السومرية نيوز/بغداد

أظهرت المتابعات لمواقع التنظيمات الإسلامية المتطرفة، انقساماً بين قياداتها في العراق، وعلى الرغم من محاولة إدارات تلك المواقع التمويه والتغطية على هذا الانشقاق، إلا أن تصريحات البعض من قادة التنظيمات أجهضت تلك المحاولات.

الانقسامات بين التنظيمات المتطرفة لم يقف عند حد الاختلاف في التوجهات أو التخطيط، بل تأزم إلى مرحلة التصفية الجسدية والاحتراب في ما بينها، ما دفع ببعض قادة هذه التنظيمات إلى الكشف عن نواياهم بفتح حوار مع الحكومة العراقية للانخراط في العملية السياسية، وهو أمر كان حتى وقت قريب ضرباً من الخيال.

تظهر بيانات تنشرها منذ أسابيع تلك المواقع وغيرها من المواقع الالكترونية التي تعنى بأخبار الجماعات المتطرفة في العراق، وجود خلافات بين أبرز هذه الجماعات، ويرى مراقبون أن من أبرز أسبابها الأحداث الجارية في سوريا.

ويقول الخبير الأمني الإستراتيجي احمد الشريفي، لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "هناك خلافات بين هذه الجماعات سببها الانقسام الحاصل بين ممولي هذه الجماعات والجهات التي تديرها".

ويؤكد "الأحداث في سوريا لعبت دورا في هذه الخلافات".

وظهر تأثير النزاع السوري على هذه الجماعات في شهر نيسان الماضي، حين أعلن تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، الفرع العراقي للقاعدة، اندماجه مع جبهة النصرة في سوريا تحت اسم "دولة الإسلام في العراق والشام".

إلا أن جبهة النصرة وهي مجموعة تضم بين صفوفها سوريين وعددا كبيرا من الأجانب، سرعان ما تنصلت من هذا الإعلان، مؤكدة ولائها لتنظيم القاعدة، بحسب ما أكد مسؤولها العام أبو محمد الجولاني حينها مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، لكنه شدد على أن الجبهة لم يتم استشارتها في إعلان "دولة العراق الإسلامية".

وظهر تنظيم "دولة العراق الإسلامية" عام 2006 في العراق، وهدفه الأول كان ولا يزال إقامة دولة الخلافة الإسلامية في المناطق التي تسكنها غالبية من السنة في العراق.

وتأسس التنظيم بشكله الحالي على يد الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل بغارة أميركية في حزيران 2006، بعدما تمكن من السيطرة على مناطق كبيرة في غرب وشمال العراق، ويعد هذا التنظيم الأكبر والأكثر قدرة بين التنظيمات المسلحة المتمردة والمتطرفة في العراق، حيث يتبنى معظم أعمال العنف في البلاد التي غالبا ما تستهدف القوات الامنية والمناطق السكنية.

مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى، يرى في حديثه لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، أن "هناك خلافاً بين دولة العراق الإسلامية وأنصار الإسلام".

ويبين "السبب المباشر للتأزم بين التنظيمين، هو قيام دولة العراق الإسلامية بقتل المسؤول العسكري لتنظيم أنصار الإسلام هاني الأنصاري، الأمر الذي دفع بأنصارهما إلى بدء حملة تصفية متبادلة"، مؤكداً "تنظيم الأنصار قتل خلال يومين سبعة من عناصر تنظيم القاعدة في هجمات متفرقة في الموصل".

و"أنصار الإسلام" جماعة متطرفة غالبية عناصرها من الأكراد، تأسست في كانون الأول 2001، وتنتشر في منطقة جبلية وعرة بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية شرق محافظة السليمانية، ورد اسمها على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية.

وأعلن "أنصار الإسلام" على مدى السنوات الماضية مسؤوليتها عن عدد من التفجيرات التي استهدفت مسؤولين أكرادا وعراقيين والقوات الأميركية، وكانت هدفاً لغارات كثيفة من الطيران الأميركي بعد العام 2003.

ويرى المصدر الأمني أن "الخلافات بين عناصر القاعدة وأنصار الإسلام كبيرة، فرغم تقاربهم الإيديولوجي، يرى الأنصار أن القاعدة ولغت بدماء المدنيين وأصبحت لا تفرق بين المدني والعسكري".



يشار إلى أن مواقع ووكالات أنباء عدة، نقلت عن مصادر أمنية عراقية حصولها على معلومات تفيد بأن "انشقاقا بدأ ينتاب تنظيم القاعدة في العراق، وأن نشوء الصحوات في مناطق تواجد القاعدة هو التطور لهذا الافتراق والقطيعة إذ شعر المسلحون العراقيون أن أجندتهم تتقاطع مع أجندة المسلحين الأجانب الراديكالية وذات الوجهة الأممية".

وأشارت هذه المواقع إلى أن "الانشقاق بين المسلحين العراقيين والأجانب أخذ تطورا جديدا، إذ طلبت قيادات عراقية في تنظيم القاعدة وتنظيم دولة العراق الإسلامية من مسؤولين أمنيين التفاوض على وقف عملياتها ضد المدنيين والعسكريين والسياسيين على حد سواء".

وأضافت أن "أمير دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي، ألمح إلى أنه مستعد للتفاوض بشكل سري مع الحكومة العراقية في هذا الشأن، والانخراط في العملية السياسية"، وهو ما يتقاطع تماماً ما فكر التنظيمات المتطرفة والتي كانت حتى وقت قريب تعتبر العملية السياسية في العراق "خيانة للدين والأمة".

ونشر على عدة مواقع بينها موقع "أنصار المجاهدين"، مطلع شهر آيار الجاري، بيان حمل عنوان "تنبيه المسلمين لكيد الماكرين" للتحذير من خطورة هذه الخلافات المستجدة.

وجاء في البيان "لاحظنا في الآونة الأخيرة ارتفاع صوت بعض المشوشين وأصحاب الفتن من أبناء ملتنا، وكثر اللغط ليوقعوا بين الأمة الاختلاف حتى تتمزق الوحدة والاجتماع والإجماع".

ويضيف البيان "للأسف ظهر بيننا مؤخراً من يريد شق عصا المسلمين عامة والمجاهدين خاصة، ومن يطعن بقيادات المجاهدين وفي رجالاتهم، ومن يشكك في كفاءاتهم ورجاحة عقلهم، ومن يزعزع الثقة في خططهم وسياساتهم".

وعلى موقع "حنين" ورد تحذير للجماعات الجهادية، جاء فيه "طعنونا في جهادنا، فصار يتكلم في العقيدة من لا صلة له بالعلم يفتي في مسائل الجهاد ويطعن في رجالات الأمة ليصاب الإسلام بسهام الجهل".

وبحسب لغة البيانات المنشورة في تلك المواقع، والمفردة المستعملة فيها، تبدو معالم الانشقاق واضحة بين التنظيمات المتطرفة، وخاصة بين قادة تلك التنظيمات في العراق وآخرين خارج العراق.



أكثر...