مراقد كربلاء الدينية


العتبات مفردها عتبة وهذه تعني عند علماء اللغة ( أسكنه الدار ) أي الخشبة التي توضع بين يديه ويوطئها . والأصل في إطلاق هذه الكلمة على المساجد المعظمة لدى المسلمين .
وهذا ما نلاحظه من إن الناس عظموا عتبات أبواب قصور الملوك والأمراء وعظماء الرجال احتراما لمن يقيم بها وشاعت ظاهرة المدن المقامة حول قبور الأولياء في العمران الإسلامي ربما نطلق عليه المدن الإسلامية ومشابه ذلك من التسميات . حيث يحدث بعد دفن أحدى الشخصيات في المدينة والتي تقع على نحوها فتطور الأمر شيئا فشيئا .
يستقطب القبر زوارا ويصبح له بعد مدة سدنة ومقيمين يشرفون عليه ويقومون بإدارته وخدمته لتنشأ حوله بؤرة حضرية وما إن تتسع وتتطور يوما بعد أخر حتى تصل مصاف الحواضر وهذا ما حدث عبر التاريخ الإسلامي وتكرر ذلك كثيرا في المدن الإسلامية وخاصة العراقية فمدينة النجف ولدت فسيلة للكوفة وطغت عليها ومدينة الزبير نضجت على قصر البصرة وغيرها من المدن وفي ذاكرة التاريخ هناك مدن عربية كثيرة إلا إن بعض من هذه المدن وفي ذاكرة التاريخ هناك مدن عربية كثيرة إلا إن بعض من هذه المدن نحت أسمها في صفحاته المشرقة لتصبح بوابة من بواباته ليلج الإنسان إلى حرم التاريخ إلا منها وكربلاء هي إحدى تلك المدن العربية الخالدة أو إحدى بوابات تاريخنا العربي ولافتة من لافتات مجده الذي صنعه الأيمان العميق والفكر الخلاق . وقد تحدثت عنها مصادر التاريخ الإسلامي والعربي زاملها التاريخ وسايرها حتى أصبحت نشيدا وقصائد يتغنى بها الناس وعبر مسير التاريخ وفي مدينة كربلاء العديد من المراقد أللمقدسة والتي يقام فيها الصلاة والدعاء والزيارة ومن بين هذه المراقد هناك مراقد مستحدثة أقامها أصحابها لغرض الارتزاق والعيش وليس لها أي أساس تاريخي واعتبرها الناس اعتقادا منهم مراقد مقدسة فراحوا يتباركون بها إضافة إلى إن هناك مراقد ومزارات لشخصيات تاريخية معروفة تزار وتقدس ويطلق عليها مقامات ومنها إبن الحمزة الذي سنتناوله في هذا العدد أما بقية المراقد فسنتناولها في الأعداد المقبلة إنشاء الله .
مرقد ابن الحمزة : - إن مرقد ابن الحمزة كما هو معروف ينسب لرجل صالح وعالم جليل وتقي هو الشيخ محمد بن علي بن الحمزة الطوسي من أعلام الأمامية في القرن الخامس الهجري يقع مرقد إبن الحمزة في الجانب الشرقي من المدينة القديمة ( كربلاء ) وفي الطريق القديم المؤدي إلى قضاء الهندية والمناطق الجنوبية الأخرى . ويبعد عن الروضة الحسينية المقدسة بحدود 1500م أو أكثر بقليل من ذلك وهو عبارة عن صحن واسع ورواق وحرم عقدت عليه قبة خضراء . ويتألف هذا المرقد من ضلعين لا ثالث لهما وهو ضلع القبلة والضلع الثاني هو الضلع الشرقي وهما يطلان على الطريق العام والمرقد يحيطه سور على طول الضلعين ارتفاعه حوالي مترين . وله باب واحدة من جهة القبلة يدخل منها الزائرين وتبعد عن الإيوان بمسافة 3 أمتار . والإيوان عبارة عن بناء جميل مسقف ومزخرف بالقاشاني والفسفساء وأما الضريح فهو مشبك مصنوع من النحاس الخالص يتوسطه خاتم من الخشب ومغطى بشباك أخضر ويبلغ طول الضريح ثلاثة أمتار وعرضه 2,5م أما ارتفاعه ثلاثة أمتار والطارمة العائدة لهذا المرقد فيبلغ طولها 10 أمتار وعرضها 4,5 م وارتفاعها 3 أمتار وعلى جانبها كتبت آيات من القرآن الكريم وبخط جميل وقد شيدها الخير والمحسن عباس نايف المسعودي سنة 1411هـ وقامت بتصحيحه شركة بابل بكاشي كربلائي والآيات الكريمة هي : بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إن يتم نوره ولو كفر الكافرون ﴾ صدق الله العظيم .
أما المرقد فعرضه 7 أمتار وطوله 12م وفي داخل الروضة مسجد قصير يبلغ طوله 6 أمتار وعرضه 3 أمتار . وقد وصف الشيخ محمد حرز الدين في كتابه مراقد المعارف القبر ( يقع مرقده اليوم في محلة العباسية الشرقية من مدينة كربلاء باب طويريج وقيم قبره رجل اسمه حنظل من آل مسعود من قبيلة شمر (1) .
تولى الأشراف على إدارة الحرم . شخص آخر اسمه ( فليفل ) ثم تبعه نايف دشل ثم عباس نايف وعند وفاة الأخير أشرف على إدارة المرقد ولده حميد بن عباس بن نايف وكان غالبا ما يقوم به الكسبة من أصحاب الدخل المحدود بناء المرقد وتعميره حتى تعهد مديرية الوقف الشيعي في كربلاء وفي الفترة الأخيرة بترميمه وإصلاحه وقد عرف هذا المرقد لدى الكثير من الناس من إن الدفين هو من ذرية أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب (ع) معتمد في ذلك على ما ورد في زيارته المعلقة على جبهة الضريح . و إنصافا للحق والعدل والتاريخ والمنطق لابد لنا من أن نسلط الضوء على هذا المرقد وبيان صاحبه معتمدين في ذلك على بعض المصادر التاريخية التي تطرقت لسيرة هذا الرجل الجليل . علما من إن هذه المصادر لم تعتمد على مصادر قديمة وموثوقة . وإنما اعتمدت في الدرجة الأولى على شهرة هذا المرقد وقد اتفق معظم الباحثين على الاسم الثاني والأخير لصاحب المرقد واختلفوا في تحديد اسمه فقد ذكر السيد بحر العلوم في كتابه الموسوم ( تحفة العالم في شرح خطبة العالمة) حيث قال ما نصه :في خارج كربلاء موضع معروف على ما فيه ( فلك النجاة ) مشهد الشيخ نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن الطوسي فاضل جليل له مصنفات يرويها علي بن يحيى قاله صاحب ( أمل الأمل ) وهو والد الشيخ الأمام عماد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي صاحب الوسيلة والناقب وفي كتاب الكنى والألقاب فقد ذكره بعماد الدين محمد بن علي بن محمد الطوسي المشهدي الثقة الفقيه الجليل .
بينما نجد الشيخ العاملي فذكره في كتابه تأسيس الشيعة ويعرفه بحمزة عماد الدين محمد بن علي الطوسي صنف الوسيلة والواسطة . وهناك مصادر أخرى ذكرت ما ذكر المؤرخين الذين سبقوهم حيث إن من الغريب في أمر هذا القبر فبرغم كل هذه المصادر التي تتناوله وهي أكثرها مما زال هناك من يعتقد إن صاحب المرقد هو السيد عبيد الله بن الحمزة بن القاسم بن علي بن علي بن الحمزة بن الحسين بن عبد الله بن العباس بن الإمام علي بن أبي طالب (ع) كما جاء ذلك خطأ في زيارته الموضوعة على قبره . بينما نجد من إن معظم النسابة الثقاة منهم قد أجمعوا على إن السيد حمزة المكنى بأبن علي والد صاحب المرقد لم يعقب طيلة حياته . بينما نجد بعض المؤرخين ينسبون هذا المرقد إلى العلامة الحسن بن الحمزة كما ذكر ذلك السيد صاحب كتاب (فلك النجاة) حيث قال . إن محمد بن علي بن الحمزة الطوسي قبره بكربلا خارج البلد وهو من تلامذة محمد بن الحسن الطوسي الواقع في وادي أيمن وعلى أي حال إن كان ابن الحمزة هذا أو ذاك فهذا يكفي انه فاز بأحسن جائزة بحسن الجوار في هذه البقعة الشريفة المباركة التي رفع الله سبحانه وتعالى شأنها وعلا منزلتها لوجود قبر الإمام الحسين بن علي (ع) .

مجلة صدى كربلاء