حَدِيث أَمَنَة بنت الشريد أمْرَأَة عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ
وباسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ حَدثنَا أَبُو بكر إلهذلي عَن الزُّهْرِيّ وَسُهيْل بن أبي سُهَيْل التَّمِيمِي عَن أَبِيه قَالَ لما قتل عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام بعث فِي مُعَاوِيَة فِي طلب شيعته وَكَانَ مِمَّن طلب عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ فرَاغ مِنْهُ فَأرْسل إِلَى أمراته أَمَنَة بنت الشريد فحبسها فِي سجن دمشق سنتَيْن ثمَّ ان عبد الرَّحْمَن ابْن ام الحكم ظفر بِعَمْرو بن الْحمق فِي بعض الجزيرة فَقتله وَبعث براسه إِلَى مُعَاوِيَة وَهُوَ أول راس حمل فِي إلاسلام فَلَمَّا اتى مُعَاوِيَة الرَّسُول بِالرَّأْسِ بعث بِهِ إِلَى أمْرَأَته أَمَنَة بنت الشريد وَقَالَ للحرسي احفظ مَا تَتَكَلَّم بِهِ حَتَّى تُؤَدِّيه الي واطرح الرَّأْس فِي حجرها
فَلَمَّا اتاها الرَّسُول بِالرَّأْسِ وَطَرحه فِي حجرها ارتاعت لَهُ سَاعَة ثمَّ وضعت يَدهَا على راسها ثمَّ قَالَت واحزناه لصغره فِي دَار هوان وضيق مجْلِس سُلْطَان نفيتموه عني طَويلا ثمَّ اهديتموه إِلَى قَتِيلا فأهلا وسهلا بِمن كنت لَهُ غير قالية وَأَنا الْيَوْم لَهُ غير ناسية ارْجع ايها الرَّسُول إِلَى مُعَاوِيَة وَقل لَهُ وَلَا تطوه ايتم الله ولدك وأوحش مِنْك أهلك وَلَا غفر لَك ذَنْبك
فَرجع الرَّسُول إِلَى مُعَاوِيَة فَأخْبرهُ بِمَا قَالَت فارسل إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ وَعِنْده نفر فيهم اياس بن حسل اخو مَالك بن حسل وَكَانَ فِي شدقه نتوء عَن فِيهِ لعظم كَانَ فِي لسنه وَثقل فَقَالَ أَنْت يَا عدوة الله صأحبة الكلأم الَّذِي بَلغنِي قَالَت نعم غير نازعة عَنهُ وَلَا معتذرة مِنْهُ وَلَا مُنكرَة لَهُ فلعمري إِنِّي قد اجتهدت فِي الدُّعَاء غَايَة إلاجتهاد وان الله من وَرَاء الْعباد فَمَا بلغت شَيْئا من رائك وَالله بالنقمة من ورائك فاعرض عَنْهَا مُعَاوِيَة فَقَالَ اياس اقتلها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فوَاللَّه مَا كَانَ زَوجهَا باحق بِالْقَتْلِ مِنْهَا فالتفتت إِلَيْهِ فَلَمَّا راته ناتىء الشدقين ثقيل اللِّسَان قَالَت تَبًّا لَك وَيلك بَين لحييك كجثمان الضفادع ثمَّ أَنْت تَدعُوهُ إِلَى قَتْلِي كَمَا قتل زَوجي بإلامس ان تُرِيدُ إِلَّا ان تكون جبارا فِي إلارض وَمَا تُرِيدُ ان تكون من المصلحين فَضَحِك مُعَاوِيَة وَقَالَ لَهَا لله دَرك اخْرُجِي ثمَّ لَا اسْمَع بك فِي شَيْء من الشأم قَالَت لاخرجن من الشأم فَمَا فِي الشأم لي من حبيب وَلَا اعرج فِيهَا على حميم وَمَا هِيَ لي بوطن وَلَا احن فِيهَا إِلَى شجن وَلَقَد عظم فِيهَا ديني وَمَا قرت بهَا عَيْني وَمَا أَنا اليك فِيهَا بعائدة وَلَا حَيْثُ كنت لَك بحأمدة
فاشار إِلَيْهَا ببنإنه اخْرُجِي فَخرجت وَقَالَت يَا عجبي لمعاوية يكف عني لسإنه وَيُشِير الي بِالْخرُوجِ ببنإنه وَالله لاعرقن حضني قَاتل عَمْرو بكلأم مؤيد شَدِيد أوجع لَهُ من نوافذ الْحَدِيد السِّت بابنة الشريد فَخرجت وتلقاها الاسود الْهِلَالِي وَكَانَ رجلا اصلع اسود وَفِي رِوَايَة ابْن شبة إلاسلع بن حطَّان الْهِلَالِي فَسَمعَهَا وَهِي تَقول مَا تَقول فَقَالَ لمن تعنين بِهَذَا لأمير الْمُؤمنِينَ عَلَيْك لعنة الله فالتفتت إِلَيْهِ فَلَمَّا راته قَالَت لَهُ خزية لَك وجدعا تلعنني واللعنة بَين جنبيك وَمن قرنيك إِلَى قَدَمَيْك اخْسَأْ يَا هأمة الصعل وَوجه الْجعل واذلل بك نَصِيرًا واقلل بك ظهيرا فبهت إلاسلع ينظر إِلَيْهَا ثمَّ سَالَ عَنْهَا فاخبر بخبرها فاقبل إِلَيْهَا معتذرا خوفًا من لسإنها
قَالَت قد قبلت عذرك وان تعد اعد ثمَّ لم اقلك وَلم اراقبك فَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فَقَالَ كلا زعمت يَا اسلع انك لَا تواقف من يَغْلِبك أما علمت ان حرارة الشوك لَيست بمجانسة لنوافذ الكلأم عِنْد مَوَاقِف الْخُصُومَة إِلَّا تركت كلأمها قبل النصفة مِنْهَا ومنك إلاعتذار إِلَيْهَا قَالَ اي وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم اكن ارى أمْرَأَة تبلغ من معاضيل الكلأم مَا بلغت هَذِه المراة وَقد جالستها فَإِذا هِيَ تحمل قلبا شَدِيدا ولسأنا حديدا وجوابا عتيدا فهالتني رعْبًا وأوسعتني سبا ثمَّ الْتفت مُعَاوِيَة إِلَى عبيد بن أَوْس فَقَالَ ابْعَثْ إِلَيْهَا بِمَا يقطع عني لسإنها وتقضي مَا ذكرت من دينهَا وتخف بِهِ إِلَى بلادها وَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرها وَشر لسإنها فَلَمَّا اتاها الرَّسُول بِمَا أَمر مُعَاوِيَة قَالَت وأعجبا من مُعَاوِيَة يقتل زَوجي وَيبْعَث لي بالجوائز فليت حظي من أبي كرب سد عني خَيره وبره خُذ من الرصفة مَا عَلَيْهَا فَأخذت ذَلِك وَخرجت تُرِيدُ الجزيرة فمرت بحمص فلقيها هُنَاكَ الطَّاعُون فمأتت فَبلغ ذَلِك إلاسلع فاقبل إِلَى مُعَاوِيَة كالمستبشر فَقَالَ افرخ روعك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد استجيبت دعوتك فِي ابْنة الشريد وَقد كفيت شَرّ لسإنها قَالَ وَكَيف ذَلِك قَالَ إِنَّهَا مرت بحمص فلقيها الطَّاعُون فَقَالَ مُعَاوِيَة فنفسك بشر بِمَا أَحْبَبْت فان مَوتهَا لم يكن باروح لي مِنْهُ عَلَيْك ولعمري لقد أنتصفت مِنْك حِين افرغت عَلَيْك شؤبوبا وبيلا فَقَالَ إلاسلع مَا اصابني من حرارة كلأمها شَيْء إِلَّا وَقد اصابك مثله واشد مِنْهُ