من الذي أخبره بذلك
لكي يحضر في الوقت المناسب لتصوير هذا الحدث
وهناك روايات .. فمنها أن صباح أرسل في طلب المصور جان
( شاعر الكاميرا ) لكي يخبره بذلك شخصيا
وحذره من عواقب عدم حضوره .
وهذا مستبعد فليس من طبع صباح التعرض للناس أو تهديدهم
ومنها أن أحد المقربين من صباح هو الذي أخبره بذلك
وأن عليه أن يحضر في الوقت المناسب .
وهناك من يزعم أن صباح هو الذي ذهب إليه
هو في وسط الصورة
فماذا جرى بالتحديد ؟
جسر المأمون ( جسر الشهداء ) حاليا
له أربعة دعامات رئيسية
كما في الصورة
الجسر الأول اعلى الصورة
فكل الحكاية أن صباح نوري سعيد كان في تشكيل جوي
ويسمى ( رف ) وكانت الطائرة لطيار واحد
فأنه قال لصديقه العقيد ( محمود شاكر رضوان ) ضمن مداخلة
بأنه سيجعل بغداد تهتز !!!
ولكن ما علاقة أمريكا في الموضوع ؟
لكي يدخل صباح نوري في رهان مع طيار أمريكي !!!
ويقال أن هذا الطيار الأمريكي استخف بقدرة الطيارين العراقيين
على المغامرة والمجازفة !!
مع أن الجميع يعلم أن السلاح الجوي العراقي
مكون من طائرات بريطانية النوع
وليست امريكية أصلا !!!
ولا وجود أصلا لدورة تدريبية أمريكية في العراق ذلك الوقت
بل ربما دورة تدريبية بريطانية
وكان التحدي مع أحد منهم ربما .
هذا الكلام نقله محمود شاكر لصديقه فيصل فهمي
وكان صباح يعي جيدا ماذا سيفعل
فأنه وجد أن جسر ( الشهداء ) لا يصلح للقيام بالمهمة
لأن المسافة الفاصلة قصيرة
وجرب ( جسر الاحرار ) فأنه كان من ستة دعامات رئيسية
وهو أكثر ارتفاع من الجسر السابق
ومن الممكن المجازفة بكثير من الحظ
واختار صباح نقطة المنتصف لنفيذ المغامرة
وحضر أرشاك في الوقت المحدد
واستعد للتصوير وكان يقف على حافة الجرف المائي لنهر دجلة
ولم يكن يستقل ( زورق بخاري كما قيل )
وخلال أقل من عشرين ثانية قام صباح بمغامرته
في وقت مبكر من ذلك اليوم
وكان صباح السعيد يقود طائرته بسرعة
وأخترق ما بين دعامتين من الجسر
ومن ثم حلق عاليا مبتعدا
ثلاث صور مختلفة لصورة واحدة فقط
فقيل أن ( أرشاك )
التقط 11 صورة خلال عشرين ثانية !!
فهل هذا معقول ؟
وهل هناك تقنية في ذلك الوقت تسمح بذلك ؟
وأصلا كان الرجل لم يكن يتوقع ذلك أبدا
فلم يستطع سوى التقاط صورة واحدة فقط للحدث
وبقيت الصورة هي الشاهد الوحيد
وكان ذلك سنة 1940م كما تذكر بعض المصادر
فقيل أن جان أرشاك سارع إلى محله
وقام بتظهير عشرة صور .. ونسي واحدة
ومن ثم ذهب لمجلس الوزراء حيث مكتب نوري سعيد
وكان جل اعتقاده أنه سيحظى بمكافأة سخية من الباشا السعيد
ولكن حين شاهد الباشا الصورة أو الصور
استشاط غضبا من تصرف ولده الصبياني الذي لا يمكن قبوله أبدا
وأخذ يضرب جان بصفعات متتالية
فيقول عبد الرزاق الحسني :
كان معي مرافق نوري السعيد
( وصفي طاهر ) فخلصنا أرشاك من غضب نوري بالقوة .
عبد الرزاق الحسني
وصفي طاهر
كل المصادر التي بين يدي تشير إلى أن صباح نوري
طار فوق الاعظمية وتجاوز جسر الشهداء
ودخل من تحت جسر الاحرار
وهذا خطأ تاريخي فادح
فهو جاء من جهة الكرادة فليس هناك جسور
مثل جسر الجمهورية وجسر السنك
فسار بصورة متساوية في أرتفاع محدد واخترق الدعامتين بسهولة
كما يظهر في الصورة
ولو جاء من الجهة الأخرى فأن المسافة
بين ( الشهداء ) و ( الاحرار ) قصيرة جدا ولا تسمح له حتى بالمناورة
فكيف تستطيع طائرة بدائية فعل ذلك !!
وقيل أيضا أن نوري السعيد مزق الصور العشرة
فهل مزق أو احرق ( الصور السالبة ) !!!؟
ثم يأتي صباح نوري لكي يأخذ من جان أرشاك
الصورة 11 ويحتفظ بها ثم تنشرها زوجته عصمت في كتابها !!!
وكل مصور فوتغرافي يعلم جيدا تقنية التصوير
وأن ترك صورة واحدة هو أمر مستحيل
أو أنها احتفظ بها لغاية في نفسه
وهي التي سلمها لصباح
ورغم كل ما قيل من أن الباشا طرد أبنه من سلك الطيران
فأن ذلك ليس صحيح .
ولكن صحيح أنه وبخه بكلمات قاسية
صباح نوري السعيد فعلها مرة أخرى ولكن من دون أن يخبر أحد
حين افتتاح جسر الملكة عالية سنة 1948م
الذي هو جسر ( الجمهورية ) الحالي
وكان معه الوصي عبد الإله ومعظم رجال الدولة
فهل هي الصورة المفقودة
وللعلم فأن لجسر الملكة عالية ثماني دعامات أساسية
وكانت الصدمة عنيفة للباشا
وما أن شاهده حتى قال له بغضب شديد :
(( هل تعلم كم سعر هذه الطائرة ؟
وكم كلفت الدولة ... أنت حر بحياتك
ولكنك لست حريص على اموال الدولة وممتلكاتها ))
وفي اليوم التالي صدر أمر وزاري
بأبعاد صباح نوري من القوة الجوية العراقية
وعين مديرا للسكك الحديدية .
أنتهى
المفضلات