في تقرير أصدرته شركة فيزا ونشرته مجموعة من المؤسسات الإعلامية منها ''العربية نت'' وصحيفة ''الرياض'', ذكر أن السياح السعوديين هم الأكثر إنفاقا في رحلاتهم السياحية، حيث جاء في التقرير ''احتل السعوديون المرتبة الأولى على مستوى العالم فيما يتعلق بالإنفاق السياحي بنحو 6.6 ألف دولار للرحلة الواحدة بحسب دراسة متخصصة حول توجّهات السفر في عام 2013، وبحسب الدراسة التي أعدتها شركة فيزا، فقد تفوق السعوديون على الأستراليين الذين جاؤوا في المرتبة الثانية بمعدل 4.118 ألف دولار، والصينيين بمعدل 3.824 ألف دولار، وشملت الدراسة التي نشرتها صحيفة ''الرياض'' نحو 12 ألفاً و600 مسافر من 25 بلداً، وبيّنت أن متوسط ميزانية السفر العالمية البالغ 2.390 ألف دولار للرحلة الواحدة مؤهل للارتفاع إلى 2.501 ألف دولار''.
فكما هو ملاحظ في الدراسة أن معدل إنفاق السائح السعودي يفوق 150 في المائة من حجم متوسط الإنفاق على السياحة مقارنة بمتوسط ما ينفقه السائح من دول أخرى، بل يفوق في هذه الدراسة السائح الأسترالي، وهو الذي جاء في المرتبة الثانية من جهة الإنفاق بما يزيد على 50 في المائة، وهذا يزيد من حالة استنزاف الناتج القومي للمملكة، ففي الوقت الذي يركز فيه كثير من الاقتصاديين على حجم تحويل القوى العاملة الأجنبية الذي يستنزف كثيرا من الناتج القومي، نجد أنه بناء على هذه الدراسة فإن هناك سببا آخر لاستنزاف الناتج القومي الوطني وهو السياحة. ففي الحالتين نجد أن المال يخرج تماما عن دورته الاقتصادية داخل البلاد، وهذه بلا شك قضية تستحق الدراسة لإيجاد حلول للحد من تسرب كثير من الأموال خارج البلاد بما يزيد من الضغط على الناتج القومي ويضر بالنشاط الاقتصادي داخل البلاد.
الحديث عن صرف المواطن على السياحة الخارجية لمصلحة السياحة الداخلية وإن كان مجديا للبعض فإنه لن يكون مجديا لكثير من المواطنين، خصوصا أن دوافع السياحة متعددة وجزء منها الرغبة في التغيير، والتعرف على ثقافات أخرى, إضافة إلى عوامل الجذب السياحي التي تتمتع بها بعض البلدان التي جعلت من السياحة لديها صناعة وموردا يمثل جزءا لا يستهان به من دخلها، لكن من المهم في الوقت نفسه التفكير في تعويض ما يتم إنفاقه في الخارج من خلال أن تكون المملكة وجهة سياحية لغير المواطنين، خصوصا عندما نعلم أن المملكة تتمتع بوجود الحرمين الشريفين، ما يعزز نجاح تنظيم رحلات سياحية تتضمن زيارتهما وتحقق عوائد كبيرة على المستوى الوطني، وبالإمكان أيضا أن يقنع البعض من المواطنين بالسياحة الداخلية في حال وجد فيها بديلا عن البحث عما يريد خارج المملكة.
لكن السؤال هنا: لماذا السياح السعوديون هم الأكثر إنفاقا، وليس هذا فقط، بل هم ينفقون أكثر من ضعف ما ينفقه الآخرون حول العالم؟
لا يمكن أن نفسر ذلك فقط بحالة من البذخ التي يوصف بها المواطن الخليجي وبالطبع السعودي، فكثير من المواطنين يحرصون على الترشيد في الإنفاق في رحلاتهم السياحية، خصوصا من متوسطي الدخل، إذ إن المبالغة في الإنفاق في رحلة واحدة قد يؤدي إلى عبء مستقبلا، خصوصا أن البعض قد يحتاج إلى قروض ليغطي تكلفة الرحلة، بل وكما هو معلوم أن جهة الدراسة هي شركة فيزا وهي في الأصل تقدم خدمة الإقراض للأفراد ببطاقاتها الائتمانية. لكن نجد أن الكثير من السياح يفضلون شراء احتياجاتهم من الخارج لوجود تنوع في السلع، وقد يكون بسبب انخفاض أسعارها أيضا مقارنة بأسعارها في المملكة، كما أن التنوع في الترفيه الذي قد لا يجده بالمستوى نفسه في المملكة يجعله ينفق بصورة أكبر مقارنة بالآخرين، كما أن شركات السياحة في المملكة تقدم برامج سياحية مكلفة جدا مقارنة بشركات أخرى حول العالم، وهذا ما يصنع فرقا واضحا في التكلفة على المواطن. إضافة إلى أمور تتعلق ببعض السياح السعوديين الذين لا يحددون احتياجاتهم السياحية ولا يرتبون لها مسبقا، فتزيد عليه تكلفة الطيران، إضافة إلى استئجار سكن بسعر عال لا يستفيد من كامل خدماته.
الخلاصة أنه في الوقت الذي تعتبر فيه تحويلات الأجانب الكبيرة استنزافا للناتج القومي، نجد أن إنفاق المواطن على السياحة بحسب دراسات هو الأكبر وقد يستنزف أكثر من تحويلات الأجانب، وهذا يدعو إلى العمل على تعزيز برامج السياحة الداخلية، وأن تعمل الشركات السياحية المحلية على تقديم برامج سياحية اقتصادية، والحرص على توعية السائح السعودي لترتيب رحلاته واحتياجاته السياحية لتخفيف التكلفة عليه، والحد من إخراج مزيد من الأموال خارج دورتها الاقتصادية داخل الوطن.

منقول من هنا