( الوزغ بين العلم والدين والبحث عن الحقيقة )


(( الوزغ ))

البرص أو ( أبو بريص )
أو في العامية العراقية الدارجة ( البريعصي )


تحقيق شامل و( حقائق مذهلة )


( الوزغ بين العلم والدين والبحث عن الحقيقة ) 465891539.jpg

الحلقة الأولى

لطالما سمعت ومنذ طفولتي أن قتل ( أبو بريص ) واجب
لأنه حيوان صلف مشاكس

يراقب عورات النساء فقط من دون الرجال !!؟
وقيل في الموروث الشعبي العراقي
أن امرأة كانت تغسل في الحمام فكان يراقبها رجل
فحوله الله ( عزو جل ) لدناءته إلى ( برص )
وهذا الاعتقاد بقي صامدا حتى يومنا هذا
فكنا نعمل صغارا على ملاحقته وقتله والتمثيل فيه

( عقابا ) على تجسسه وعدم أدبه .
وظل هذا الاعتقاد في مخيلتي
فما أن أجد برص حتى اسارع في قتله

ولكن بعد أن أصبحت لي غرفة منفردة شاهدت بالصدفة ( برص )
يبتلع بعوضة بلسانه بسرعة هائلة
والجميع يعرف صعوبة قتل البعوضة التي تنقل مختلف الأمراض
وحكتها مؤلمة ووجودها كان يسبب لي الضيق دوما
فقلت في نفسي :
(( أن الله لا يخلق كائن حي من دون سبب
وربما هذا البرص وظيفته قتل الحشرات المؤذية ))

فبدأت أراقبه ولا أقتله ولا أتعرض له
فوجدت أنه لا يبتلع الحشرات الميتة بل فقط المفعمة بالحياة !!
واستغربت ذلك كثيرا فهو يحب بلع الذباب والبعوض
وربما حشرات أخرى مثل النمل
أو ديدان صغيرة فقط لكي يعيش ولا يتعرض للعنكبوت أطلاقا !!؟
فوجدت أن فائدته أكثر من الضرر
بل لا ضرر منه أطلاقا وهو ينظف غرفتي
فلماذا كنت أقتله أن كان كذلك ؟

وأصبح ( البرص ) صديقا لي
ولكني كنت أريد أن أعرف مدى ( صبره )
حين أراقب تحركاته ولديه القدرة الفريدة والصبر الكبير
على صرفه الوقت الكثير لحين ابتلاع الضحية

فقررت التضحية بواحد كبير
لكي أعرف كم يستطيع من الوقت أن يصبر ويصمد
من دون الحاجة للطعام والماء
وحصرته في زاوية وقريبا منه ( فخ ) عملته في الحائط
فدخل فيه فعمدت على غلق هذا المنفذ

وفتحته بعد شهر فوجدته على حاله ينظر لي
ولم يحاول الفرار

فغلقت المنفذ مرة أخرى وبعد شهرين فتحته
فإذا هو ينظر لي ولكنه بدا ضعيفا
وشعرت حينها من نظراته لي وكأنه يتوسل بي لكي أطلق سراحه

فعمدت على غلق المنفذ مرة أخرى
وبعد شهر فتحت المنفذ فوجدته جلدا وعظام رقيقة
فسحبته بملقط بكل حذر حتى لا يتفتت

ولكني وجدت أن ذنبه ( الذيل ) ليس موجود
فعمدت إلى البحث عنه فلم أجده في الفخ أطلاقا
فعرفت أن السر يكمن في ذيله .

( الوزغ بين العلم والدين والبحث عن الحقيقة ) 930575901.jpg


( الوزغ بين العلم والدين والبحث عن الحقيقة ) 439318894.jpg

وهنا علي القول أن الشعور بالذنب كان شديدا
ولكن في الوقت نفسه عرفت كم يصمد من الوقت
وكيف صمد كل هذه المدة !!

ولديه قدرة عجيبة على تحمل العطش
وشممت رائحته وهو ميت فلا رائحة له كريهة

وحينها علمت أني قتلت حيوانا من دون ذنب
فشعرت بتأنيب الضمير فقمت بتصويره
وما زالت جثته لدي محتفظ بها كما تشاهدون
وهذا الأسلوب في القتل عرفته حين كنت في السجن
حين كانت ( حشرة الكالوس )
لا تجعلنا ننام الليل فهي تمتص دماء السجناء ولا تموت
إلا حين تعرضها للحرارة الشديدة
فعملت اختبارا لها حين احتجزت عشرة في علبة دواء صغيرة
واحتفظت بها وفي كل شهر افتح العلبة فأجدها تتحرك
وفي الشهر السادس وجدتها ميتة

ولكن حين شممت رائحتها شعرت بالغثيان الشديد
وكأني فتحت باب قبر
فرميت العلبة من شباك السجن الصغير
ولا أستطيع التعبير عن مدى بشاعة هذه الرائحة الكريهة
التي لن أنساها قط .



إلى حلقة أخرى