رفض رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، أمس الثلاثاء، الشروط الأميركية بإبعاد قوات الحشد الشعبي عن المشاركة في المعارك ضد تنظيم داعش مقابل تدخلها الجوي. وشدد على أن العراق "يقبل النصح وليس الشروط التعجيزية"، فيما أكد قدرة العراقيين على تحرير بلدهم.وقال الحكيم في بيان تسلمت (المدى برس) نسخة منه، إن "العراق ابتلي بالإرهاب الأسود والفكر المنحرف الظلامي التكفيري منذ عشر سنوات، وكنا دائماً نستمع لنصائح أصدقائنا وحلفائنا"، رافضاً "الشروط الأميركية (من أجل) التدخل في المعركة التي تخوضها قوات الأمن العراقية بدعم من الحشد الشعبي".

وأكد الحكيم أن "الشروط الأميركية بإبعاد قوات الحشد الشعبي عن المشاركة مقابل تدخلها الجوي بالمعركة مرفوضة"، مؤكداً على أن "العراقيين قادرون على تحرير البلاد".
وقدم الحكيم "شكره لكل من يدعم العراق في معركته المصيرية ولكل من يقف معه في هذه اللحظات التأريخية"، مستدركاً "ولكننا نقول، إن الدعم يجب أن لا يكون مغلّفاً بشروط وإملاءات علينا، وإن الصديق لا يشترط على صديقه والحليف لا يشترط على حليفه".
وتابع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي"جربنا كل الوصفات وكل الحلول وكل الخبرات، وقد حان الوقت كي يستمعوا إلينا والى حلولنا"، مطالباً بـ"توقف قائمة الشروط المرافقة للدعم والنصائح، لأن العراق كدولة يقبل النصح، لكنه لايقبل الشروط وخصوصاً التعجيزية منها تحت أيّ مبرر".
يأتي هذا في وقت يستقبل الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للبحث في المراحل المقبلة في محاربة تنظيم داعش.
وأعلن العبادي، يوم الاثنين، انه سيطلب من الولايات المتحدة المزيد من التسليح والضربات الجوية في مواجهة تنظيم داعش، وذلك قبيل مغادرته الى واشنطن. وقال "نريد زيادة في الغارات الجوية والتزود بالسلاح".
والهجوم الذي شنه التكفيريون السبت على مصفاة بيجي التي تعد الاكبر في البلاد والواقعة على بعد مئتي كيلومتر الى شمال بغداد، جاء ليذكر بضخامة المهمة.
فاستعادة مدينة تكريت الستراتيجية التي اعلنت اواخر آذار الماضي كانت بالفعل مرحلة مهمة، لكن هذه المعركة التي تعتبر اكبر عملية تشنها بغداد على الداعشيين منذ هجومهم الكبير في حزيران الماضي، "صعبة جدا" وشهدت "مطبات" بحسب قول مسؤول اميركي كبير.
وتشكل تكريت ايضا تحذيرا لأولئك الذين رأوا ان استعادة وسط العراق وشماله جرت بسرعة كبيرة. واذا كانت استعادتها تعتبر بمثابة جسر نحو تحرير الموصل ثاني مدن البلاد الواقعة على مسافة 350 كيلومترا الى شمال بغداد، فان واشنطن تحذر من مغبة اي تسرع.
وقال مسؤول اميركي ان هذا الهجوم "يجب ان يشن عندما يكون كل شيء جاهزا" وألا يكون محددا بـ"جدول زمني صارم"، مضيفا "ان ذلك سيتطلب وسائل كبيرة وسيتطلب وقتا لوضع كل شيء في نصابه".
وبالنسبة للعبادي ستكون الاشهر المقبلة حاسمة. ويعتبر اوباما الرهان هائلا قبل سنتين من مغادرته البيت الابيض. ويؤكد منتقدوه ان انسحاب القوات الاميركية كان خطأ ستراتيجيا اتاح لتنظيم داعش التقدم بسرعة كبيرة.
ومنذ وصول حيدر العبادي الى السلطة يتساءل البيت الابيض باستمرار الى اي مدى يتغير الوضع في البلاد المهددة بالتوترات الدينية خصوصا وان قسما من المسلمين السنّة في العراق يشعرون بأنهم مهمّشون من قبل سلطات بغداد التي يهيمن عليها الشيعة. ودفع الشعور بالتهميش البعض منهم الى تقبل -- وحتى دعم -- تنظيم داعش.
ولفت مسؤول اميركي الى "ان حكومة العبادي مختلفة عن سابقتها بشأن كافة المسائل الهامة"، مشيرا الى الازمة العميقة التي كانت تواجهها البلاد عندما كان نوري المالكي في الحكم.
لكن معركة تكريت كانت ايضا مصدر توتر مع واشنطن عندما وصفت الفصائل الشيعية المدعومة من ايران احيانا بأنها تقود الهجوم.
وقال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن قبل ايام ان القادة العراقيين لايريدون ان يكونوا "دمى" في يد إيران المجاورة. ومع زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن شدد بايدن على تصميم الاخير على ان تتلقى القوات العراقية اوامرها من بغداد وليس من طهران. وقال "انه اتخذ المبادرة بشجاعة واكد ان الحكومة العراقية هي التي تقود العملية".
وأياً تكن الستراتيجية المعتمدة فإن استقرار البلاد ما زال مشروعا بعيد المنال. فبعد 1800 ضربة جوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ بداية آب الماضي، تمت استعادة بين "25 و30%" من الاراضي التي استولى عيها تنظيم داعش في 2014، حسب ما اعلن الكولونيل ستيفن وارن المتحدث باسم البنتاغون.
وأشار مسؤول اميركي الى "انها حملة طويلة الامد"، مضيفا "ستكون طويلة، طويلة، طويلة. يجب قطعا ان يبقى ذلك في البال". كما طالب العبادي علاوة على السلاح والغارات، بـ"اجراءات حازمة" لوقف تدفق المقاتلين الاجانب الى العراق وبجهد من المجتمع الدولي لوقف تهريب النفط والآثار وهي من مصادر دخل المتطرفين.