكثر مما بهم من حزن وتشمت بهم الدواعش. سيسجلها التاريخ نصرا للغزاة إن فعلاً زاد شهر العراقيين عشرة أيام لانتظار رغيف عيشهم.
وما ذنب هذا الشعب كي يعاقب بجريرة من شفط الميزانيات البركانية السابقة؟ والى متى يظل مثل أبو كلاش يچد في المساطر وبناته وأولاده يبيعون الكلينكس والأكياس في الطرقات ليأكل أبو چزمة المبحبح في الخضراء؟!
ثم أخيرا وليس آخرا: لشوكت يظل أبوي ما يكدر بس على أمي؟

منقول