وصف النار أعاذنا الله منها

الحمدُ لله الحيِّ القيومِ، الباقِي وغيْرُه لا يدوم، رَفَعَ السماءَ وزيَّنها بالنجوم، وأمْسَك الأرض بجبالٍ في التُّخوم، صوَّر بقدرتِه هذه الجُسوم، ثمَّ أماتها ومحا الرُّسوم، ثم ينفخُ في الصُّور فإذا الميْتُ يقُوم، ففريقٌ إلى دار النعيمِ وفريقٌ إلى نارِ السَّموم، تفْتَحُ أبوابُها في وجوهِهِم لكلِّ بابٍ منهم جزْءٌ مقسوم، وتُوْصَدُ عليهم في عَمَد ممَدَّدَةٍ فيها للهمُوم والغُموم، يوم يغْشاهُمُ العذاب مِنْ فوقِهم ومن تحتِ أرجُلِهمْ فما منهم مرْحُوم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شهادةَ مَنْ للَنجاةِ يَرُوم، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، الَّذِي فَتحَ الله بدينِه الْفُرْسَ والرُّوم. صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه ومن تبعهم بإحسانٍ ما هَطَلت الغُيوم، وسلَّم تسليماً.
إخواني: لقد حذَّرنا اللهُ تعالى في كتابه من النارِ وأخبرَنا عن أنواعِ عذابِها بما تتفطَّر منه الأكبادُ وتتفجرُ منه القلوب، حَذَّرنَا منها وأخْبَرَنا عن أنواع عذابِها رحمةً بنا لنزدَادَ حَذراً وخوْفاً، فاسمَعوا ما جاء في كتاب الله تعالى وسنةِ رسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أنْواع عذابِها لعلكم تذَكَّرُون، وأنيبُوا إلى ربكم وأسلمُوا له من قبل أنْ يأتِيَكم العذابُ ثم لا تُنْصَرُون، قال تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} وقال تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} وقال تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} وقال تعالى مخاطباً إبليس:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ - وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ - لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} وقال تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ - إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ - تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} وقال تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} وقال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}
وقال تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ - فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ - وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ - لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ} وقال تعالى: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} وقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ - نَارٌ حَامِيَةٌ} وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ - يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} وقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ - لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ - لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وقال تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ - كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} وقال تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ - سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} وقال تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ}
وقال تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء: 56] ، وقال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ - طَعَامُ الْأَثِيمِ - كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ - كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} وقال في تلك الشجرة: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ - طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}
وقال تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ - لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ - فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ - فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ - فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} وقال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} وقال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} وقال تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ - يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ - لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ - وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ - وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} وقال تعالى: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا - إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} وقال تعالى: {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} وقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ - نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ - الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ - إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ - فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}
والآياتُ في وصفِ النارِ وأنواعِ عذابِها الأليمِ الدائمِ كثيرةٌ.
أما الأحاديثُ فعنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يُؤتى بالنارِ يومَ القيامةِ لها سبعون ألفَ زمامٍ، مع كلِّ زمامٍ سبعون ألفَ مَلَك يجرونها» (1) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «نَارُكم هذِه ما يُوقد بنُو آدمَ جُزْءٌ واحدٌ من سبعين جزءاً من نار جهنَّم "، قالوا: يا رسولَ الله إنَّها لَكَافيةٌ؟ قال: " إنها فُضِّلَت عليهَا بِتِسْعَةٍ وستينَ جزءاً كلُّهن مثلُ حرِّها» (2) وعنه رضي الله عنه قال: «كنَّا عندَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَمِعنَا وَجْبَة فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَدْرُونَ ما هَذَا؟ " قلْنَا: الله ورسولُه أعلمُ. قال: " هذا حجرٌ أرْسَلَه الله في جهنَّمَ مُنْذُ سبعينَ خَريفاً (يَعْنِي سبعينَ سنةً) فالان حين انتهى إلى قعرها» (3) .
وقال عُتْبَة بنُ غَزوانَ رضي الله عنه وهو يَخْطب: لَقَدْ ذُكِرَ لنَا أنَّ الحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِير جَهَنَّمَ فيهوي فيها سبعين عاماً ما يدركُ لها قَعْراً والله لَتُمْلأن أَفَعَجِبْتُم؟ (4) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَوْ أنَّ قطْرةً من الزَّقُّومِ قَطَرَت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم» (5) .
وعن النعمانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ أهْوَنَ أهل النارِ عذاباً مَنْ لَهُ نَعْلانِ وشِراكان من نارٍ يَغلي منهما دماغُه كما يغلي المِرْجَل ما يَرَى أنَّ أحداً أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا» (6) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُؤْتَى بأنْعَم أهل الدنيا مِنْ أهل النار فيُصْبَغ في النارِ صَبْغَةً ثم يُقَال: يا بن آدمَ هل رأيتَ خيراً قطُّ؟ هل مَرَّ بكَ نعيمٌ قط؟ فيقولُ: لا والله يا ربِّ، ويُؤْتَى بأشَدِّ الناسِ بؤساً في الدنيا مِنْ أهل الجنة فيصبغُ صبغةً في الجنة فيقال: يا بن آدمَ هل رأيتَ بؤساً قط؟ هل مَرَّ بك من شدة قط؟ فيقولُ: لا والله يا ربِّ ما رأيتُ بؤساً ولا مرّ بي من شدةقط» (1) يعني أنَّ أهل النارِ ينسُون كلَّ نعيمٍ مَرَّ بِهِم في الدُّنيا، وأهْلَ الجنة ينسون كلَّ بؤْسٍ مرّ بهم في الدنيا، وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يُقَالُ للرجلِ من أهل النارِ يومَ القيامةِ: أرأيْتَ لو كانَ لكَ ما على الأرض من شيء أكنتَ تفتدي به؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيقول: قد أردتُ منكَ ما هُو أهْونُ من ذلكَ، قد أخذتُ عَلَيْك في ظهرِ آدم أن لا تُشْرِكَ بي شيئاً، فأبيتَ إلاَّ أنْ تشركَ بي» (2) .
وروى ابن مَرْدَوَيْهِ عن يَعْلَى ابن مُنْيَة وهو ابن أمية ومنية أمه أنه قال: يُنْشِئ الله لأهل النار سحابةً فإذا أشْرَفَتْ عليهم نادَاهُمْ: يا أهل النَّارِ أيُّ شيءٍ تطلبون؟ وما الَّذِي تسْألون؟ فيذكرونَ بها سحائبَ الدنيا والماءَ الَّذي كان ينزلُ عليهم، فيقولون: نَسْأَلُ يا ربِّ الشرابَ، فيُمطرُهم أغلالاً تزيد في أغلالهم وسلاسل تزيدُ في سلاسِلِهم، وجمراً يُلْهِب النارَ عليهم، وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثةٌ لا يَدْخُلون الجنّةَ: مُدْمِنُ خمرٍ وقاطعُ رحم ومصدِّق بالسحرِ، ومَنْ مات مدمنَ الخمرِ سقاه الله من نَهْرِ الغوْطة ". قيل: وما نهرُ الغوطةِ؟ قال: " نهرٌ يجري من فروج المُومِسَاتِ يؤذي أهلَ النار ريحُ فروجهن» (3) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن على الله عهداً لمنْ شرب الْمُسْكِرات لَيَسْقِيه من طِينةِ الخبَالِ ". قالوا: يا رسولَ الله وما طينةُ الخبَالِ؟ قال: " عَرق أهل النار أو عصارة أهل النار» (4) . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يُقَال لليهودِ والنصارى: ماذا تَبْغُون؟ فيقولونَ: عطِشنا ربَّنا فاسْقِنَا. فيُشار إليهم: ألا تَرِدُون؟ فيُحْشَرون إلى جهنَم كأنها سرابٌ يحطِمٌ بعضُها بعضاً فيتَساقطونَ في النار» (5) قال الْحَسَنُ: ما ظَنُّك بقوم قاموا علىأقدامهم خمسينَ ألْفَ سنةٍ لم يأكلوا فيها أكلةً، ولم يشربوا فيها شَرْبة حتى انقطعت أعناقُهم عطشاً، واحتَرقَتْ أجوافُهم جوعاً، ثم انْصُرفَ بهم إلى النارِ فيُسْقَون من عينٍ آنِيَةٍ قد آنَ حَرُّها واشتد نُضْجُها.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في وصف النار: دارٌ قَدْ خُصَّ أهلُها بالبِعادِ، وحُرِموا لذةَ المُنَى والإِسْعاد، بُدِّلَت وضاءةُ وجوهِهِم بالسَّواد، وضُرِبُوا بمقَامِعَ أقْوى من الأطواد، عليها ملائكةٌ غلاط شداد، لو رأيتَهم في الحميمِ يسرحون، وعلى الزمهرير يُطْرَحون، فحزنُهم دائمٌ فما يفْرَحون، مُقَامهم محتومٌ فما يبْرَحون أبَدَ الآباد، عليها ملائِكةٌ غلاط شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسُّفهم أقوى من الْمُصاب، يبكُون على تضييع أوقات الشباب، وكلَّما جَادَ البكاءُ زاد، عليها ملائكة غلاظٌ شِداد، يا حسرتهم لِغَضَبِ الخالق، يا محنَتهُمْ لعِظَم البَوَائِق، يا فضيحتَهم بين الخلائق، على رؤوس الأشْهاد، أينَ كسْبُهُم للحُطام؟ أينَ سعيُهم في الآثام؟ كأنَّه كان أضغَاثَ أحْلام، ثم أُحْرِقت تلك الأجسام، وكلما أُحْرِقت تُعَاد، عليها ملائكةٌ غلاظٌ شِداد.
اللهُمَّ نَجِّنا من النار، وأَعِذْنَا من دارِ الخزْيِ والْبَوَار، وأسْكِنَّا برحمتِك دارَ المتقينَ الأبرار، واغفرْ لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.