محمد واني ما زال الكتاب والباحثون الإسلاميون، ورجال وعلماء الدين المتنورون، مطالبون أكثر من غيرهم بتوضيح الدين الإسلامي، وإظهار جوانبه الحضارية والإنسانية للرأي العام العالمي، يبدو أن هناك لبسا واضحا في فهم هذا الدين على حقيقته ليس في المجتمعات الغربية غير الإسلامية، بل بين المسلمين أنفسهم وداخل المجتمعات الإسلامية أيضا. ولم يأت هذا الفهم الخاطئ من فراغ، بل جاء عبر سنوات من العمل المضني، ومحاولات حثيثة ومتعمدة من قبل دوائر سياسية عالمية، ومنظمات وحركات سياسية وإرهابية داخلية تدعي الإسلام لتشويه صورة الإسلام الحقيقية، ومحاولات الأعداء التقليديين التاريخيين للإسلام لم تهدأ ولم تتوقف لحظة في دق الإسفين بين المسلمين ودينهم، وللوصول إلى أهدافهم اعتمدوا على قضيتين مهمتين طالما استخدموهما في محاربة الإسلام قديما وحديثا، وتشويهه في أعين الناس بمساعدة مباشرة من قبل الكتاب والدعاة العلمانيين المسلمين من ذوي الميول اليسارية والقومية وهما: المرأة وقضية انتشار الإسلام بالسيف، أي بالقمع والإرهاب. ولا يمكن تصور الإجحاف والعدوان السافر الذي ارتكبوه بحق الإسلام في هاتين القضيتين، بهدف الوصول إلى نتيجة واحدة مفادها؛ أن الإسلام دين قتل وذبح وإرهاب، انتشر بالسيف والقوة الغاشمة، وفي حال تمكينهم من ترسيخ هذه الفرية بين المسلمين، فإنها كفيلة بنسف كل الجوانب الإنسانية والحضارية للإسلام، وجعله دينا وحشيا سفاحا لا يمكن التعايش معه، وكذلك استخدموا قضية المرأة لتشويه الإسلام وإسقاطه في عيون المسلمين بشكل خاص، وقدموه على أنه دين جنس يسمح بتعدد الزوجات وبيعهن في سوق النخاسة كسبايا وهدايا حرب، كما فعل تنظيم «داعش» مع فتيات يزيديات (خمسة آلاف يزيدية)، أسرهن في هجومه المباغت على «سنجار» شمال غرب العراق. ولم يسلم نبينا الكريم طبعا من سهامهم الغادرة، ووصفوه بأنه مزواج وأنه تزوج من عائشة وهي طفلة مع أن هذا غير صحيح وافتراء، ولكن ظل المستشرقون والعلمانيون والمتأسلمون يرددون هذه الكذبة وينشرونها على أنها الحقيقة، وقد انجرف بعض المسلمين خلف هذه الدعايات المغرضة، من خلال روايات وقصص وأفلام لكتاب ومفكرين ومخرجين سينمائيين من أمثال: جورجي زيدان وسلامة موسى ومصطفى العقاد وكيلت فيلدرز وغيرهم. ومهما ابتعدنا عن نظرية المؤامرة في تحليلنا للواقع الإسلامي المعاش اليوم، فإننا سنعود إليها في النهاية، ولا نستطيع تفسير الأحداث الدرامية المفاجئة الكبيرة التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط إلا من خلالها، وستبقى أسئلة كثيرة معلقة من دون جواب، إلا إذا اعتمدنا على نظرية المؤامرة، مثل من أين ظهر تنظيم «داعش» الإرهابي، ومن يسانده ويموله؟ من أين له هذه الإمكانيات القتالية واللوجستية الهائلة التي لا تتوفر لدول عديدة في المنطقة، وكيف توسع بهذا الشكل ومن وراءه؟ ولماذا لزمت الدول الغربية الصمت المريب حيال انقلاب ميليشيا «الحوثي» في اليمن؟، وما مصلحتها في ذلك؟. هذه الأسئلة وغيرها كثير تبقى بدون جواب، إلا إذا اعتبرنا أن الدول الغربية المتنفذة وبتعاون مع بعض دول المنطقة تقف وراء هذه الحركات الإرهابية بصورة مباشرة وغير مباشرة بهدف تشويه صورة الإسلام أولا، ومن ثم تمرير استراتيجيتها الجديدة القائمة على نشر الفوضى الخلاقة في المنطقة من خلال الحروب الطائفية بين السنة والشيعة.. استمر تنظيم القاعدة منذ تأسيسه عام 1988 يؤكد للعالم أن الإسلام دين عنف وإرهاب وآلة لتدمير الإنسانية وحضارتها، دون أن يظهر جانبا واحدا من جوانبه الجمالية والحضارية والثقافية والفلسفية والاقتصادية، وظل يمارس هوايته في قتل الناس وذبحهم مدعيا أن الله ورسوله أمراه بذلك، إلى أن قرر الكبار «وفق نظرية المؤامرة» إنهاء دوره وتسليم الراية إلى تنظيم آخر أشد فتكا وإرهابا منه وهو تنظيم «داعش» الذي أظهر جانبا آخر من الإسلام «إسلامهم» كانت «القاعدة» قد أغفلته ولم تتطرق إليه أبدا طوال فترة تربعها على عرش «الإرهاب» في العالم، وهو تركيزه على النساء كسبايا وجاريات يجوز التمتع بهن، الأمر الذي أكد شائعة المغرضين القديمة أن الإسلام دين جنس وإرهاب!.. عن جريدة مكة اونلاين

أكثر...