تبين هجمات متطورة دبرها فرع تنظيم داعش الارهابي في السعودية أن وجود التنظيم في المملكة أكثر رسوخا من التقديرات السابقة وأن مشكلة التشدد التكفيري التي تواجهها الرياض باقية.

وإذا تحول الأمر إلى حملة متواصلة من جانب المتشددين فقد يقوض ذلك الاستقرار في السعودية أكبر دول العالم تصديرا للنفط ومهد الاسلام وهي من الدول العربية الكبرى المهددة باضطرابات سياسية وحروب أهلية.

وقال توماس هيجهامر مؤلف كتاب (الجهاد في السعودية) "أي دولة تشهد تفجيرين كبيرين متعاقبين تواجه مشكلة. فليس من المفترض أن يحدث هذا ولذلك فمن الواضح أن هناك شبكة جديدة لا تسيطر عليها أجهزة المخابرات بالكامل".

وقد استهدفت الهجمات ضد الشيعة وكذلك رجال شرطة ووافدين غربيين وهي تمثل أخطر تهديد من جانب المتشددين داخل المملكة منذ وضعت حدا لحملة شنها تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2006.

حتى أصحاب الميول الليبرالية نسبيا بين الاسلاميين من السنة في المملكة مثل محسن العواجي الناشط الذي سجن مرارا في التسعينات لاتهامه بتهييج الرأي العام بالمطالبة بملكية دستورية يقولون إنهم يتفهمون جاذبية تنظيم داعش الارهابي.

* فكر المتشددين

رغم أن مشكلة التطرف في السعودية أبعد ما تكون عن التفرد، إذ انضم الشبان من دول من مختلف أنحاء العالم إلى صفوف المتطرفين فالمملكة تحظى بقدر أكبر من الاهتمام من أي دولة أخرى لأنها مركز للفكر التكفيري المحافظ.

وقد لعب السعوديون دورا بارزا في ظهور الحركات المتطرف القديمة والحديثة فكان منهم رجال الدين والمقاتلين والممولين للجماعات الاسلامية حول العالم إلى أن اعترفت الحكومة بالمشكلة بعد الاعتداءات التي شنها تنظيم القاعدة عام 2003.

وبعد تلك الهجمات ألقت السعودية القبض على أكثر من 11 ألفا ممن كانت شبهات التطرف تحوم حولهم ومن رجال الدين والمدرسين المفصولين الذين اكتشفت السلطات أنهم يشجعون الفكر المتطرف ومنعت السفر للخارج من أجل المشاركة في القتال.

وقبل شهر قالت وزارة الداخلية التي يتولاها الأمير محمد بن نايف إنها أحبطت محاولة لتهريب مواد شديدة الانفجار إلى السعودية من البحرين. لكن دبلوماسيا في الخليج قال إن هذا الاكتشاف تم عن طريق الصدفة موحيا بأن شحنات أخرى ربما تكون قد وجدت طريقها إلى داخل البلاد.



ويختلف المذهب الوهابي السائد في السعودية اليوم عن فكر تنظيم داعش في تحريم الخروج على الحاكم في الحكومات التي تعتبرها مشروعة وفي معارضة الاعتداء على غير المسلمين في أغلب الظروف.

ولاية نجد

وأعلن تنظيم يسمي نفسه ولاية نجد وهو فرع من تنظيم داعش المسؤولية عن الهجمات على مساجد للشيعة في المنطقة الشرقية يومي 22 و29 مايو ايار.

ورغم أن عددا من المعتقلين من نجد بمن فيهم قائد في تنظيم داعش من مدينة الزلفي حسبما ذكرت وسائل الإعلام المحلية فإن قائمة 16 مشتبها في التفجيرات نشرتها وزارة الداخلية تضمنت أسماء تنتمي لقبائل من مختلف أنحاء المملكة.

وامتنعت الوزارة عن إصدار تعليقات لهذا التقرير لكنها تصف المتطرفين بأنهم يمثلون تهديدا للسعودية وأعلنت تفاصيل جهودها للتصدي للفكر التكفيري بالإضافة إلى احتجاز من تحوم شبهات التشدد حوله.

وقد اعتقلت قوات الأمن مئات المشتبه بهم في السنوات الأخيرة كان كثيرون منهم يعتزمون السفر إلى العراق وسوريا للجهاد أو لتشجيع آخرين ومساعدتهم على السفر من أجل الجهاد.

وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية لرويترز في مارس/ آذار إن 2284 سعوديا انضموا لجماعات متشددة في سوريا منذ بدء الصراع عام 2011 من بينهم 645 شخصا عادوا للمملكة ونحو 570 قضوا نحبهم.

وأضاف أن عدد السعوديين المسافرين إلى سوريا انخفض فيما يبدو بعد صدور مرسوم ملكي في مارس آذار عام 2014 يقضي بعقوبات بالسجن لفترات طويلة على من يحاول القتال في الخارج.

غير أن أبو بكر البغدادي الذي أعلن نفسه خليفة على رأس تنظيم داعش حث السعوديين في ايلول الماضي على عدم السفر للانضمام إلى صفوف المقاتلين في سوريا والعراق وطالبهم بدلا من ذلك بالبقاء في بلادهم والقتال في سبيل داعش. ويبدو أن أنصاره قد فعلوا ذلك.



منقول لابداء الراي والمناقشة