حاول أن تجعل من عقلك ميزانا لما تريد أن تتكلم به عند الآخرين ، وميزانا لشكل ملابسك ، وهيئتك ، ومشيك ، وجلوسك ، وميزانا لطريقة تعاملك وتصرفاتك مع الآخرين ، فإن هذا التصرف دليل على حسن العقل كما ورد (لا عقل كالتدبير).
فكر هل مفهومك صحيح ، أو معكوس ، فالعقل ميزان قد تعميه الشهوات ، والانحرافات ، فيزن لك خطأ ، وتضل الحقيقة ، فإن مريض الجسم يكون الحلو في فمه مرا ، وإن مريض القلب يكون الحق عنده باطلا ، والباطل حقا ، والحسن قبيحا ، والقبيح حسنا ، والطيب خبيثا ، والخبيث طيبا ، والسعادة شقاوة ، والشقاوة سعادة ، والممتع مؤلما والمؤلم ممتعا.
فكر في عواقب الأمور ، إذا أردت أن تعمل شيئا لا يليق فعله.
تأمل لماذا يجلس الشيخ الكبير ، فلا يخرج للرحلات؟ فلأنه يجد أحلى ، وأغلى ، وهو الاستقرار ولماذا يصوم المؤمن النوافل ، فلأنه وجد ما هو أحلى في قلبه من الطعام والشراب ، ولماذا يبادر المؤمن إلى المساجد؟ فلأنه يجد السعادة فيها ، والانشراح. لماذا تجد بعض الشباب منقطعا عن الأصدقاء ، والرحلات ، والتجمعات في كثير من أوقاته ، للدراسة ، والتحصيل ، ومع الكتب والمراجعات ، وحفظ العلم؟ فلأنه يجد متعة ، ولذة لذلك ، وهذا يدل على جودة مفهومه. وبالمقابل ، لماذا تجد من الشباب من يأخذ الكتاب قليلا ، ثم يرميه ، مللا ، وكرها له ، وقد يجلس منفردا لوقت قليل ، لعله يستفيد ، ثم يصيبه الضيق ، والملل ، وذلك فلأنه يدل على رداءة مفهومه العقلي ، والنفسي ، فلا يحتمل الوحدة النافعة ويتصورها سجنا لا يطاق.

منقول