لكي تصل الى محمية النجف الطبيعية عليك قطع خمسين كيلومتراً من الأراضي الصحراوية الجرداء غرب محافظة النجف، وفي هذه الأرض القاحلة التي لا ترى فيها سوى الشاحنات التي تنقل الرمل والأحجار من المقالع لا يمكن أن تتخيل وجود منطقة خضراء، ولكن ما أن تلوح لك المحمية الطبيعية حتى ترى أشجار الكالبتوس والنخيل تتوزع بين أرجائها، وما تلبث رائحة الهواء أن تتبدل ومع الدخول من بوابة المحمية لتعيش عالماً آخر يختلف عن الصحراء التي تحيط بها.

يقول مسؤول المحمية عبد الكريم بلال، إن "هذا المشروع من مشاريع الخطة الاستثمارية لوزارة الزراعة، تم إنشاؤه في العام 2007 من قبل مديرية زراعة النجف وقد أقيم على أرض مساحتها 520 دونماً، أحيطت بسياج من الأشجار من أربعة خطوط عددها 16 ألف شجرة، كما تمت زراعة أشجار الكالبتوس والنخيل داخل المحمية موزعة بين واحاتها الأربع ليكون العدد الكلي للأشجار 60 ألف شجرة".

ويضيف أن الهدف من إنشاء المحمية "هو لحماية البيئة الحياتية واللاحياتية في بادية النجف، فالبيئة الحياتية تتمثل بالحيوانات المنقرضة والنادرة مثل النعام الذي انقرض من هذه المنطقة عام 1963، فضلا عن غزال الريم العراقي المنقرض من البادية الغربية، وهناك الآن أكثر من 60 غزالاً في المحمية".

أما ما يخص الحيوانات النادرة "فقد أحضرنا الى المحمية 3 من الابل الوضحة و3 من الخيول، وانواعا من البط العراقي والسوداني والمصري، فضلا عن الاوز العراقي، كما نربي أغنام العواسي العراقية التي بدأت تنقرض من باديتنا وهي تعطي نسبة توائم عالية تصل الى 200 بالمئة، وتيلة صوفها تشبه تيلة صوف أغنام المارينو الاسبانية؛ أي انها مقبولة عالمياً، وكان العراق يضم الملايين منها إلا أنها بدأت تختفي الآن، وبدأنا في المحمية بخمسة عشر رأساً منها وقد وصل عددها الآن الى 23 رأسا من الأغنام، اضافة الى ذلك فهي تصلح أن تكون منتجعاً لأهالي النجف، وقد تمت إضافة 1300 دونم للمحمية مؤخراً لغرض توسيعها من الجهتين الشرقية والجنوبية".

وعن تفاصيل العمل في المحمية حدثنا المهندس الزراعي صفاء محمود قائلاً: "تتوزع الأشجار في المحمية بين خطوط ومنظومات شمالية وشرقية وغربية وجنوبية، وكل منظومة تغذي بحيرة ومجموعة من الأشجار والنخيل، ويصل عدد النخيل في المحمية الى 300 نخلة، فيما يصل عدد الأشجار في كل واحة الى 4 او 5 آلاف شجرة".

ويضيف محمــود أن "الأشجار التي تمـــت زراعتـــها تتـحمل الظــروف الصحراوية، فضلا عن كونها غير مستساغة للأكل عند الحيوانات".

ويؤكد أن "المحمية تعمل الآن على زيادة عدد الأشجار من خلال إنشاء واحتين جديدتين تضم كل منهما خمسة آلاف شجرة، وبذلك فإن المحمية تسعى الى زيادة سنوية في الأشجار تتراوح ما بين خمسة الى عشرة آلاف شجرة، وعند ارتفاع هذه الأشجار فإنها تشكل غابات تكون ملجأً للكثير من الحيوانات وخاصة الطيور".

وتحتل تربية النعام جانباً مهماً من اهتمام المحمية؛ فالنعام له الكثير من الفوائد الاقتصادية، تقول المهندسة الزراعية رجاء علي كاظم انه "وصلنا الآن الى عمر النضج الجنسي للنعام وهي من سنتين ونصف الى ثلاث سنوات عند الذكور لذلك نستطيع أن نباشر بعمليات الترقيد، وتم شراء النعامات بأعمار متقاربة دون تمييز الجنس لأنها لا تتميز إلا عند البلوغ فيكون لون الأنثى قهوائياً فاتحاً بينما لون الذكر أسود فاحماً، ويرجع الاختلاف الى كون الذكر يرقد على البيض ليلاً بينما الأنثى ترقد على البيض نهاراً فيكون اللون وسيلة من وسائل التمويه". وتضيف كاظم: "نحصل من كل نعامة على نسبة تفقيس من 60 الى 70 بالمئة؛ أي من الممكن أن نحصل منها على 42 نعامة في موسم التكاثر".
منقول