مثل اليس في بلاد العجائب, وجدت فطيمة نفسها في ستوكهولم.... بلاد كانت تكرهها رغم انها لم تسافر في حياتها, لكن (كوادلبي) كشفت لها ان في بلاد الغرب (لا عيب ولا فشلة). ورغم ان العيب والفشلة وجدتها في حياتها قبل (ما يجوز) و(حرام) ,لكن ولادة امرأة امامها في حديقة المستشفى دون مساعدة من اي احد (جميع منتسبي المستشفى) بحجة (عدم مراجعة العيادة الخاصة بهم) جعلها (تلعن ابو طاهرهم) وتسافر.
فطيمة لا تجيد سوى اثنين: التذمر من (خشم ) ابو كريم زوجها والغيبة. رغم ان فلسفتها المعرفية لا تسميها (غيبة) ,بل هي حقائق انتجها فكرها الاعور الذي استمد نظرياته وغذته قنواتنا التي فتحها ساستنا لتطبيق نظريتهم العوراء,والتي يعدونها في نظرهم فتحا مبينا (فوك ظيم الله ضربني بميجنه)!!
حل المساء....كمدمن مخدرات تحتاج الى جرعة غيبة.منذ الصباح لم تشاركها امرأة في تشريح احد, رجل,امرأة,لقد مر يوم كامل دون ان تصعَد احداً على مشرحتها، لا غيبة هنا , لا ام جاسم ولا غنيمة.
تتكور في زواية من زوايا شقتها, تراها تهزأ منها, على العكس من (كوسر) زوايا بيتها التي تواسيها حزنا وتحفظ اسرارها. تغرق في دوامة حزنها الموروث والمتراكم من سومر وبابل الى قادسية هدام و ورثته الجدد .تمر بكل المحطات ,فقد الاخ, ذبح الابن, سبي بنات منطقتها .. رؤساء كثر وحزن وويلات اكثر. تكتم المها كشمعة تحتضر وحيدة, دون وداع ببسمة من حولها. تنكمش كثمرة تين جف ماءها, ينساب في عصبها الحنين, تتجمد حنجرتها, يأخذها الشوق الى ام غافل ,اكثر شيء كرهته في الوجود لأنها (ارجح منها) ,تتذكر غريبا مثلها, عطش مات- وحنين- ,وعطش حنين يقتلها.
تطرق باب جفنها دمعة, بكرم عراقي تفتح لها, تحاول ان تواسيها... تخذلها المعرفة, ينجدها الالم المتجذر فيها, يبرق من شظايا روحها انين يحاول اسعافها, ينساب من جميع عروقها, اجزاءً, اجزاءً, يجتمع في حنجرتها, يخرج متشحا بدموعها, تزينه حشرجات ونشيج ينطلق في سمائها:
- هلي وياكم يلذ العيش ويطيب
ونسايمكم تداوي الجرح ويطيب
هلي منكم تعلمت الوفة والطيب
هلي يهل المضايف والدلال