سعيد ان جُبير حبشي الأصل وأحد أصحاب الإمام علي ابن الحسين زين العابدين الخُلص كما أنه أحد التابعين ويلقب في كثير من الأحيان بالمجاهد. وكان يعيش في الكوفة و يُعتبر عند المسلمين الشيعة و المسلمين السنة من الرواة الموثوقين. فعلى سبيل المثال فقد مدحه الذهبي و أثنى عليه. كما أنه كان أحد رواة حادثة رزية الخميس.

قاتل سعيد ابن جبير إلى جانب كميل ابن زياد في معركة وادي الجمامجم قرب الكوفة سنة 82 للهجرة (699 للميلاد) ضد حاكم العراق المتجبر الحجاج ابن يوسف الثقفي. حيث كان سعيد في كتيبة القراء التي كان يقودها كميل ابن زياد رضوان الله عليهما. بعد أن انتهت المعركة لصالح الحجاج اتجه سعيد ابن جبير إلى مكة المكرمة.
وبعد سنوات في مكة أقدم واليها المتسلط على القبض على سعيد ابن جبير وأرسله إلى الحجاج الذي كان يتلذذ بسفك الدماء و ظلم الناس. ولما أُدخل سعيد ابن جبير عليه دار بينهما الحوار المشهور والذي كان البعض منه كان حسب بعض المصادر كالتالي:

سأل الحجاج عن اسمه فقال : سعيد بن جبير .

فقال الحجاج: بل شقيّ بن كسير.

قال سعيد : أمي أعلم باسمي و اسم أبي .

قال الحجاج: شَقيتَ و شقيتْ اُمك .

قال سعيد : لا يعلم الغيب إلاّ الله .

ما رأيك في محمد (ص)

قال سعيد: نبي الهدى و إمام الرحمة

قال الحجاج: ما رأيك في علي

قال سعيد: ذهب إلى الله إمام هدى

قال الحجاج: ما رأيك فيّ

قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين

حاول الحجاج إغراءه بالمال والطرب و لم يفلح بإخراجه عن صوابه.

وهكذا كلما حاول الحجاج أن يُفحم سعي أفحمه بمنطقه الإيماني الرائع إلى أن التفت الحجاج إلى الجلاّد و أشار بقتله .

قال الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس، فاختر لنفسك

قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت، فو الله لا تقتلني قتلة، إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة

قال الحجاج: اقتلوه

قال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفاً مسلماً و ما أنا من المشركين

قال الحجاج: وجهوه إلى غير القبلة

قال سعيد: فأينماتولوا فثم وجه الله

قال الحجاج: اطرحوه أرضاً

قال سعيد و هو يبتسم: منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى

قال الحجاج: أتضحك

قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك و جرأتك على الله

قال الحجاج: اذبحوه

قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدي

اختلّ عقل الحجاج بعد هذه الجريمة ، و كان يرى كوابيس مخيفة في نومه فكان يهبّ من نومه مرعوباً و يصيح: مالي و لسعيد بن جبير .

عاش الحجاج بعد هذه الجريمة بين خمسة عشر و ثلاثين يوماً ومات إثر شهادة سعيد ابن جبير.

وصف الشافعي سعيد ابن جبير بقوة الذاكرة الشديدة كما أن ابن عباس كان يثني عليه و على علمه و إيمانه. حسب بعض المصادر فقد كانت أول نسخة من القرءان الكريم قد كُتبت بيديه الكريمتين.

م/ن