أبو طالب

عبد مناف بن عبد المطّلب ، المشهور بأبى طالب ، أحد العشرة من أولاد عبد المطّلب

وكان عبد المطّلب الوجه المتألِّق فى قريش ، وله منزلته السامقة فى أوساطها . ثمّ جاء بعده ولده أبو طالب فورث تلك المكانة الاجتماعيّة العليّة

كان سيد قريش بلا منازع ذو الاباء والسؤدد والشهامة والكرم الذي ورثه عن ابائه عن الخليل عليه السلام

: قيل لتأبّط شرّاً الشاعرـ واسمه ثابت بن جابر : من سيّد العرب ؟

فقال : اُخبرُكم : سيّد العرب أبو طالب بن عبد المطّلب

وقيل للأحنف بن قيس التميمى:

من أين اقتبست هذه الحكم ، وتعلّمت هذا الحلم ؟

قال : من حكيم عصره وحليم دهره ; قيس بن عاصم المنقرى([1])

ولقد قيل لقيس : حلمَ من رأيتَ فتحلّمت ؟ وعلمَ من رويتَ فتعلّمت ؟

فقال : من الحليم الذى لم تحلّ قطّ حبْوته ، والحكيم الذى لم تنفد قطّ حكمته ; أكْثَم بن صَيْفىّ التميمى

ولقد قيل لأكثم : ممّن تعلّمت الحكم والرئاسة والحلم والسياسة ؟

فقال : من حليف الحلم والأدب ، سيّد العجم والعرب ; أبى طالب بن عبد المطّلب([2])

نقش خاتمه

لم يكن موحدا معتقدا بنبوة النبي صلى الله عليه واله فقط بل بوصاية وولاية ولده امير المؤمنين عليه السلام وتعرف ذلك من نقش خاتمه :

روى المفسر الكبير أبو الفتوح في تفسيره ، عن الإمام الرضا سلام الله عليه وقال روى عن آبائه بعدة طرق : إن نقش خاتم أبي طالب عليه السلام كان : رضيت بالله ربا ، وبابن أخي محمد نبيا ، وبابني علي له وصيا . ([3])

ورواه الأشكوري في محبوب القلوب

ابوطالب والكرامات المشاهدة

ولانه حجة الله ووعاء للحجة الاعظم امير المؤمنين عليه السلام لذا كان الله يريه بعض الكرامات للطمانينة ولقوة الايمان

روى أبو الحسن قطب الدين الراوندي في كتابه - الخرائج والجرائح - عن فاطمة بنت أسد أنها قالت: لما توفي عبد المطلب أخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وآله عنده لوصية أبيه به وكنت أخدمه وكان في بستان دارنا نخلات وكان أول إدراك الرطب و كنت كل يوم ألتقط له حفنة من الرطب فما فوقها وكذلك جاريتي فاتفق يوما أن نسيت أن التقط له شيئا ونسيت جاريتي أيضا، وكان محمد نائما ودخل الصبيان وأخذوا كلما سقط من الرطب وانصرفوا فنمت ووضعت الكم على وجهي حياء من محمد صلى الله عليه وآله إذا انتبه فانتبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودخل البستان فلم ير رطبة على وجه الأرض فأشار إلى نخلة وقال : أيتها الشجرة أنا جائع. فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتى أكل منها ما أراد ثم ارتفعت إلى موضعها، فتعجبت من ذلك وكان أبو طالب رضي الله عنه غائبا فلما أتى وقرع الباب عدوت إليه حافية وفتحت الباب وحكيت له ما رأيت فقال: هو إنما يكون نبيا وأنت تلدين له وزيرا بعد يأس. فولدت عليا عليه السلام كما قال :

روى الصدوق بالإسناد عن أبي طالب سلام الله عليه قال قال عبد المطلب: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، فاستوت وأنا يومئذ سيد قومي فقالت: ما شأن سيد العرب متغير اللون ؟ هل رابه من حدثان الدهر ريب ؟ فقلت لها: بلى إني رأيت الليلة أنا نائم في الحجر كأن شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها الشرق والغرب، ورأيت نورا يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم ساجدة لها، وهي كل يوم تزداد عظما ونورا، ورأيت رهطا من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن الناس وجها وأنظفهم ثيابا فيأخذهم ويكسر ظهورهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لا تناول غصنا من أغصانها فصاح بي الشاب وقال : مهلا ليس لك منها نصيب، فقلت: لمن النصيب والشجرة مني ؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها وسيعود إليها، فانتبهت مذعورا فزعا متغير اللون، فرأيت لون الكاهنة قد تغير قالت: لئن صدقت ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق والغرب وينبأ في الناس. فتسرى عني غمي، فانظر أبا طالب لعلك تكون أنت، وكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين . ( [4])

([1])هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس ، وفد علي النبىّ ½ فى وفد بنى تميم وأسلم سنة تسع ، ولمّا رآه النبىّ ½ قال : هذا سيّد أهل الوبر . وكان عاقلاً حليماً مشهوراً بالحلم ، قيل للأحنف بن قيس : ممّن تعلّمت الحلم ؟ فقال : من قيس بن عاصم ; رأيته يوماً قاعداً بفناء داره ، محتبياً بحمائل سيفه يحدّث قومه ، إذ اُتِىَ برجل مكتوف وآخر مقتول ، فقيل : هذا ابن أخيك قتل ابنك ، قال : فو الله ما حلّ حبوته ولا قطع كلامه ، فلمّا أتمّه التفت إلي ابن أخيه فقال : يابن أخى ! بئسما فعلت ; أثمت بربّك ، وقطعت رحمك ، وقتلت ابن عمّك . . . ثمّ قال لابن له آخر : قُم يا بنىّ إلي ابن عمّك فحلّ كتافه ، ووارِ أخاك ، وسُق إلي اُمّك مائة من الإبل دية ابنها فإنّها غريبة . قال الحسن البصرى : لمّا حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال : يا بنىّ احفظوا عنّى ، فلا أحد أنصح لكم منّى ، إذا أنا متّ فسودوا كباركم ولا تسودوا صغاركم فتسفّه الناس كباركم وتهونوا عليهم . . . ، وإيّاكم ومسألة الناس فإنّها آخر كسب المرء ، ولا تقيموا علي نائحة ; فإنّى سمعت رسول الله ½ نهي عن النائحة (اُسد الغابة : ٤ / ٤١١ / ٤٣٧٠) .



---------------------------------------

([2])بحار الأنوار : ٣٥ / ٦٨ ، إيمان أبى طالب" لفخار بن معدّ، الغدير : ٧ / ٤٤٥ ـ ٥٥٠ .

([3])تفسير ابي الفتوح4 : 211 ، الغدير ج 7 ص 394 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص 60

([4]) امالي الصدوق ص 158

منقوول