عشيرة النواشي من كتاب الخميسية للشيخ معن العجلي الحجامي
من العشائر التي تعيش حول الخميسية، وهم خليط من عروق متباعدة في النسب، واسمهم مأخوذ من حرفتهم الخاصة التي كانوا يعيشون منها، وهي (النوشة) مكمن الصياد الذي يختبئ فيه لينال صيده من الطيور. و(النوشة) مشتقة من ناشهُ نوشاً، أخذه وتناوله، والتناوش هو التناول والأخذ، والنواشي من ألأقوام العريقة الموغلة القدم في الهور، فهم من سكان الهور الأوائل، ولم يرد أسمهم في كتب الانساب القديمة في جداول القحطانية أو العدنانية، والأرض التي يسكنونها من سالف الدهور في هور السناف معروفة باسم (الزوطا) –أو- الزطة مما حمل مؤلف كتاب (تاريخ مدينة سوق الشيبوخ) عبد الكريم ملا محمد على أن يُصرّح في كتابه المذكور برأي آخر حول اصلهم وقد شجعه على ذلك أن هذه البطايح والأهوار قد استقبلت في ماضي الزمان أقواماً من الزط، والإندغار، والسبابجة، وأمثالهم. دخلوا الإسلام أيام فتوح الهند، واستقروا في آجام القصب، والبردي، وكان دخولهم في الهور، أي في البطايح في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي.
وفي واقع الأمر أن النواشي لم يكونوا عشيرة واحدة في الماضي، وإنما كانوا فرقاً صغيرة، ومجموعات من الصيادين (النواشة) ربطت بينهم هذه التسمية، وكانوا في بادئ ظهورهم في الأهوار فئات معدودة قليلة تتنقل في بزايز أنهر المجرة بدوابهم، وجواميسهم فاجتمعوا في هور السناف الذي كان سحيق الغور عميقاً في غابر الزمان، وكان يطلق عليه اسم الدهور أو هور الدُّهر ويعنون به المهلك تتخلل حواشيه نباتات القصب والبردي فخلعوا اسمهم على هذا الهور فسمي (الزوطا –أو- الزطة)، وكان النواشي منحازين في محيطهم الخاص معزولين في بيئتهم المذكورة لا يخالطون العشائر الأخرى في المصاهرة والتزاوج.
وسوق الشيوخ في الماضي قد كانت على حافة هور السناف من جهة الغرب والجنوب، وكان الهور يأخذ بخناقها من هنا، وهناك، ولذلك فقد ذكر المؤرخون عشيرة النواشي بأنها بعيدة القدم في علاقتها بهذه المدينة وأنها الأقرب من كل العشائر إليها، والأبعد مدى في قربها منها، وبما أن النواشي كانوا متفرغين لبيع منتجاتهم من الحليب الرائب، والطيور والسمك رجالاً، ونساء في مدينة السوق، وكان حضورهم مألوفاً معروفاً ليل نهار في أسواقها وطرقاتها، فلقد دأب بعض المؤرخين في أوقات كثيرة على تسمية سوق الشيوخ باسم (سوق النواشي) ، إن من أخلاق النواشي، وعاداتهم –مهما قيل فيهم- أنهم قد كانوا يستنكفون من السرقة، وما كان الناشي، ولا الناشية يمد يده إلى مال غيره، وسرقة الجاموس كانت عندهم من أعظم الفضايح.نعم… إن النواشي لم يكونوا عشيرة واحدة، وما انتظمت هذه الانتماءات المبعثرة، والثُّلَلْ والفئات المتباينة، في عشيرة واحدة، وما ائتلفت متوحدةً في الهور برعي الجاموس والصيد، إلا بعد أن شعروا بالتهديد من ِ حجامُ عند نـزولهم، ومعهم حلفاؤهم خلف هور السناف على الأرض اليابسة من حافتي الفرات، فلقد أخذت عشيرة حجام تناصب النواشي العداء، وكان شيخها صالح بن علي بن عبد العلي المتوفى عام 1257هجري يعد عشيرته وحلفاءه كل وقت للهجوم على النواشي، وإجلائهم من أماكنهم، لأن النواشي قد كانوا إدلاء للعساكر التركية ينقلونهم بسفنهم، ويحملون أثقالهم بالمشاحيف، ويخدمون جندرمة الحكومة في الشطوط، والأهوار والأنهر، ولم تنفع مباغتات (حجام) (وآل بو حميدي) ومفاجأتهم لهذه العشيرة بالمعركة تلو المعركة، و حجام تقر للنواشي وتعترف بأنهم أهل سلاح وشجعان وأوفياء للعهود.ومن جراء هذا العداء المرير، والعداون المستمر من قبل حجام وآل بو حميدي، فلقد توحد هذا الخليط، وتراصت زمره، وتعاضدت ملتئمةً باسم واحد هو اسم (النواشي)، وتكونت حينئذ عشيرة صُلبة قوية مسلحة تقاتل حجام وآل بو حميدي لم يناصرها أحد من عشائر بني خيقان، وكان عمر آل مغشغش رئيس بني خيقان عموماً يعادي النواشي، ويحرض عليهم، ولم يقبلهم كفلاحين بأراضيه، ولكن الجيش التركي المرابط في مدينة السوق كان يهب في كل مرة للدفاع عن النواشي، وفي المعارك الثلاث التي حدثت بين حجام والنواشي عام 1316 للهجرة. واستولت فيها حجام على قلعة النواشي، ومفتولهم الحربي الواقع على رأس كرمتهم القريبة للسوق، فلقد ناصرهم الجيش التركي بالمدفعية، وأجلى عشيرة حجام وآل بو حميدي من بيوت النواشي، وأراضيهم بقوة السلاح، ونيرانه ثم إنساح أولاد النواشي، وانتشروا بين بيوت حجام يبيعون بضائعهم، ويدفعون سفنهم في هذه الأنهر آمنين متخذين من مضايف حجام، وبيوتهم أسواقاً (حرة خاصة) لتصريف منتوجاتهم من السمك، واللبن، والحليب، والطيور، والقصب، فلقد كانوا يتصرفون، ويعاملون بالفطرة السليمة الخالية من الغش، والاحتيال، والأكاذيب، وخلاصة الكلام: أن النواشي -مع اعتبار النظر التاريخي في تسميتهم المستحدثة- فإنهم مؤلفون من عدة حمايل.وفيهم أسديّون وعقيليّون وفرطوسيّون وغير - هؤلاء حسبما يُطلق عليهم من العناوين والأسماء- قد ربط بينهم جامع البيئة والمصير. أما النواشي اليوم فإنهم في طليعة البروز بين عشائر ذي قار بالأفاعيل المحمودة وبالحميّة والعرف القبلي. ورئاستهم القديمة في بيت آل مطلب، وكان فيهم: درعان بن علي توفي 1949م. ويتقدمهم الآن في الرئاسة، على الوجهة الرسمية: فالح آل مطلب وحسن منصور.
وكان هاشم بن دوخي كبير القرينات من النواشي
منقوول