كان التحضير لهذه السفرة الممتعة قد استغرق وقتا طويلا
وكانت الغاية زيارة الآماكن التاريخية والآثارية والدينية
في جنوب ووسط إيران تحديدا
وفق منهاج محدد ودقيق بمساعدة الخرائط الجوية ونظام GPS
بعد أن تم ختم الجوازات من الجانب العراقي
ومن ثم الجانب الإيراني أصبحنا في موقف السيارات الخاصة
حتى دار حوار بيني وبين أحد السائقين
حول أجرة السيارة ( سمند ) للوصول إلى مدينة دزفول
وكانت الساعة الواحدة بعد الظهر والجو حار في شهر حزيران
فتمت المساومة على 200 تومان وكانت قيمتها حوالي 75000 دينار عراقي
وكنت أعرف أن هذا المبلغ كبير
بالنسبة لمسافة 300كم ولثلاث ركاب
وكان الاتفاق أن تكون هذه السيارة هي التي ستقوم بتوصيلنا
وانطلقنا نحو
مدينة مهران
التي تبعد عن المنفذ الحدودي حوالي 15كم
وهناك توقف الرجل وطلب منا النقود وبعد حصوله على المبلغ
أتفق مع سائق سيارة من نوع ( سايبا ) على توصيلنا
بعد أن أعتذر منا لوجود عطل في سيارته
ولأننا كنا متعبين من رحلتنا من بغداد إلى مهران
وكانت المسافة حوالي 240كم
فوافقنا على مضض
وتحركت السيارة نحو
( ديزفول )
وفي مهران شاهدنا من بعيد
ضريح الإمام السيد حسن أبن موسى الكاظم عليه السلام
ودخلنا الطريق الدولي
رقم 64
المؤدي إلى مدينة ( دهلران ) التي تبعد عن ( مهران ) 120كم
وأخذت السيارة تسير بسرعة 100كم في الساعة
وقلنا للسائق كم أخذ منك السائق الأول
فقال 80 تومان !! وتعني حوالي 32 ألف دينار لمسافة 15كم فقط
ويبدو أننا تعرضنا للبيع على كل حال ...
فصادفنا قرية
( إسلامية )
التي تبعد عن الطريق 3كم ومن ثم عبرنا قرية
( جالاب )
وفيها طريق يوصلنا إلى جبل عالي
فيه ضريح ا
لسيد بير محمد ومغارة ( هوملاند ) الرائعة الجمال
و
( آتشكده قيفر ) التي هي عبارة بناء حجري له أربعة أقواس إسلامية
ويطل على مناظر طبيعية خلابة
ونظرا لبعد المسافة وعدم اتفاقنا مع السائق لضعف التفاهم بيننا
واصلنا المسير حتى وصلنا إلى مدينة صغيرة تسمى
( جنكولة )
والتي تبعد عن الطريق العام 3كم
ومن ثم واصلنا المسير ودخلنا قرية
( فسيل )
التي تقع على الشارع العام ومن ثم وصلنا إلى قرية
( هاويان )
وجنوب هذه القرية يقع ضريح
( إمام زاده إبراهيم قتال )
ولأن المكان يبعد 8كم فطلبت من السائق المسير
حتى وصلنا قرية أطراف قرية
( جلالي )
ومن ثم
( بيشه دراز ) ومن بعدها
( سنكرنادر ) حتى وصلنا إلى قرية
( ميمه )
وتوقفنا للراحة وشربنا العصائر والماء وغسلنا وجوهنا
وانطلقنا حتى دخلنا مدينة ( دهلران )
وهي مدينة عادية ليس فيها ما يثير
فلم نتوقف فيها أصلا وبعد خروجنا منها بحوالي 6كم
شاهدنا
ضريح الإمام زاده ( سيد أكبر )
ومن بعدها عبرنا قرية
( بتكه )
ومن بعدها قرية
( عين خوش ) حتى وصلنا إلى مدينة صغيرة
اسمها
( دشت عباس )
وهنا تم بيعنا مرة أخرى بحجة عطل السيارة وتوقف ( التبريد )
وبعد ربع ساعة تقريبا أتفق السائق الثاني مع سائق ثالث
وكان كبيرا في السن
وما أن حملنا أمتعتنا حتى غادرنا مسرعا
ومن دون حتى السلام علينا فعرفنا أنه كذب علينا
ولم يكن في سيارته أي عطل
وواصلنا المسير مع السائق المسن
حتى وصلنا إلى
قرية ضريح إمام زاده عباس
وعبرنا بعد ذلك
سد نهر ( الكرخة )
وشاهدنا الجسر القديم التاريخي الذي أسمه
( كانال أب روكذر دوران )
هو جسر يعود إلى العهد الصفوي
ومن ثم دخلنا اطراف مدينة ديزفول وحينها قال لنا السائق بالفارسية
عن أي فندق تريدون فقلت له ....
( هتل جهانكردى دزفول ) ففهم منا
ولكنه أخذ يكلمنا بحسرة وبالإشارة بأن السائق قد خدعه
واعطاه 25 تومان فقط بمعنى 10000 دينار على كل هذه المسافة الطويلة
ولم يكن هذا هو الاتفاق
ولم نفهم ما قاله له السائق الثاني !!
لكن فهمنا أن الثمن أكثر من نصفه هو ثمن الوقود
وأخذ يكلم نفسه بحزن ومن ثم أخذ المبلغ وقبله ووضعه على جبينه
ووضعه في جيبه ولم يتكلم بعدها
وقبل أن نصل الفندق حتى منحته 10 تومان إضافية
ولكنه رفض بشدة وقال بما معناه أن الذنب ليس ذنبكم وانتم غرباء
ومن الواجب أن اوصلكم إلى الفندق سالمين
ورغم كل محاولاتنا رفض قبول المبلغ
وكانت المحاولة الأخيرة بالإشارة والكلام أن هذا المبلغ ليس لك ولكنه لأطفالك
فقبله منا وهو يشكرنا على فضلنا
وأخيرا أوصلنا إلى باب الفندق وشاركنا في انزال الأمتعة الخاصة
وهو يقول لنا بما معناه أنه عاجز عن شكرنا
وأنه خجل لقبوله المبلغ
وغادرنا وهو يحني رأسه مرارا .
وقفنا أمام الفندق وكان يبدو من الخارج جميل جدا وحديث البناء
فتشاورنا بيننا وقلت لهم إذا كان الفندق مريح سنبقى فيه
وهو لا يبعد كثيرا عن وسط المدينة
وإذا كان ليس مريح فلدينا بدائل أخرى
مثل
( هتل دز ) ...
و
( هتل كاخ سفيد ) الذي كان ينزل فيه الامبراطور محمد رضا بهلوي .
ودخلنا الفندق وكان ذلك قبيل المغرب
وكان في استقبالنا فتاتين جميلتين بشوشتين
صاحبتا ابتسامة ساحرة فتكلمنا معهم بالعربي فلم يفهموا منا شيء
ومن ثم أخذت اتحدث لهم بالإنكليزية والعربية
ولغة الإشارة والورقة والقلم
حتى فهموا أخيرا وهن يضحكن من طريقتنا في التعبير
فكان ثمن الغرفة لليلة واحدة 175 تومان لثلاث أفراد
فطلبنا رؤية الغرفة
فكانت جميلة جدا والتبريد جيد والنظافة واضحة وحمام لطيف
وكل ما نحتاجه فطلبوا منا جوازات السفر
وهم من كتبوا الاستمارات
وكان لديهم سؤال حول عدد الأيام التي سنمضيها في الفندق
فقلنا لهم أن الفترة مفتوحة
وأخيرا عرفوا كيف يتواصلون معنا
ووضعنا مبلغ 400 تومان على سبيل الأمانة .
ودخلنا الغرفة وكنا متعبين
بعد مسير أستمر من الساعة الخامسة صباحا في بغداد
إلى الساعة السادسة قبيل المغرب في مدينة ( دزفول )
بعد أن قطعنا مسافة 515كم
ودخلنا في نوم عميق
بعد تناولنا القليل من الطعام الذي كان معنا .
المسافة الأولى 515 كم
إلى حلقة أخرى
المفضلات