أهميةالبلوغ






البلوغ مرحلة هامةوحساسة في حياة كل إنسان ، ويعد إيذانا بالدخول الى عالم الرجال أو النساء . ويعتبرالحيض الأول بالنسبة للفتيات ، بحسب علماء النفس ، دليلا قاطعا علىالبلوغوالنضوجالجنسي ، الذي يرافقه تغيرات نفسية وفسيولوجية واسعة.
فبخلاف بعض التصورات التشاؤمية ، التي تصف هذه المرحلة بالآفة الخطيرة ، نعتقد أنالبلوغ نعمة الهية كبيرة تستوجب الشكر وتدعو الى السرور لأن أبنائنا يكونون بذلك قدبلغوا درجة من النضج تؤهلهم للعب دور هام وفعال في الحياة الإجتماعية . وإذا كانهناك بعض القلق الذي يساور الأمهات في هذا المجال ، فمبعث ذلك هو خشيتهن منإحتمالات تعرض الأبناء للجنوح والإنحراف بسبب إيحاءات والقاءات رفاق السوء والأشرار.
أهم مراحلالحياة




لقد وصف علماء النفس،وعلماء التربية بوجه خاص ، مرحلة البلوغ بأنها أهم مرحلة في حياة الفتاة وذهبواالى أن أغلب الفتيات الحساسات يبلغن خلال هذه الفترة أقصى درجات الإنفعال العاطفي . وقد إعتبرها بعض علماء النفس ، كـ (اوريس دولوم) ، بأنها نقطة عطف في حياة الشخصية.
تدخل افتايت ، بدخولهن سن البلوغ ، مرحلة جديدة فيحياتهن تترك إيجابياتها أو سلبياتها آثارا كبيرة على مستقبلهن في المدى البعيدوالمتوسط. ففي بعض المجتمعات البدائية تنضم المراهقات ، مع دخولهن سن البلوغ، الى




مجتمع الكبار البالغين خلال مراسيم خاصةتقام لهذا الغرض .
ويعتبر البلوغ من وجهة النظرالإسلامية ، إيذانا بدخول الفتاة مرحلة جديدة في الحياة ، ونسعى في مجتمعاتناالإسلامية خلال ذلك الى إفهام الفتاة أصول وضوابط الحياة الفردية والإجتماعيةالجديدة . ونثقفها على ما ينتظرها من واجبات ومسؤوليات مستقبلية كأنسانة ناضجةينبغي عليها أن تكون مستعدة للعب دور الزوجة والأم في الحياة من الآن فصاعدا.
ولادةجديدة




لقد عبر بعض علماءالنفس ، كـ (أستانلي هال) عن البلوغ بإعتباره ولادة جديدة أو مرحلة إنتقالية فيحياة الشخص ينتقل خلالها الى نمط جديد من الحياة تبرز فيه اكمل وأنضج الخصائصالإنسانية ، ويصل خلاله الإنفعال العاطفي والغريزي الى أوجه.
فقد وصفت حالة البلوغ بالمرحلة الإنتقالية لكون الشخص ينتقلخلالها من مرحلة الطفولة الى مرحلة حياة الكبار حيث إهتمامات البالغين وميولهمونظرتهم الى جماليات الحياة الفردية والإجتماعية الناضجة وكيفية تعاملهم مع شؤونها.
وكذلك فقد وصف هذه المرحلة علماء آخرون بإعتبارها حالةوسطية أو برزخية بين سن المراهقة والنضوج الجنسي الذي ما أن تبلغه الفتاة حتى تنتظمميولها وعواطفها الغريزية وتستقر على إيقاع معين ، وتشعر الفتاة على أثره بأنها قدأصبحت إمرأة كاملة ومؤهلة للعب دور الزوجة والأم في الحياة الإجتماعية كأي إمرأةناضجة.





صعوبةالتطابق




من المشكلات التيتواجه الفتيات في هذه السن صعوبة تطابقهن مع الوضع الجديد . فاللاتي لم يكن قدإستعدن مسبقا للدخول في هذه المرحلة ، يجهلن كيف ينبغي عليهن أن يتصرفن بحيث لايحسب سلوكهن بحساب تصرفات الأطفال ، ومن هنا نجدهن ، في بعض الحالات ، يحاولن تقليدالكبار في سلوكهن دون جدوى.
إن مرحلة البلوغ ، بحسبموريس دبس ، هي فترة الإنفعال والتوتر العاطفي الحاد ، وهذه المسالة بذاتها تساهمالى حدود كبيرة في عجز الفتاة عن التطابق مع الأوضاع ونادرا ما تتمكن الفتيات منالإنسجام والتطابق مع الأسرة والمجتع بسهولة خلال هذه السن لوحدهن ودون رعايةومساعدة أولياء الأمور والمربين .
ومن العوامل الخرىلإستصحاب الكثير من الفتيات التطابق والتكيف مع الحالة الجديدة ، خلال هذه المرحلة، يمكن الإشارة الى مختلف أنواع القلق والإضطرابات التي يتعرضن لها على أثر بدءنشاط وفعالية الميول والغرائز الجنسية لديهن ورؤية نزول دم الحيض عليهن بشكل مفاجئ.
لكنه ومع ذلك ، فإن أعضاء هذه الفئة يتمكن من التكيف معالحالة الجديدة بمرور الزمن ويلائمن أنفسهن مع ظروفها بإعتبارها حالة طبيعية وإنكان بعضهن قد يواجهن مشكلات وصعوبات قليلة وكثيرة في بداياتها وأثنائها.
تستجد لدى الفتاة ، مع وفودها الى مرحلة البلوغ الجنسي ، ميولوإندفاعات جديدة تأخذ طابع الأزمة في غالب الأحيان . وتتوقف سلبية أو إيجابيةإستجابة الفتاة لحالة النضوج الجنسي للوهلو الأولى على طبيعة نموها وعلى نوع الفهمالذي تحمله في ذهنها مسبقا عن البلوغ والحياة النسوية .





وبطبيعة الحال ،فإن الإنفعالات العاطفية العاصفة خلال هذه الفترة ، تؤدي في بعض الحالات الى إضطرابالفتاة وتشويش ذهنها وبتالي إبعادها عن النظر الى الأشياء بواقعية ومن ثم الوقوعفريسة لمختلف الأوهام والهواجس النفسية، ولا شك في تأثير عملية التثقيف والتربيةالصحيحة في الحد من السلبيات التي تنطوي عليها هذه المرحلة من العمر.
تأثير البلوغفي الحياة




كما ذكرنا فيما مر ،فإن البلوغ يقلب أحوال الفتيات ويغير مزاجاتهن وسلوكهن في الحياة ، ويسبب لهن فيكثير من الحالات ، مشاكل وصعوبات عديدة سنتناولها في الفصول الآتية بالتفصيل ،ومنها ما يتجلى على شكل الشعور بالإجهاد والضغط النفسي فيما يتعلق بملاءمة النفس معالحالة ، والمتطلبات الإجتماعية الجديدة.
ومن تأثيراتهذه الحالة ، بلحاظ آخر محاولة الفتاة الإستقلال بفلسفة ورؤية خاصة عن الحياة وعنكيفية التعامل والتفاعل مع حاجاتها ومتطلباتها ، والعمل على أن تأتي قراراتهاومواقفها وسلوكياتها تجاه مشاعرها وإهتماماتها الفردية وكذلك تجاه المجتمع والآخرينمتوازنة ورزينة ومنطلقة من حسابات مدروسة مسبقا.
سرعةالنمو




لقد وصفت هذهالمرحلة ن السن بفترة قصر الثياب ، وذلك كدلالة على سرعة إيقاع النمو وزيادة طولالقامة بشكل مفرط ، حيث تصبح مثلا ، الثياب التي كانت ملائمةللفتاة من حيث المقاسقبل ستة أشهر ، قصيرة وغير قابلة للأرتداء بعد ذلك ، وهو الأمر الذي يدعو بعضأولياء الأمور أحيانا الى الإعتقاد ،





حطأ ، بأن الثياب إنما قصرت ولم تعد صالحةللآرتداء من قبل الفتاة بسبب كثرة الغسل ! فمنذ الولادة وحتى سن الخامسة يزدادالطول بمقدار ضعفين ، ومن ثم يتنازل إيقاع نمو الطول شيئا فشيئا الى أن يصل أدنىدرجاته في سن العاشرة ، ويعاود النمو العضوي لدى الفتيات إيقاعه في سن الحادية عشرويزداد نمو الطول لديهت في سني البلوغ بمقدار 25 سنتمترا(1) . ويستمر هذا النمو كذلك بعد البلوغ ويتوقفلدى البنات الى حد ما في سن السادسة عشر ، فيما يتواصل لدى البنين الى فترات أبعد.
وبطبيعة الحال يواجه المراهقون ، أناثا وذكورا ، صعوباتعديدة على أثر تزايد إيقاع النمو في جهة الأطراف خلال فترة البلوغ ، ومنا فقدانهمالسيطرة على أعضائهم بشكل كامل عند الحركة والمشي وعند حمل الأشياء من مكان الى آخرأو الإصطدام بها . كما وقد يصل بهم الأمر ، نتيجة عجزهم عن ضبط حركاتهم أزاءالأشياء درجة يشعرون معها بالبلادة والحمق.

(1) البلوغ ، موريس دبس ص 23 .