دولة بـني عُـقـَـيْـل في الموصل (380 ـ 489هـجرية /990 ـ 1095ميلادية) do.php?imgf=14511582

دولة بـني عُـقـَـيْـل في الموصل (380 ـ 489هـجرية /990 ـ 1095ميلادية)
صفحات مجيدة من تأريخ قبائل (بني عُـقيل) العريقة :
بـقـلم المـؤرخ النـسّابة / طـلال الشراد العـگـيلي
تقدم احد الاخوة الكرام بسؤال عن قبيلة (بني مسلم) التي تسكن في ناحية (الكفل) من محافظة بابل وعلاقتها بقبائل (بني عُـقيل) ، وجواباً على سؤاله نقول بعد التوكل على الله تعالى :
نعم ان قبـيلة (بني مسلم) هم أحدى قبائل (بني عُـقـيل) ونسبها معروف ومشهور ، ويرتـبط تأريخ ونسب هذه القـبـيلة بتأريخ الدولة العُـقـيلية الشهيرة التي أسسها (بنو عُـقـيل) في الموصل قبل نهاية القرن الرابع الهجري ، حيـث تـنحدر قبيلة (بني مسلم) من (آل المُسيَـب بن المُـقـلد) وهم الاسرة التي حكمت الدولة العُـقـيلية ، لذا سنـتحدث عن هذه الدولة وظروف تأسيسها ثم نـُبـين علاقـة قـبـيلة (بني مسلم) بها .
اما بنو (عُـقـَـيْـل) فهم مجموعة قـبلية عربــية كبــيرة وعريـقة تـعـتــبر من أعـظم قـبائل العرب ، حيث كانوا من القبائل البـدوية المحاربة كما وصفهم بذلك المؤرخون ، وأمـتـد ذكرهم منـذ العهـد الجاهلي وحتى يوم الناس هذا ، وتـفـرعت منهم قبائل عـظـيمة لا يـزال لأغلبـها بـقـية في وقـتـنا الحاضر منها (المنـتـفـق) و(خـفاجة) و(عـبادة) و(عـگـيل) و(الاجـود) و(خـويـلد) و(أولاد عامر) و(الخوالد) وغـيرهم الكـثـير ، حـيث تـنـتـشر قبائلهم في مخـتلف بلاد المسلمين من (الاحواز) في المشرق وحتى بلاد المغرب العربي ، وكان لهم تأريخ حافل وثـّـقه المؤرخون على أمتـداد التأريخ . وتـنـتسب هذه القبائل إلى جـدّها الاعلى الذي تـفرعت من ذريـته وهو (عُـقـَـيْـل بن كعب بن ربـيعة بن عامر بن صَعـْـصَـعة) ، من (هـوازن) ، من (قـيس عيلان) ، من (مضر) ، من العرب العدنانـية . كانت مساكـن (بنو عُـقيل) قـبل الإسلام في بادية (نـجد) من شبه جزيرة العرب ، وعـند البـعـثة النـبوية الشريـفة أسلموا طوعاًعلى يـد الرسول الاكرم (ص) فأعطاهم (وادي العـقـيـق) ــ ويُسمى أيضا (وادي تـمرة) ــ والذي أصبح يُسمى بـعد ذلك بأسم (وادي بني عُـقـيل) نسبةً لهم . وقبل نهاية القرن الثالث الهجري رحلت جموع كـثـيرة منهم الى (بلاد البحرين) ــ وهي التسمية القديمة لأقـليم شرق الجزيرة العربية الذي تـحدهُ (البصرة) شمالاً ، و(عُـمان) جنوباً ، وسواحل الخليج العربي شرقاً وبلاد (اليمامة) غرباً ، اما في الوقت الحاضر فيشمل هذا الاقليم البلاد التي تـُسمى الاحساء والقطيف ــ ، وقد شاركـت (بنو عُـقيل) مع (القرامطة) في فـتوحاتهم في تلك البلاد وغيرها ، فأصبحت إثر ذلك من أعـظم قبائل العرب في بلاد البحرين بالاضافة الى قـبائل بني تـغلب وبني سُـلَيم . وبـعد حـين اجـتمع بنو تـغلب وبنو عُـقيل على بني (سُليم) حتى أخرجوهم من بلاد البحرين ، فـدخلت (سُـليم) الى مصر ، حيث استـقر بعضهم هناك ، بـيـنما سار الآخرون إلى شمالي أفريقيا والأندلس . ثم بـعد ذلك اخـتلف بنو عُـقيل وبني تـغلب وذلك في حدود منـتـصف القرن الرابع الهجري ، مما أدى إلى خروج بني عُـقيل من بلاد البحرين ، فأتجهوا شمالاً ، وتـوزعت بـطونهم ما بـين العراق والشام ، فبـنو (خويـلد) أستقروا في البصرة ، وبنو (المنـتـفـق) انـتـشروا في جنوب العراق ، و(خـفاجة) سكنوا في الكوفة والبادية العراقـية ، واما (بنو مالك) و(عبادة) فساروا إلى الجزيرة الفراتـية ــ ما بـين العراق والشام ــ ، فتـحالف معهم (بنو حمدان) أمراء الدولة الحمدانـية في الشام والموصل وأصبح العُـقـيليون يـنـفرون مع (بني حمدان) في حروبهم . كما استـقر بعض العُـقـيليـين في منطقة حوران والبـثــنية ، وقد تـزعمهم الامير (ظالم بن موهوب العُـقـيلي) أمير دمشق في ذلك العهد .
ولمّا ضعـفت دولة بني حمدان في الموصل في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ، في عهد أميرها (أبي تـغلب الحمداني) تمكن (البويهـيون) ــ وهم المتـحكمين بدار الخلافة في بغداد ــ من الاستـيلاء على الموصل وما يحـيط بها من أعمال . ثم ان (أبو تـغلب الحمداني) قد أستجار بــبـني (عُـقـيل) المقـيمين في الشام ضد أمير (الرملة) في فلسطين ــ وهو (ابن الجرّاح الطائي) ــ الذي استـعان بالخلفاء الفاطميـين حكام مصر ، ودارت معركة كبـيرة بين الطرفـين ، اسفرت عن انـتصار الحلف (الطائي ــ الفاطمي) ومقــتل (أبو تـغلب الحمداني) وذلك سنة 369هـ/979م ، وكان من نـتائج هذه المعركة بروز دور العُـقـيليـين وتـعاظم قـوتهم وبدأ سعـيهم لاقامة دولة لهم في المنطـقة حيث سيـصبح لهم لاحقاً دور مؤثر في الاحداث التأريـخية في المشرق العربي . وبـفضل همتهم وسعـيهم لتأكيد قوتهم ونـفوذهم ، فـلم تحل سنة (379 هـ /989 م) حتى استـطاع العُـقـيليون الحصول على حكم مديـنة (نصيـبـين) ومدينة (بلد) وأقليم (جزيرة ابن عمر) وكانت من أعمال الحمدانيـين ، لكن (بني عُـقيل) كانوا يـتـطلعون لوراثة جميع أملاك الدولة الحمدانـية التي ظهر الضعف والوهن فـيها . اما الموصل فقد كان يـحكمها (إبراهـيم والحسين ــ ابني ناصر الدولة الحمداني) ، بـتـفويـض من (البويهـيـين) ، وقد ضعـف أمرها كـثـيراً ، حتى طـمعت فيها القوى المحيطة بها ، وخاصة الأكراد والعُـقـيليون ، إذ أراد (باذ الكردي) انـتـزاعها من يـد الحمدانـيـين ، فاستـنجدوا بأمير بني عُـقـيل يومذاك (إقبال الدولة ابو الذواد محمد بن المُسَـيَـب بن رافع بن المقـلد الأكـبر العُـقـيلي) فوافـق على مساعدتـهما ، وأثـمرت هذه المعـونة عن قـتل (باذ الكردي) سنة 380هـ/990م ، وبعد هذه المعركة لمس الامير (محمد بن المسيب العُـقيلي) ضعـف الحمدانـيـين ، فقام بأسر أميرهم (أبي طاهر إبراهيم الحمداني) ، مع أولاده وقواده ، ومن ثم سار بجموع قبـيلته (بني عُـقـيل) إلى الموصل ومَلـَـكـَها في تـلك السنة ، وكان ذلك بداية تأسيس الدولة العُـقـيلية التي استمر حكمها لمدة (109) سنـين للفـترة من (380 ــ 489هـجرية /990 ــ 1095ميلادية) ، والتي شمل نـفوذها بلاداً واسعة من المشرق العربي ، فحدودهم الشمالية تمتـد الى عمق آسيا الوسطى ــ (تركيا حالياً) ــ ، وحدودهم الجنوبـية تمتـد حتى وسط العراق وتشمل حوض نهر الفرات ، ومن اربـيل شرقا حتى وسط الشام ولبـنان غربا ، وحكموا عدة بلدان ومدن وأقاليم منها سقي الفرات ، الكوفة ، المدائن ، نصيـبـين ، بلد ، الدور ، جزيرة ابن عمر ، تكـريت ، اوانا ، عكـبرا ، حديثة ، هـيت ، عانة ، حران ، جعـبر ، حلب ، الرقة ، الرها ، ديار بكر ، ديار مضر ، ديار ربـيعة . وأسست عدة فروع من بني عُـقـيل أمارات في تـلك المدن أستـمرت آخرها الى ما بعـد منـتـصف القرن السادس الهجري .
وبلغ من شأن بني (عُـقـيل) أن الخليفة (القائـم بأمر الله العباسي) كتب الى أمير دولة بني (عُـقـيل) في الموصل (قريـش بن بـدران العُـقـيلي) واصفاً اياه بـ ((أمير العرب)) ، حيث أستـجار بهِ وطلب منه الأمان بعد أن حوصرت بغـداد من قـبل القائد التركي (البساسيري) ــ أرسلان ابو الحارث المظـفر التركي البساسيري ــ الذي حالف بني (عُـقـيل) وأستـعان بـجـيشهم لدخول بـغداد ، وفـعلا دخـل (قريـش بن بـدران العُـقـيلي) امير دولة بني عُـقـيل الى بغـداد مع (البساسيري) وذلك في ذي القعـدة سنة 450 هـ / كانون اول 1058 م
، فأجار الامير (قريـش العُـقـيلي) الخليـفة العباسي (القائم بامر الله وبعـث بهِ معـززاً مكرما الى ابن عمه الامير (مهارش المجلي العُـقـيلي) أمير(حديــثة) وأقام الخليفة العباسي في عهدة العُـقـيليــين لمدة سنة قبل عودته الى دار الخلافة في بغـداد .. وتـعاقب على حكم الدولة العُـقـيلية ثمانية أمراء من (ال المُـسيـب بن المقـلد) ، منهم كان الامير (حسام الدولة المقلد بن المسيب العُـقيلي) ثاني امراء الدولة العُـقيلية لكنه يعـتبر المؤسس الحقيقي للدولة الذي رسّخ أركانها ووطـّد حكمها ، لكن أبرز حكام هذه الدولة كان (شرف الدولة مسلم بن قريش) الذي تسمى بـ (الملك) ، ، وهو سادس ملوك هذه الدولة . كان شجاعاً جواداً ذا همة عالية ، وأمتد حكمه لمدة 25 سنة للفترة من (453 ــ 478هـ /1061ــ 1085م) ، ويُـعدّ من أعظم شخصيات الأسرة العُـقـيلية الحاكمة ؛ إذ امتد سلطانه من بغداد إلى شمالي سورية وحلب . وحاول (مسلم بن قريش) تحرير كل الأراضي العربية في العراق والشام والجزيرة من السيطرة الأجـنبـية وتوحيدها في دولة واحدة ، وكانت لهُ مواقف مشرفة تجاه حلب حينما حاصرها السلاجقة بعد أن صدهم عن الموصل ، فكان يرسل الجـند والسلاح والمساعدات الغـذائية وغيرها الى أهلها المحاصرين ، وقد أثـنى عليه كل المؤرخين الذين أرخـوا لتـلك الفـترة ، وأسهم في توسيع أملاك الدولة العُـقـيلية ، حيث أخذ حلب من يد بني (كلاب) سنة (473هـ) حين استـدعاه أهلها عندما وجدوا فيه المنقـذ لما كانوا يُعانون من ظروف صعـبة ، وقد تحالف مع السلاجقة حيث تمكـن من الاستيلاء على حـرَّان والرها ، أخـذها من بني (نـُمَـيْـر بن عامر بن صعصعة) ، وقد زوّجه السلطان السلجوقي (ألب أرسلان) أخـته الاميرة (صفية) . ثم حاول أخـذ دمشق في سنة (476هـ) تـنـفـيذا لهدفه في جمع كلمة البلاد العربـية ، إلاّ أن حصاره لها لم يـنجح. ولكن الملك (مسلم بن قريش العُـقيلي) حين رغبَ في السيطرة على دمشق فتحالف مع الفاطميـين حكام مصر أملاً منه في الحصول على دعمهم ، فأعلن السلاجقة الحرب عليه ، ثم ان (مسلم بن قريش) دخل في حرب مع (سليمان بن قـتلمش) سلطان سلاجقة الروم بسبب النزاع على (أنطاكـية) وجمع السلاجقة جيشهم لمحاربة (بني عُـقيل) فتوجه (مسلم بن قريش) غرباً لمهاجمة الزعـيم السلجوقي في آسيا الصغرى ، لكن جيش (مسلم) هـُزم قرب أنطاكية وقــُـتل (مسلم) في هذه المعركة وذلك سنة (478هـ) .
كان مقـتل (مسلم بن قريش) بداية النهاية للدولة العُـقـيلية ، حيث لم يستطع من خـَلـَفه في الحكم المحافظة على هـيـبة وأستـقلال الدولة التي زالت على يد جـيوش السلاجقة سنة 489هـ .
وقد بدأت عوامل الضعف تسري على الدولة العُـقيلية بعد مقـتل (شرف الدولة مسلم بن قريش) وساهمت عدة عوامل في سقوط هذه الدولة ، منها عوامل داخلية تـتمثل في الصراع على الحكم بين أمراء البيت الحاكم ــ (ال المسيـب) ، ومنها عوامل خارجـية تـتمثـل في أطماع الاتراك السلاجقة في ممتلكات العُـقـيليـين ونـظرتهم الى وجود الدولة العُـقـيلية كـالشوكة في خاصرتهم لذا سعوا الى الاطاحة بها حيث زحفت جـيوشهم الى الموصل وأحـتلوها سنة 489 هـ ، وخرج آخر أمرائهم منها وهو الامير (علي بن مسلم بن قريش) ، فيما أستمر حكم بني (عُـقـيل) للأمارات الاخرى في باقي المدن لكـنهم بدأوا يفـقـدونها الواحدة تلو الأخرى بتأثـير سقوط عاصمتهم ومركز قوتهم (الموصل) بـيد السلاجقة إلاّ أن بعض أماراتهم أستـمرت بعد هذا التأريخ لفـترة طويلة ، وكانت آخر أمارة بـيد العُـقيليـين هي أمارة (جعـبر) التي أستولى عليها الملك (نور الدين زنـكي) سنة (563هـ) وكان آخر أمرائها من بني عُـقـيل هو الامير (شهاب الدين مالك بن علي بن سالم بن مالك بن أبي الفضل بدران بن حسام الدولة المقـلد بن المسيـب بن رافع بن المقـلد الأكـبرالعُـقـيلي) . وفي فـترة حكمهم قام امراء بني عُـقـيل بـتـقريـب وتـشجـيع الادباء والعلماء والشعراء العرب بل أن أغـلب الامراء العُـقـيليـين كانوا شعراء ولهم قصائد تـناقـلها الرواة ، وقد ترك العُـقـيليون آثـاراً تأريـخية وحضارية عـظيمة في فـترة حكمهم مثـل الاسوار والقصور والجوامع والمدارس والاسواق ومشارع الري والطرق التي أقاموها في مخـتلف المدن ، وبعض آثارهم ها لازالت شاخصة الى الان في الموصل وعانة والدور والخليلية وغيرها ، ويوجد في المتاحف عدد كبـير من قطع النـقود التي قاموا بسكها . لقد أقام العُـقيليـيون دولتهم في ظل صراع كبـير بين أكبر دولتـين في العالم الاسلامي آنذاك وهي الخلافة العباسية في بغداد والخلافة الفاطمية في مصر ، فأستطاعوا بفضل قوتهم وشجاعتهم أن يقـتطعوا أجزاء واسعة من ممتلكات هاتـين الدولتـين ليضموها الى دولتهم ، ثم أستطاع العُـقـيليـيون بعد ذلك وبفضل دهائهم وحكمتهم المحافظة على علاقات متوازنة مع تلك الدولتـين وكان لهم سفراء يمثلونهم في بغداد والقاهرة وأغـدق عليهم الخلفاء العباسيـين والفاطميـين بالالقاب والخلع والهدايا . وكان العُـقـيليـيون يـبغـضون ويأنـفون من تسلط القوى الأجنبـية ــ البويهيـين والسلاجقة ــ على دار الخلافة العباسية في بغداد ، وكان الخلفاء العباسيـين يرون في بني (عُـقيل) الأمل في التحرر من الهيمنة الأجنبـية عليهم ، ولم يرغب العباسيون في أزالة ملك بني (عُـقيل) لأنهم نظروا لهم كرمز للعرب ونـفوذهم ..
وبعد أن سقطت دولتهم ، بقيّ بعض فروع (بني عُـقيل) في تلك النواحي وأطلق عليهم أسم (عرب شرف الدولة) وديارهم بـين الخابور والزاب ، بينما عادت أغلب بطون (عُـقيل) الى بلاد البحرين ــ أي (الأحساء والقـطيف) في شرق الجزيرة العربية ــ ، من حيث جاءت أولاً ، ومنهم بطون بني (عامر بن عُـقيل) التي أستولت على تلك البلاد وأسست فيها أمارات متـعاقـبة منذ منـتصف القرن السابع الهجري وحتى بداية القرن الثاني عشر للهجرة ، فجددوا بذلك مُلك بني (عُـقـيل) الذي فـقـدهُ أخوتـهم من بني (عُـبادة بن عُـقـيل) في الموصل ، ومن بني (عامر بن عُـقيل) هؤلاء تـتـفرع قبيلة (عگيل) الحالية في العراق .
ولا زالت لذرية (آل المقـلد) أمراء دولة بني (عُـقيل) بقية كبـيرة في العراق تـتمثل بعدة قبائل معروفة مثل (بني مسلم) و(المهارش) و(البـدران) و(الثـروان) و(الدفافـعة) ، وغيرهم الكثير ، وهنالك إشارات ودلائل الى وجود بقايا لـ (آل المقلد) في مصر والشام ..
قبيلة بني مسلم العُـقيلية :
ومن ذرية الملك (شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران العُـقـيلي) لا زالت هناك قبـيلة كبيرة في العراق هم (بني مسلم) والتي تـتواجد بشكل رئيسي في أرياف منطقة (الكـفل) في محافظة بابل . فـنسب قبـيلة بني (مسلم) العُقيلية يرجع الى جدّها الاعلى وهو ((الملك شرف الدولة ابو المكارم مسلم بن الامير ابو المعالي علم الدولة قريش بن الامير ابو الفـضل بدران بن الامير حسام الدولة أبو الحسن المُـقـلــَّد بن المُـسيـب بن رافع بن المُـقــَلــَّد الاكـبر بن جعـفر بن عمرو بن المُهـيّا بن عبد الرحمن بن يُـزَيد بن عبد الله بن يـزيد بن قـيس بن جُـوثــَة بن طهـفة بن حَـزن بن مُعاوية بن عُـبادَة بن عُـقــَيْـل بن كـَـعْـب بن ربـيعة بن عامر بن صَـعْـصَـعَة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عـِكـْرِمة بن خـَـصَـفة بن قيس عَــيْلان بن مُضـَر بن نـِزار بن مَـعد بن عَـدْنان)) . وخلف (مسلم بن قريش) عدة بنين ذكر المؤرخون منهم (محمد امير الرقة ، والامير علي ، والمؤيد ، وسيف الدولة قريش ، وسعد ، وحسن ، وعيسى) ، وحسب الروايات فأن قبـيلة (بني مسلم) هم من ذرية الامير (علي بن مسلم العُـقـيلي) آخر أمراء الدولة العُـقيلية والذي هاجر من الموصل بعد سقوط هذه الدولة وأستـقـر في نواحي (الحلة) التي كان يحكمها آنذاك (بنو مزيد) الاسديـين ، ثم كثرت ذرية (الامير علي بن مسلم العُـقيلي) وأصبح يُـطلق عليهم (بني مسلم) نسبةً الى ابيه الملك شرف الدولة (مسلم بن قريش) .
وقد دوّن احداث الدولة العُـقـيلية وحكامها الكـثـير من الكّـتاب والمؤلفـين ، منهم بعض المعاصرين لها مثل (ابي هلال الصابي) المتوفي سنة 448هـ صاحب كتاب (تحفة الامراء في تأريخ الوزراء) ، وكتاب (يـتـيمة الدهر) للعلاّمة (الثـعالبي) المتوفي سنة 429هـ ؛ و(الخطـيب البغـدادي) المتوفي سنة 463هـ صاحب كتاب (تاريخ بغداد) ؛ وكتاب (دمية القصر وعصر أهل العصر) للعلاّمة (الباخـرزي) المتوفي سنة 467هـ ؛ ثم يأتي بعدهم (ابن القـلانسي) المتوفي سنة 555هـ في كتابه (ذيل تأريخ دمشق) ، والعلاّمة (ابن الجوزي) المتوفي سنة 597هـ في كتابه (المنـتـظم في تأريخ الملوك والامم) ، و(ياقوت الحموي) المتوفي سنة 626 هـ في كتابه (معجم الادباء) ؛ ومن المراجع الهامة التي دونت احداث دولة بني عُـقـيل العلاّمة (ابن الاثـير الجزري) المتوفي سنة 630هـ في كتابه (الكامل في التاريخ) ، وكذلك كتاب (وفيات الاعـيان) للعلاّمة (ابن خـلكان) المتوفي سنة 681هـ ، ثم تلاهم مجموعة كبيرة من المؤرخين والعلماء مثل (صلاح الدين الصفدي) المتوفي سنة (764 هـ) في كتابه (الوافي بالوفيات) ، والعلاّمة (ابن خـلدون) المتوفي سنة 808 هـ في كتابه (العبر) ، والعلاّمة (القـلقـشنـدي) المتوفي سنة 821 هـ في عدة مؤلفات كتبها مثل (نهاية الارب) و(صبح الاعشى) و(قلائد الجمان) ، والعلاّمة (ابو المحاسن ابن تغري بردي) المتوفي سنة (874 هـ) في كتابه (النجوم الزاهرة) ، والعلاّمة (ابو الفوز محمد امين السويدي البغدادي) المتوفي سنة ( 1246 هـ‍ ــ 1830 م) في كتابه (سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب) ، وغير هؤلاء الكـثـير من العلماء الذين أتوا على ذكر الدولة العُـقـيلية في مؤلفاتهم مما لا يـتسع المجال لذكرهم بأجمعهم .
ولم يقـتصر ذكر الدولة العُـقـيلية على العلماء العرب والمسلمين بل ذكرها ايضا العلماء والمستـشرقين الاجانب في كـتاباتهم مثل المستشرق النمساوي (إدوارد فون زامباور) المتوفي سنة (1947 م) في كتابه (انساب الاسر الحاكمة) ، والمستـشرق البريطاني (ستانلي ليـن بول) المتوفي سنة (1931 م) في كتابه (تاريخ الخلفاء والسلاطـين والملوك في الاسلام) ، والمستشرق الالماني (ماكس فون اوبـنهايم) المتوفي سنة (1946 م) في كتابه (البدو) ، وغيرهم الكثير من العلماء الاجانب . كما أن كـثـيرا من المؤرخين المعاصرين قد كتبوا عن الدولة العُـقـيلية وأمرائها مثل العلاّمة السوري (خير الدين الزركلي) المتوفي سنة (1976م) في كتابه (الاعلام) ، والمؤرخ السوري الدكتور (شاكر مصطفى) المتوفي سنة (1997 م) في كتابه (الموسوعة) ، والمؤرخ المصري الدكتور (أيمن فؤاد السيد) في كتابه (موسوعة دول العالم الاسلامي) ، وعشرات غيرهم ممن لا يسع المجال هنا لذكرهم بأجمعهم ، لكن لا بد من الاشارة الى العمل الجليل الذي أخرجه أستاذي المؤرخ الدكتور (خاشع المعاضيدي) الذي أعتزه بإستاذيته وتوجيهاته القيّمة ليّ وهو كتابه الرائع (دولة بني عُقيل في الموصل) الذي طبع في نهاية عقد الستينات من القرن الماضي ، كما أود الاشارة الى ان موضوع (الدولة العُـقـيلية) هو ضمن الفقرات التي تدّرسها الجامعات العراقية لطلبـتها في مادة التاريخ ..
افخاذ قبيلة بني مسلم : البوخليل / البوهيكل / البو حمد / البو حداد / البوبطاح / البوعليوي/ البوجغم / البوكريدي/ البوحرزالدين / البوهليل/ البوطيب / البوعريمش/ البوسحاب / البوخوين ..
ويرأس قبيلة (بني مسلم) حالياً الشيخ العام (نعمة صالح المسلماوي) ــ ابو هيثم ــ ، وأخيه هو الاستاذ (سالم صالح المسلماوي) محافظ بابل السابق وعضو مجلس النواب العراقي حالياً . ومركز ثقلهم في ناحية (الكفل) التابعة لمحافظة بابل والتي تقع على الطريق الى محافظة كربلاء .
ولقبيلة (بني مسلم) وشيوخها الكرام علاقات قوية جداً بقبيلة (عكيل) حيث يتواصلون بأستمرار في مختلف المناسبات .
مع تحياتي/ المؤرخ النسّابة / طلال الشراد العـگـيلي / عضو الرابطة العراقية للتأريخ والانساب / عضو رابطة تحقيق الانساب وتوثيقها في العراق والوطن العربي
منقوول