خَالِد بن المعمر السدُوسِي

ذكر أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن مُحَمَّد الابجي الْكَاتِب أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن الْحسن بن دُرَيْد أَنا أَبُو حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ لما قتل عَليّ ابْن أبي طَالب أَرَادَ مُعَاوِيَة النَّاس على بيعَة يزِيد فتثاقلت ربيعَة وَلَحِقت بِعَبْد الْقَيْس بِالْبَحْرَيْنِ فاجتمعت بكر بن وَائِل إِلَى خَالِد بن المعمر فَلَمَّا تثاقلت ربيعَة تثاقلت الْعَرَب أَيْضا فَضَاقَ مُعَاوِيَة بذلك ذرعا فَبعث إِلَى خَالِد فَقدم عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ رحب بِهِ وَقَالَ كَيفَ مَا نَحن فِيهِ
قَالَ أرى ملكا طريفا وبغضا تليدا
فَقَالَ مُعَاوِيَة قل مَا بدا لَك فقد عَفَوْنَا عَنْك وَلَكِن مَا بَال ربيعَة أول النَّاس فِي حربنا وَآخرهمْ فِي سلمنَا قَالَ لَهُ خَالِد انما اتيتك مستأمنا وَلم آتِك مخاصما وَلست للْقَوْم بجزي فِي حجتهم وَإِن ربيعَة إِن تدخل فِي طَاعَتك تنفعك وَإِن تدخل كرها تكن قلوبها عَلَيْك وابدانها لَك فاعط الْأمان عامتهم شاهدهم وغائبهم وَإِن ينزلُوا حَيْثُ شاؤوا فَقَالَ افْعَل فَانْصَرف خَالِد إِلَى قومه بذلك
ثمَّ إِن مُعَاوِيَة بدا لَهُ فَبعث إِلَى خَالِد فَدَعَاهُ فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ قَالَ كَيفَ حبك لعَلي قَالَ اعفني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مِمَّا اكره فابى أَن يعفيه فَقَالَ أحبه وَالله على حلمه إِذا غضب ووفائه إِذا عقد وَصدقه إِذا اكد وعدله إِذا حكم ثمَّ انْصَرف وَلحق بقَوْمه وَكتب إِلَى مُعَاوِيَة

معاوي لَا تجْهَل علينا فإننا ... نذلك فِي الْيَوْم العصيب معاويا)
(مَتى تدع فِينَا دَعْوَة ربعية ... تجبك رجال يخضبون العواليا)
(اجأبوا عليا إِذْ دعاهم لنصره ... وجروا بصفين عَلَيْك الدواهيا)
(فَإِن تصطنعنا يَا بن حَرْب لمثلهَا ... نَكُنْ خير من تَدْعُو إِذا كنت دَاعيا)
(ألم ترني أهديت بكر بن وَائِل ... إِلَيْك وَكَانُوا بالعراق أفاعيا)
(إِذا نهشت قَالَ السَّلِيم لأَهله ... رويدا فَانِي لَا ارى لي راقيا)
(فأضحوا وَقد اهدوا ثمار قُلُوبهم ... إِلَيْك وافراق الذُّنُوب كَمَا هيا)
(ودع عَنْك شَيخا قد مضى لسبيله ... على اي حإليه مصيبا وخاطيا)
(فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع رد الَّذِي مضى ... وَلَا دافعا شَيْئا إِذا كَانَ جائيا)
(وَكنت امْرَءًا تهوى الْعرَاق وَأَهله ... إِذْ انت حجازي فَأَصْبَحت شاميا)

وَكتب الْأَعْوَر الشني إِلَى مُعَاوِيَة

(اتاك بسلم الْحَيّ بكر بن وَائِل ... وانت شحوط كالسقاء الموكر)
(معاوي أكْرم خَالِد بن معمر ... فَإنَّك لَوْلَا خَالِد لم تُؤمر)
(فخادعته بِاللَّه حَتَّى خدعته ... وَلم يَك خبا خَالِد بن معمر)
(فَلم تجزه وَالله يَجْزِي بسعيه ... وتسديده ملكي سَرِير ومنبر)

فدعاهما مُعَاوِيَة فوصلهما فَقَالَ الشني

(معاوي اني شَاكر لَك نعْمَة ... رددت بهَا ريشي عَليّ مُعَاوِيه)
(وَكم من مقَام غائظ لَك قتمته ... وداهية اسعرتها بعد داهيه)
(فموتها حَتَّى كَأَن لم اقم بهَا ... عَلَيْك وأوتاري بصفين بَاقِيه)
(فابلعتني ريقي وَكَانَت مقاتلي ... بكفيك لَو لم تكفف السهْم باديه)

فَقَالَ مُعَاوِيَة

(لقد رَضِي الشني من بعد عَتبه ... بأيسر مَا يرضى بِهِ صَاحب العتب)