مع تصاعد الخلافات الكردية حول مشروع دستور اقليم كردستان، وقضية رئاسة الاقليم، وسعي رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الى تمديد فترة رئاسته، تلوح بوادر انفصال السليمانية كإقليم مستقل كخيار لابد منه بالنسبة للأكراد الذي يرون ان سعي بارزاني الى الانفراد بالسلطة، وتجييرها لصالح افراد عائلته، بات امرا يصعب إيقافه الا بإعلان الانفصال.

وفي حين يرى بارزاني ان التهديد بتشكيل إقليم السليمانية، مؤامرة لابد من ايقافها، يجد أولئك الذين يتبنون المشروع، خطوة مهمة لثني البارزاني عن طموحاته في ان يصبح رئيسا "ابديا".

وعبّر بارزانى عن هذا القلق في بيان نشره، الاثنين، بقوله ان "الاعلام الكردي بدأ يستهدف في الآونة الاخيرة وحدة اقليم كردستان ويتحدث عن انفصال السليمانية عن الاقليم ونحن نعتبر هذه الاحاديث مجرد اضغاث أحلام".

و عقد بارزاني، الاثنين الماضي، اجتماعا مع الجهات السياسية في اقليم كردستان بعد توجيه البارزاني رسالة إلى حكومة وبرلمان اقليم كردستان، والاحزاب السياسية، والتي تحدّث فيها عن أصوات داعية إلى الحرب الداخلية والادارتين.

وتقر مصادر كردية ﻟ "المسلة" بان الخلافات الكردية حول مشروع دستور اقليم كردستان، و رئاسة الاقليم التي يريد البارزاني تأمينها ابديا لنفسه، لا يمكن حلها في ظل اجندة بارزاني الحالية التي تسعى الى احتكار السلطة والثروة معا.

وتنتهي فترة ولاية رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني في (19/8/2015)، فيما لم تعلن أي جهة عن ترشيحها بديلا عنه.

وفي الوقت الذي تسعى فيه قوى كردية الى حل للخلافات، تقول مصادر "المسلة" ان الحل بالنسبة لبارزاني هو في ارغام المعارضين بالقوة على الإذعان لشروطه.

لكن اطرافا سياسية أعلنت ﻟ "المسلة" انه "لا يمكن القبول بذلك، وأن حساسية المسألة تمس وحدة الإقليم وسيؤدي ذلك الى التقسيم لا محال".

وزادت في القول "لا يمكن ان تقبل القوى السياسية في السليمانية ان تكون ديكورا شكليا للتغطية على انفرادية بارزاني".

ويواجه الإقليم أزمة دستورية خطيرة تتمثل بانتهاء الفترة الثانية لرئاسة مسعود بارزاني للإقليم، حيث حدد دستور الاقليم فترتين لرئاسة الإقليم لا يجوز تمديدها، مع وجود رغبة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه بارزاني بمنح رئيسه فترة ثالثة عبر تغيير الدستور، وهو الأمر الذي ترفضه عدة قوى سياسية كردية.

وأبرز الاعلام الكردي الكثير من المقالات، التي ترفض تغيير الدستور وتنتقد سياسة حكومة بارزاني.

ويقول الكاتب يوسف فرج يوسف، في حديث ﻟ "المسلة" ان "السليمانيين يشعرون بتوفق عرقي على النظير الاربيلي بوصف الاخير يمثل النزعات العشائرية واساليب تصفية الحسابات مع الخصوم بغياب الحوار، والسليماني يصف الاربيلى بضيق الافق والتصور وان مساحة تفكيره ضيقة جدا تقترب من السذاجة، لهذا لجأ مسعود البرزاني لاثبات العكس، بصرف الاموال الطائلة لإقامة المهرجانات والمؤتمرات ودعم منظمات المجتمع المدني في عموم العراق".

وتابع القول "الاموال والثروة محصورة بيد حفنة بارزانية محدودة للولاء له ولحكمه، والسليمانية تتجه الان وفق المعطيات الواقعية الى تشكيل اقليم لوحدها بتأييد إيراني".

واعتبر الكاتب وليد الطائي في حديث ﻟ "المسلة" ان "الكرد لا يرغبون بوجود مسعود برزاني وعائلته على سلطة كردستان، والاحزاب الكردية في كردستان بدأت تنزعج يوم بعد اخر من دكتاتوريته".

واستطرد "بقاء مسعود وابناءه في القرار الحكومي في كردستان سوف يجعل كردستان ساحة حرب سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية، والانسب لشعب كردستان، هي احزاب جديدة ومنفتحة على الجميع".

وشهد الإقليم حربا أهلية بين الفصائل الكردية المتناحرة في أواسط التسعينيات، وكان أبرز فصيلين هما الاتحاد الوطني الكردستاني (puk) والحزب الديمقراطي الكردستاني (kdp). وعلى مدار الصراع تدخلت الفصائل الكردية من إيران وتركيا وتدخلت كذلك في الصراع القوات الإيرانية والعراقية والتركية، مع التدخل الإضافي للقوات الأمريكية. وعلى مدار ثلاث سنوات من الحرب لقي ما يتراوح بين 3000 إلى 5000 مقاتل ومدني حتفهم.

من جانبها، اعتبرت الكاتبة منى الحسين، ان "المناحرات السياسية الكردية الداخلية مازالت قائمة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين من جهة، والاحزاب الإسلامية من جهة أخرى، والصراع المقبل على السلطة والثروة وحتى الحدود، سيحرق الإقليم".

واعتبر الكاتب والإعلامي صفاء عبد الهادي، انه في كل مرة "تظهر هشاشة الاتفاق المعلن بين الحزبين الرئيسين في اقليم كردستان، لكن الخلافات هذه المرة تنذر بانهيار هذا الاتفاق بسبب احتكار السلطة من قبل عائلة زعيم الحزب الديمقراطي الحاكم مسعود بارزاني التي قبضت على مقاليد الحكم وازدادت سطوتها بعدما تعرض غريمه جلال طالباني الى ازمة صحية ابعدته بشكل تام عن العمل السياسي واحدث اختلالا في المعادلة بين الطرفين".

واسترسل في الحديث ﻟ "المسلة"... "لعل غياب الشفافية من قبل حكومة اقليم كردستان سمة واضحة على سياساتها سواء على مستوى الداخل او في العلاقة مع الحكومة الاتحادية، والمتتبع للظروف التي احاطت بالإقليم خلال العقد الأخير، يرى ان اكثر المكاسب التي حققها جاءت على حساب المحافظات الأخرى، عبر الاستفادة من الخلافات السياسية في بغداد التي اعتاش عليها بارزاني، ويظهر ذلك جليا في الاتفاق النفطي الاخير الذي وقعته بغداد مجبرة، ليتكرر السيناريو نفسه وهو عدم الالتزام بالاتفاق رغم ادراجه بشكل رسمي في قانون الموازنة الاتحادية، كما يظهر هنا غياب الشفافية في اعلان الايرادات المسلمة الى المركز من تصدير النفط وفقا للاتفاق، خلافا لما تقوم به الحكومة المركزية باعلان المبالغ التي تحول شهريا لحساب الاقليم من اموال الموازنة".