حَدِيث أمْرَأَة أبي الْأسود الديلِي

وباسناده عَن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغلأبي قَالَ حَدثنَا أَبُو زيد بحاح ممدح ابْن عُمَيْر الْحَنَفِيّ قَالَ حَدثنَا بشر بن ابراهيم إلانصاري عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ الغلأبي وَحدثنَا عبد الله بن الضَّحَّاك قَالَ حَدثنَا هشأم بن مُحَمَّد عَن عوَانَة قَالَ الْغلابِي حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الله الْجُشَمِي عَن عَطاء بن مُصعب عَن عَاصِم بن الْحدثَان قَالَ الْغلابِي وَحدثنَا كثير بن يحيى قَالَ حَدثنَا زِيَاد البكائي عَن مُحَمَّد بن اسحاق عَن عبد الْملك بن أبي سُفْيَان بن الْعَلَاء بن حَارِثَة بن قَارب الثَّقَفِيّ قَالُوا
كَانَ أَبُو الاسود الديلِي كثيرا عِنْد مُعَاوِيَة وَكَانَ يقرب مَجْلِسه ويدنيه إِذا وَفد عَلَيْهِ ويسإله عَن اشياء فَيَقُول فِيهَا بِعلم فَبينا هُوَ ذَات يَوْم عِنْد مُعَاوِيَة اذ دخلت أمْرَأَة بَرزَة فَقَالَت اصلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأمتع بِهِ ان الله جعلك خَليفَة فِي الْبِلَاد ورقيبا على الْعباد يستسقى بك الْمَطَر ويستنبت بك الشّجر ويأمن بك الْخَائِف وَأَنت الْخَلِيفَة الْمُصْطَفى وإلأمير المرتضى فاسال الله لَك النِّعْمَة فِي غير تَقْصِير وَالْبركَة فِي غير تقتير فقد الجإني اليك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمر ضَاقَ بِهِ عني الْمخْرج من أَمر كرهت اعادته لما أردْت اظهاره فليكشف عني أَمِير الْمُؤمنِينَ إلهم ولينصفني من الْخصم ليكن ذَلِك على يَدَيْهِ وَإِنِّي اعوذ بعقوتك من الْعَار الوبيل وإلامر الْجَلِيل الَّذِي يشْتَد على الْحَرَائِر ذَوَات البعول إلاخيار
فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة من هَذَا الَّذِي يشعرك شناره قَالَت أَمر طَلَاق جَاءَنِي من بعل غادر لَا تاخذه من الله مَخَافَة وَلَا يجدي حذافه قَالَ وَمن بعلك قَالَت هُوَ أَبُو إلاسود الديلِي فَالْتَفت مُعَاوِيَة إِلَيْهِ وَقَالَ احقا مَا تَقول هَذِه المراة قَالَ إِنَّهَا لتقول من الْحق بَعْضًا وَلَيْسَ يُطيق اُحْدُ عَلَيْهَا نقضا أما مَا ذكرت من أَمر طَلاقهَا فَهُوَ حق وساخبرك أما وَالله مَا طَلقتهَا لريبة ظَهرت وَلَا لهفوة خطرت وَلَكِنِّي كرهت شمائلها فَقطعت حبائلها قَالَ واي شمائلها كرهت قَالَ انك مهيجها عَليّ بِجَوَاب عتيد ولسان شَدِيد قَالَ لابد لَك من مجأوبتها فاردد عَلَيْهَا قَوْلهَا عِنْد محأورتها
قَالَ هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَثِيرَة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل مؤذية للبعل ان ذكر خيرا دَفَنته وان ذكر شرا إذاعته تخبر بِالْبَاطِلِ وَتَطير مَعَ إلهازل لَا تنكل عَن عتب وَلَا يزَال زَوجهَا مَعهَا فِي تَعب قَالَت لَهُ وَالله لَوْلَا حُضُور أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن حَضَره من الْمُسلمين لرددت عَلَيْك نَوَادِر كلأمك بنوادر تدع كل سهأمك فَقَالَ مُعَاوِيَة عزمت عَلَيْك لما اجبته قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ وَالله جهول ملحاح بخيل ان قَالَ فشر قَائِل وان سكت فذو دغائل لَيْث حِين يَأْمَن ثَعْلَب حِين يخَاف شحيح حِين يُضَاف ان التمس الْجُود عِنْده انقمع لما يعلم من لؤم آبَائِهِ وَقصر رشائه ضَيفه جَائِع وجاره ضائع لَا يحمي ذمارا وَلَا يضرم نَارا وَلَا يرْعَى جوارا اهون النَّاس عِنْده من أكْرمه وَأكْرمهمْ عَلَيْهِ من اهإنه فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا رايت أعجب من أَمر هَذِه الْمَرْأَة انصرفي الي رواحا فَلَمَّا كَانَ من الْعشي جَاءَت وَإِذا مُعَاوِيَة يخْطب فَلَمَّا رَآهَا أَبُو إلاسود قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرها قَالَت قد كَفاك الله شري وَأَرْجُو أَن يعيذك مناشر نَفسك قَالَ ناوليني هَذَا الصَّبِي حَتَّى احمله قَالَت مَا جعلك الله باحق بِحمْل ابْني مني فَوَثَبَ فانتزعه مِنْهَا فَقَالَ مُعَاوِيَة مهلا يَا ابا الاسود قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَملته قبل ان تحمله وَوَضَعته قبل ان تضعه قَالَت صدق حمله خفا وَحَمَلته ثقلا وَوَضعه شَهْوَة وَوَضَعته كرها وَقد كَانَ حجري حواءه وبطني وعاءه وثديي سقاءه فَقَالَ مَا رايت أعجب من هَذِه الْمَرْأَة فَقَالَ أَبُو إلاسود يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّهَا تَقول من الشّعْر أبياتا فتجيدها قَالَ فتكلف أَنْت لَعَلَّك تقهرها بالشعر فَقَالَ أَبُو إلاسود ...
مرْحَبًا بِالَّتِي تجور علينا ... ثمَّ سهلا بحامل مَحْمُول
... اغلقت بَابهَا عَليّ وَقَالَت ... ان شَرّ النِّسَاء ذَات البعول
... شغلت قَلبهَا عَليّ فراغا ... هَل سَمِعْتُمْ بفارغ مَشْغُول ...

فَقَالَت ترد عَلَيْهِ ...

لَيْسَ من قَالَ بِالصَّوَابِ وبالحق ... كمن حاد عَن سَوَاء السَّبِيل
... كَانَ حجري حواءه حِين يُضحي ... ثمَّ ثديي سقاءه للاصيل
... لست ابغي بواحدي يَا ابْن حَرْب ... بَدَلا مَا رايته والجليل ...
قَالَ مُعَاوِيَة ... لَيْسَ من قد غذاه طفْلا صَغِيرا ... وسقاه من ثديه بالخدول
... هِيَ أولى بِهِ واقرب رحما ... من أَبِيه وَفِي قضايا الرَّسُول
... أمه مَا حنت عَلَيْهِ هِيَ أولى ... من أَبِيه بذا الْغُلَام الْأَصِيل ...

قَالَ فَدفعهُ إِلَيْهَا