طرح عراقيون سؤالاً بدى مشروعاً في اطاره العام، بغض النظر عن أصحاب النية المبيّتة، حول سرّ افول نجم احمد الجلبي في سماء الحدث العراقي الأهم في هذ الوقت، وهو حروب التحرير.

وجوهر التساؤل، يخوض في سر اختفاء الجلبي عن الجهد العام، في الحرب على الإرهاب، وهو الذي يعرف من أين تُؤكل الكتف في وليمة السياسة.

فمقارنة بحضوره المكثف، في خلال فترة الانتخابات حيث اللهاث على المناصب يقطع الانفاس، انحسر حضور الجلبي منذ ذلك الوقت، حتى في مواقع التواصل الاجتماعي التي امطرها في خلال الانتخابات الماضية بوابل من امطار الحضور في التدوينات والملاحظات والتفاعل الآني مع النشطاء.

اما وقد انتهت الانتخابات، فان على الجلبي فرش خيمته لتستوعب فعاليات أخرى تدر عليه الجاه والمال، ما يضعه هذا التصرف الانتهازي في خانة "تجار السياسة"،وليس "الساسة"، بحسب رسالة وردت الى زاوية "المواطن الصحافي" من عراقي يتابع عن كثب اخبار الجلبي.

على ان على شاكلة الجلبي الكثير من "الوصوليين"، غير ان الحديث عن الجلبي له أهمية لما يمثّله من ثقل سياسي على الساحة العراقية، بوزن صخرة جلمود تحوّلت الى "اسفنجة" لن تغرق مهما وضعت عليها من اثقال واحمال بسبب صفات "الحرباوية" السياسية التي طغت على تصرفاته بعد 2003 ما احبط الآمال العراقية، به.

والرجال اذ يُعرفون بالشدائد، فانه كان منتظرا من الجلبي تفقد جبهات القتال، والحضور اللافت في اجندة التحرير، والرد على دواعش السياسة، و"الحواضن" الذين يسعون الى إبقاء داعش في العراق.

ان ظاهرة الوقوف بصمت، او على الحياد، في خلال الازمات المفصلية، باتت ديدن الكثير من السياسيين العراقيين، الذين ستاتي تقارير دورية لـ"المسلة" على فضحهم الواحد تلو الاخر، لاسما أولئك الذين يتمتعون بامتيازات المال والجاه الخيالية، والذين احتكروا المناصب وضخّموا الكروش من أموال الشعب، فيما مقاتل الحشد الشعبي، يقاتل الإرهاب ويحرر تكريت، ولم يقبض البعض من افراده راتبا، بعد.

والجلبي في هذا الصدد، ومن غير القاء الكلامَ على عواهنه، مدعو لان ينهي افول نجمه السياسي عبر المشاركة الجادة في حرب تحرير مدن العراق، وان يكون له قصب السبق في ذلك لكي لا يُصنف في خانة أولئك من "كسالى" السياسة الذين يتربعون على الكراسي من دون وجه حق.

وإذ لا تذهب "المسلة "وراء كل ما أوردته "الرسالة"، من مثْل ان الجلبي يمكن ان يكون أسدا في الانتخابات واحتفالات المجتمع السياسي المخملي، لكن ليس كذلك في جبهات الحرب، او حتى خطوطها الخلفية، بسبب نزوعه الارستقراطي وترفعه عن أبناء الشعب، فان هذا الجلبي، مدعو الى اثبات عكس ذلك.

وحوّلت اشتراطات البيروقراطية، وعشق الكرسي، ونزول الكروش الى السيقان، بعض وجهاء السياسة والمنصب الى شخصيات عرجاء تشوب سلوكياتها السياسية وحركاتها الميدانية، إعاقة مرضية، تمنعهم من مجاراة الاحداث.

ان ما افادت به الرسالة التي وصلت الى "المسلة" والخوض في تحليل ابعادها، ليس استنتاجا فضائيا،فهذا كاتب اسمه علي كردي، نشر في 6 نيسان في 2015، بان إذاعة "المؤتمر" التابعة الى "الجلبي" على حد تعبيره، "لم تقدم اي وجه من وجوه الثناء للحشد الشعبي او فصائل المقاومة التي تقاتل من اجل العراق".

ويقول كردي أيضا "منذ مدة ليس بالقليلة وجدت سياسة الإذاعة مضطربة ومرتبكة، وعندما تتبعت ما تبثه فان بعض برامجها ليس له القدرة على الاستقراء، وفي خلال الاحداث الأخيرة باتت وجها من وجوه داعش".

ويسترسل المقال "هذه الاذاعة لم تجرّم داعش بل انها لم تذكر جرائمها ضد ابناء الشعب العراقي بل انها كثيرا ما سعت اليه الى تسقيط النظام السياسي من خلال تحميل السياسيين ما وصلت اليه الامور كما ان هذه الاذاعة لم تقدم اي وجه من وجوه الثناء للحشد الشعبي او فصائل المقاومة التي تقاتل من اجل العراق جميعا كما انها لم تشر في اي يوم من الايام الى فصائل المقاومة والتي تربط الدكتور الجلبي بها علاقات طيبة".

وتابع "كما انني استطعت ان استنتج ان مدير الاذاعة له علاقة بإحدى الفصائل المسلحة المناوئة للعملية السياسية واستغل اذاعة الدكتور الجلبي لتمرير مشروعه او على الاقل تحييد هذا الصوت الذي يمكن ان يكون صوتا للمقاومة إلا انها تعيش ازدواجية بين ان تكون اذاعة داعشية او وطنية تحمل توجهات مالكها لا مديرها لذا فان هذا الاعلام هو اخطر من الاعلام".

وإذ تنقل "المسلة" هذا المقال، فانها تؤكد بانه "غيض" من فيض الكثير من الأسئلة التي يطرحها غياب الجلبي (أبو هاشم) عن أداء دوره الذي يتوجب عليه لعبه لما يتمتع به من امتيازات ورواتب ضخمة وجاه سياسي، فيما أبناء الحشد الشعبي، يضحون بأرواحهم لأجل الوطن غير منتظرين راتبا او مكرمة او عطف سياسي، مثل الجلبي،او باحث عن منصب،او جاه مثل هذا وذاك.

والموضوع برمّته، يا أيّها السياسيون.. لولا الحشد الشعبي لاختبأتم خلف كروشكم وخزائنكم، من داعش.