سيرة المفرج بن دغفل بن الجراح أمير عرب المفارجة الطائية

المفرج هو أمير العشائر الطائية في بلاد الشام في القرن الرابع الهجري ، وكانت تعرف أيضا بإمارة بنو الجراح نسبة الى جده جراح، وإمارة بنو لام نسبة الى الجد الأعلى، والتي إمتد نفوذها من جبال طيء (شمر حاليا) الى العريش في سيناء، وطبريا في الأردن، وقد سماه المصريون "الأمير البدوي"، لأن عشائر طيء، كانت تستوطن بيوت الشعر ، وتنتقل بها حيثما شاءت، وكان إعتمادها الأساسي في حياتها على الغزو، وما تكسبه من أتاوات، وغنائم، وكانت تعتمد أيضا على الحلال، الإبل والأغنام ولا ثالث لهما.

وبعد وفاته، ووفاة إبنه حسان، تشرذم بنو لام (بنو الجراح) الى قبيلتين ، الأولى إشتملت على ذراري المفرج ومن آزره من عشائر طيء ، فقالت عنها العرب "عرب المفارجة" نسبة الى المفرج، والثانية إشتملت على ذراري شقيقه الفرج ومن آزره من عشائر طيء، فقالت عنها العرب "عرب بنو ربيعة" نسبة الى ربيعة حفيد الفرج الثالث، مما يعني أن الإنفصال جاء مع أوائل القرن الخامس الهجري.

إذن، الفرج هو جد أو مؤسس عرب المفارجة، ومن سلائلها حاليا: عرب الصقر، وعرب السردية، وعرب النعيمات. الصقر التي كانت مستقرة في الجليل الفلسطيني حتى إحتلال فلسطين عام 1948، وهي الآن في محافظة إربد شمال الأردن، وعرب السردية التي لا تزال مستقرة في حوران والبادية الشامية، وقد إبتعدت عن نظام الحكم الجمهوري العربي في سوريا ، منحازة الى الحكم الملكي الأردني بعد تشكل الحكومات الحديثة، نظرا لما يمتاز به من وفاء وإحترام للعشائر على خلاف من نظام الحكم السوري، الذي لا يقيم وزنا للعشائر، ويعتمد على الفكر الحزبي ، ولأن العشائر تأنف من الأحزاب، التي تعطي الأولوية لأفكارها، على العادات والموروث الشعبي. ومقر السردية حاليا بلدات صبحا وصبحية وسبع صير، في شمال الأردن. والنعيمات في جنوب الأردن ووسطها في معان والبلقاء، وموزع أعداد غفيرة منها على الصقر والسردية. والصقر والسردية لهما تاريخ حافل في مجريات الأحداث في بلاد الشام، وعلى وجه الخصوص الأردن وفلسطين، منذ إنفصالهما عن بعضهما، هذا الإنفصال الذي وصل فيه الشقاق بينهما الى إراقة الدماء، على مطامع الدنيا.

فعرب المفارجة بتشكيلاتها الثلاثة، إنقضى على إنفصالها ، وإستقرارها بهذه المسميات ، وفي نفس المناطق المشار اليها، زهاء 400 عام ونيف، يضاف اليهم، أسرا أخرى، إنفصلت عنها، مستقرة في مناطق مختلفة متحالفة مع عشائر أخرى. فأضفى الشيخ عمرو بن جبر الصقري، إسم عرب الصقر، على تجمعه، فقالت العرب عنهم: عرب الصقر. وأضفى الشيخ رشيد السردي إسم "عرب السردية" على تجمعه، قالت العرب عنهم عرب السردية. وأضفى الشيخ نعيم (إنعيم) بن سلامة بن فواز إسم عرب النعيمات على تجمعه، فقالت العرب عنهم عرب النعيمات.

لكن ما هو نسب المفرج؟
المفرج هو، مفرج بن دغفل بن جراح بن شبيب بن مسعود بن سعيد بن حرب بن السكن بن ربيع بن علقى بن حوط بن عمرو بن خالد بن معبد بن عدي بن أفلت بن سلسلة بن غنم بن ثوب بن معن بن عتود بن حارثة بن لام (اللامي).

ومن هو لام؟
ولام هو ، لام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة بن طيء (جلهمة).

ومن هو طيء؟
وطيء هو ، جلهمة بن إد (بكسر الألف وفتح الدال وتشديدها) بن زيد إبن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان.

تتلخص سيرة المفرج بمجموعة من الأحداث المنسوبة إليه خلال فترة إمارته، والتي يمكن سردها على النحو التالي:

أولا: إلقاء القبض على قائد معركة الرملة وتسليمه للخليفة الفاطمي:

معركة الرملة عام 367هـ والتي كان من المفترض أن الطائيين طرفا فيها ضد المصريين، أصبحت بعد إنسحاب الطائيين منها، وقبيل إندلاع معاركها بساعات، بقيادة رجل من أصل تركماني، المدعو الفتكين، أصبح واليا على دمشق الشام بناء على تزكية من أهلها نظرا لحسن سيرته وسريرته، وتحالف مع المفرج وإبنه حسان ضد المصريين ، واستعان الطرفان بالقرامطة ، للتخلص من المصريين، إلا أن المصريين دقوا إسفينا في هذا الحلف، فدفعوا مائة ألف دينار ذهب للمفرج، لقاء إنسحابه من معسكر عدوهم، كونهم العدد الأكثر في التجمع ، فانسحب الطائيون ، ودارت المعارك بدونهم، فهربت جموع أهل الشام وجموع القرامطة، وهام الفتكين على وجهه ، فاعترضته سرية فيها المفرج ، نواحي قرية اللبن الغربي قضاء رام الله، وسلم عليه، وحياه تحية صادقة ، نظرا لما كان بينهما من مودة، وعلاقة وطيدة، وسلمه المفرج الى الخليفة الفاطمي الذي بدوره أكرمه ، وأسكنه في دياره. واستلم المفرج مكافأة تسليم الفتكين من الخليفة الفاطمي والتي كانت مائة ألف دينا. جاء في أخبار الأعيان في جبل لبنان، يوسف بن طنوس الشدياق، في احداث عام 367هجرية ما نصه " فرّ الفتكين ومعه ثلاثة من غلمانه وبه جراح. وقد كدَّه العطش. فلقيته سرية من الخيل، فيها المفرج بن دغفل بن الجراح الطائي، في قرية «اللّبن الغربي» فألقت القبض عليه، فأنزله ابن الجراح، وأكرمه، وقدَّم له الماء والفاكهة، ووكل به جماعة من أصحابه، حيث كان بينهما معرفة قديمة. سار المفرج إلى العزيز فأعلمه بأمر الفتكين، وطلب منه المائة الف دينار التي وعد باعطائها لمن أتاه به، فأعطاه ما وعد وتسلم الأسير. أحسن العزيز لافتكين فأكرمه وأسكنه داراً فسيحة وأغدق عليه من صلاته وعطاياه وظل متمتعاً بنعيم العزيز حتى مات سنة 372هـ. واما الحسن القرمطي فقد انسحب مهزوماً إلى طبرية ومنها رحل وجماعته إلى لاحساء. وحضر هذه الموقعة مع الخليفة العزيز الأمير تميم أرسلان اللخمي وجماعته. عجب العزيز من شجاعته وكافأه على عمله هذا بأن أنعم عليه بامارة الغرب وبيروت."
قال إبن خلدون "وبذل لمن جاء بالفتكين مائة ألف دينار، فلقيه المفرج بن دغفل الطائى، وقد جهده العطش فاستسقاه، فسقاه، وتركه بعرشه، مكرما ، وجاء إلى العزيز، فأخبره بمكانه، وأخذ المائة ألف التى بذلها فيه". ويقول إبن خلدون في الجزء الثاني، في سرد حروب المعز مع القرامطة واستيلاؤه على دمشق ما نصه "وجاء حسان بن الجراح في جموع عظيمة من طيـىء، وبـث سرايـاه فـي البلاد، فعاثـوا فيهـا، واهـم المعـز شانه، فراسل إبن الجراح واستماله بمائة الف دينـار علـى ان ينهـزم عـن القرامطـة واستحلفـوه علـى ذلك‏.‏ وخرج المعز ليوم عينوه لذلك فانهزم إبن الجـراح بالعـرب‏.‏ وثبـت القرامطـة قليـلا ثـم انهزمـوا، واخـذ منهم نحو الف وخمسمائة اسير‏.‏ وساروا في اتباعهم، ولحق القرامطة باذرعات، وساروا منها الى الاحساء، وقتلوا صبراً ونهب معسكرهم‏." ويتابع إبن خلدون قائلا " ثم نزل في خيامه، وجيء بالاسرى، فخلع على من جاء بهم، وبذل لمن جاء بافتكين مائة الف دينار، فلقيه المفرج بن دغفل الطائي، وقد جهده العطش، فاستسقاه، وتركه بعرشه، مكرماً‏.‏ وجاء الى العزيز، ولما حضر عند العزيز، وهو لا يشك انه مقتول، اكرمه العزيز، ووصل، ونصب له الخيـام، واعـاد اليـه ما نهب له، ورجع به الى مصر، فجعله اخص خدمه وحجابه". ويستطرد إبن خلدون حديثه قائلا " وكان مفرج بن الجراح امير بني طيء، وسائر العرب بارض فلسطين، قد كثرت جموعه، وقويت شوكته، وعاث في البلاد وخربها، فجهز العزيز العساكر لحربه، مع قائده بلتكين التركي، فسار الى الرملة، واجتمع اليه العرب، من قيس وغيرهم ولقي إبن الجراح، وقد اكمن لهم بلتكين من ورائهم فانهزم، ومضى الى انطاكية، فاجاره صاحبها‏.‏ وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية الى بلاد الشام، فخاف إبن الجراح، وكاتب بكجور مولـى سيـف الدولـة وعاملـه، على حمص ولجا اليه فاجاره‏.‏"

ثانيا: الإغارة على الحاج العراقي بين سميراء وفيد إنطلاقا من الرملة

جاء في المنتظم في التاريخ في سرد أحداث عام 379هجرية ما نصه: " فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر في المحرم بان الجراح الطائي خرج على الحاج بين سميراء وفيد ونازلهم ثم صالحهم على ثلثمائة الف درهم شيء من الثياب المصرية والامتعة اليمنية فاخذه وانصرف‏.‏"

ثالثا: وصية الوزير المصري الى الخليفة الفاطمي

يتضح جليا أن المفرج كان أميرا صاحب نفوذ ، ويقف ندا وخصما رئيسيا للفاطميين في بلاد الشام، وأنه هو أي المفرج بما يمتلك من قوة ميدانية ونفوذ واسع بين القبائل الطئاية الممتدة من وسط نجد الى ساحل البحر المتوسط، هو مصدر الخطر للمصريين، وسالب إرادتهم، لذلك حاولوا مرارا القضاء عليه عسكريا ففشلوا ، بل أن الحرب كانت بين كر وفر ، مرة لهم ومرة عليهم، إن ما يؤيد هذا القول ما جاء في المنتظم في التاريخ ، من أن يعقوب بن يوسف أبو الفرج وزير العزيز، صاحب مصر، قال للخليفة الفاطمي، والموت يحتضره سنة380هجرية " ولا تبق على المفرج بن دغفل الجراح متى أمكنت فيه الفرصة ثم توفي". فهذه الوصية لرجل يحتضر تدل على ما يكنه هذا الوزير من أحقاد وضغائن دفينة بين الطرفين، وهذا ما تأكد لاحقا عام 404هـ عندم دس الخليفة الفاطمي السم الى المفرج فمات مسموما بعد أن عجزوا عن قتله في المواجهات.

رابعا: المفرج يستقبل الوزير المصري المطرود ويبايع أمير مكة

وفي سرد أحداث عام 381هجرية في المنتظم في التاريخ ما نصه " وفي هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسين بن يحيى العلوي وكذلك سنة اثنتين وثلاث وكان امير مكة ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي فاتفق ان ابا القاسم بن المغربي حضر عند حسان بن المفرج بن الجراح الطائي فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال‏:‏ لا مغمز في نسب ابي الفتوح والصواب ان تنصبه امامًا فوافقه ومضى المغربي الى مكة فاطمع ابا الفتوح في الملك وسهل عليه الامر فاصغى الى قوله وبايعه شيوخ الحسنيين وحسن له ابو القاسم المغربي ان اخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دارهم فاتفق انه مات بجدة رجل يعرف بالمطوعي وعنده اموال للهند والصين وخلف مالًا عظيمًا فاوصى لابي الفتوح بمائة الف دينار ليصون بها تركته والودائع التي عنده فحمله المغربي على الاستيلاء على التركة فخطب لنفسه بمكة وتسمى بالراشد بالله وصار لاحقًا بال الجراح فلما قرب من الرملة تلقاه العرب وقبلوا الارض بين يديه وسلموا عليه بامير المؤمنين ولقيهم راكبًا على فرس متقلدًا سيفًا زعم انه ذو الفقار وفي يده قضيب ذكر انه قضيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله جماعة من بني عمه وبين يديه الف عبد اسود فنزل الرملة ونادى بايضاء العدل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فبلغ العزيز هذا فانزعج وكتب الى حسان ملطفات وبذل له بذولًا كثيرة وال المفرج واستمال ال الجراح كلهم وحمل الى اولاد المفرج اموالًا جزيلة حتى فلهما عن ذلك الجمع وكتب الى إبن عم الفتوح فولاه الحرمين وانفذ له ولشيوخ بني حسن مالًا وكان حسان قد انفذ والدته الى مصر بتذكرة تتضمن اعراضًا له وسال في جملتها ان يهدي له جارية من اماء القصر فاجابه الحاكم الى ما سال وبعث اليه خمسين الف دينار واهدى له جارية جهزها بمال عظيم فعادت والدته بالرغائب له ولابيه فسر بذلك واظهر طاعة العزيز ولبس خلعة وعرف ابو الفتوح الحال فايس معها من نفسه وركب الى المفرج مستجيرًا به وقال: انما فارقت نعمتي، وابديت للعزيز صفحتي، سكونًا الى ذمامك، وانا الان خائف من غدر حسان فابلغني مامني وسيرني الى وطني فرده الى مكة وكاتب العزيز صاحب مصر واعتذر اليه فعذره‏.‏"

خامسا: معركة عسقلان بين الطائيين والفاطميين:

أعلن المفرج أمير طيء في بلاد الشام العصيان عام 386هجرية ، عند وفاة الخليفة الفاطمي العزيز أبو منصور نزال بن المعز أبي تميم معد العلوي، فتطرق إبن الأثير الى هذا الحدث بكتابه الكامل في التاريخ قائلا " وعصى أيضًا المفرج بن دغفل بن الجراح، ونزل على الرملة، وعاث في البلاد‏".

أما إبن الأثير فيتطرق الى هذه الأحداث بكتابه، الكامل في التاريخ، بشيء من التفصيل ، مبينا أن معركة عسقلان قادها حسان ووالده المفرج الطائي ، فهزموا الجيش المصري ، وقتلوا قائده، وسيطروا على نواحي الرملة ، واستباحوا المناطق ، وعاثوا فسادا فيها، ومع ذلك فإن الحاكم لم يسير جيشا آخر لتأديب المفرج ، وعشائره الطائية، بل إكتفى بمعاتبتهما ، وهنا بدأت أحداث الفتنة تتسع ، حيث أدخل حسان ووالده المفرج أمير مكة في أتون الأحداث، فكتبا اليه بالمبايعة، فأداروا ظهورهم للمصريين وخلعوهم من حكم فلسطين والأردن، فبعث المفرج الى شريف مكة الهاشمي الشريف أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي الحسني يستحثه على القدوم الى الرملة لمبايعته خليفة للمسلمين، فاستجاب شريف مكة وحضر الى الرملة لمبايعته، واستقبله بنو الجراح خير إستقبال، وبايعوه بالخلافة، لكن الخليفة الفاطمي تنازل الى مخاطبة المفرج وإبنه حسان، وآل الجراح ، وأقطعهم الإقطاعات والأملاك الواسعة ، في بلاد الشراة والرملة، وأغدق عليهم العطايا والكنوز الكثيرة، فما كان من المفرج الا أن إعتذر للشريف المكي ، وأمن إعادته سالما الى مكة معززا مكرما. واستقبل الخليفة الفاطمي الأمير الطائي المفرج في القاهرة ، وأكرمه وأغدق عليه، ثم إستضاف أيضا إبنه حسان بن المفرج وفعل معه مثل ما فعل مع والده. إن المتفحص لسير الأحداث بين الأمراء الطائيين والخلفاء الفاطميين، يرى أن عدم صفاء القلوب بين الفاطميين والطائيين, نظرا لإختلاف العقيدة ، هو السبب في ميل الطائيين الى الهاشميين, الذين هم على عقيدتهم ، لكن ما كان يكتنزه الفاطميون في خزائنهم من أموال غنائم الإفرنج في الثغور، وما لديهم من عساكر وفيرة، والتي جلها من المغاربة ، ونظرا لشعور الهاشميين بالتبعية للفاطميين، جعل كفة ميزان الفاطميين في ذلك الزمان هي الراجحة.

يقول إبن الأثير في سرد أحداث عام 386هجرية ما نصه " ثم جهز يارختكين للمسير إلى حلب، وحصرها، وسير معه العساكر الكثيرة، فسار عنها ، فخافه حسان بن المفرج الطائي، فلما رحل من غزة إلى عسقلان، كمن له حسان، ووالده، وأوقعا به وبمن معه، وأسراه، وقتلاه، وقتل من الفريقين قتلى كثيرة ، وحصرا الرملة، ونهبا النواحي، وكثر جمعهما، وملكا الرملة، وما والاها، فعظم ذلك على الحاكم، وأرسل يعاتبهما، وسبق السيف العذل ، فأرسلا إلى الشريف، أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي الحسني، أمير مكة ، وخاطباه بأمير المؤمنين، وطلباه إليهما، ليبايعا له بالخلافة، فحضر، واستناب بمكة، وخوطب بالخلافة‏.‏ ثم إن الحاكم راسل حسانًا، وأباه، وضمن لهما الإقطاع الكثيرة والعطاء الجزيل، واستمالهما، فعدلا عن أبي الفتوح، ورداه إلى مكة، وعادا إلى طاعة الحاكم‏.‏ ثم إن الحاكم جهز عسكرًا إلى الشام، واستعمل عليهم علي بن جعفر بن فلاح، فلما وصل إلى الرملة، أزاح حسان بن الفمرج وعشيرته عن تلك الأرض، وأخذ ما كان له من الحصون بجبل الشراة، واستولى على أمواله، وذخائره ، وسار إلى دمشق، واليًا عليها، فوصل إليها في شوال سنة...، وأما حسان، فإنه بقي شريدًا نحو سنتين، ثم أرسل والده إلى الحاكم، فأمنه ، وأقطعه، فسار حسان إليه بمصر، فأكرمه، وأحسن إليه، وكان المفرج والد حسان، قد توفي مسمومًا، وضع الحاكم عليه من سمه، فبموته ضعف أمر حسان على ما ذكرناه‏.‏"إ.هـ.

أما إبن خلدون فيقول في تاريخه ، عند الحديث عن سرد أحداث عام 390هجرية " ثم جهز العساكر مع يارختكين إلى حلب، وقصد حسان بن مفرج الطائي، لما بلغ من عيثه، وفساده‏.‏ فلما رحل من غزه إلى عسقلان، لقيه حسان وأبوه مفرج، فانهزم، وقتل ونهبـت النواحـي، وكثـرت جمـوع بنـي الجـراح، وملكـوا الرملـة، واستقدمـوا الشريـف أبـا الفتـوح الحسن بن جعفر أمير مكة، فبايعوه بالخلافة‏.‏ ثـم استمالهمـا الحاكـم، ورغبهمـا فـرداه إلـى مكـة، وراجعـا طاعـة الحاكم، وراجع هو كذلك، وخطب له بمكة‏.‏ ثم جهز الحاكم العساكر إلى الشام مع علي بن جعفر بن فلاح، وقصد الرملة، فانهزم حسان بن مفرج، وقومه، وغلبهم على تلك البلاد، واستولى على أموالهم، وذخائرهم، وأخذ مـا كـان لهـم مـن الحصـون، بجبـل الشـراة، ووصـل إلى دمشق، في شوال سنة تسعين، فملكها، واستولى عليها، وأقام مفرج وابنه حسان شريدين، بالقفز، نحواً من سنتين‏.‏ ثم هلك مفرج، وبعث حسان ابنه إلى الحاكم، فأمنه، وأقطعه، ثم وفد عليه بمصر، فأكرمه، ووصله‏.‏"إ.هـ.

هنا يبدو واضحا أن حسان أوفد إبنه علان بن حسان بن المفرج الطائي الى الخليفة الفاطمي.
منقول من بحث للاخ علي الملاحي