بقال مصري يحتفظ باهم العملات النادرة do.php?imgf=14523449

في منطقة مزدحمة بالسكان.. وفي شارع ضيق بالعرابة المدفونة بسوهاج ، يقف عم حسن في محل للبقالة يبيع الذرة والحلبة والينسون، يرتدي جلبابا بلديا بسيطا.. يتحدث علي طبيعته ويداعب كل من يتعامل معه بطيبة وود..

لكن بساطته التي ربما قد تخدعك تحمل وراءها حياة غير عادية لإنسان مبدع قضى عمره في جمع العملات القديمة والنادرة، والتي ربما لا تراها إلا في متاحف خاصة بالعملة.. بداية من الجنيه " ابوجملين"، ومرورا بعملات ضربت في القسطنطينية، ونهاية بدولار "جيمس ماديسون" ثاني رئيس للولايات المتحدة الأمريكية.

لم يتلق حسن احمد ابوالقاسم أي نوع من التعليم، ومع ذلك فهو جامع للتحف والانتيكات والمخطوطات القديمة، تعلم حرفة النحت من أفراد عائلته الشهيرة بهذا الفن في "العرابة المدفونة " مركز البلينا بمحافظة سوهاج ، وحينما أكمل عامه الخامس والعشرين سافر إلي الخليج للعمل، وهناك التقي رجلا سعوديا أخبره أن مصر من أقدم دول العالم التي سكت العملة، وعرض عليه عملة كُتب عليها " 10ب " وتعني ضربت في مصر، قائلا: إنها الآن تساوي خمسة آلاف جنيه.

لم يتردد حسن في شراء العملة.. وفي مصر تيقن من قيمتها حينما عرضها علي الدكتور محمد صقر ،المتخصص في العملات، والذي عرض شراءها بنفس السعرالذي عرضه السعودي ، حينها قرر بالفعل أن يبحث وراء كل عملات مصر منذ بداية سكها وحتي الآن.

بداية بالسحتوت

يقول: "بدأت بعملات السلطان حسين كامل المعدنية، كان منها المصنوع من النحاس ومنها المصنوع من الفضة وأخرى من النيكل كروم ، ومنها أيضا الورقي، وقد كان هذا في العام 1887 ، وحينما انتهيت منها اتجهت لعملات الحقبة الملكية بداية من السحتوت والمليم والقرش والقرشين والخمسة قروش والفضة والعشرة فضة، والورقية والريال الفضة وربع جنيه فاروق وخمسين قرش الجعران والمائة جنيه التي تحمل صورة الملك فاروق.

ويحكي عمنا حسن أنه واجه صعوبة شديدة في البحث عن جنيه إدريس، وإدريس هذا له قصه شهيرة يعرفها تجار العملة كما يخبرنا، فقد كان جنايني فؤاد الأول قبل أن يصبح ملكا، وفي لحظة صفاء معه وعد الجنايني بوضع صورته علي الجنيه إذا أصبح ملكا.. وقد كان.

ولعصر الثورة عملات عديدة أشهرها كما يذكر عم حسن وأكثرها ندرة عملة الخمس جنيهات التي رُسم عليها الجعران، وتعود لعصر الرئيس عبد الناصر وتساوي حاليا 5000 آلاف جنيه، والتي أرهقته في الحصول عليها، أما باقي عملات عصر الرئيس السادات ومبارك فقد جمعها النحات الهاوى بسهولة.

ثروة مع إيقاف التنفيذ

مقدار ما جمع عم حسن منذ ما يقرب من أربعة وعشرين عاما يبلغ 1678 جنيها، سعرها الحالي يتجاوز الـ 3 ملايين جنيه ،طبقا لأسعار البنك المركزي وتجار العملة المحليين والعالميين، حيث يُقدم الكثير من تجار العملة علي شراء العملات المصرية لعرضها في المعارض العالمية.

عن قيمة هذه العملات النادرة يلفت حسن أنه بتاريخ العملة يرتفع سعرها ، وأن الجنيه "ابو جملين " الذي يعود تاريخه لعام 1898يساوي حاليا 15 ألف جنيه، وخمسة قروش الجملين تساوي 12 ألف جنيه ، ومائة جنيه فاروق تساوي عشرة آلاف جنيه وهي أكثر هذه العملات ندرة.

يقول عم حسن: " دفعت فيها 460 جنيها، وقد عثرت عليها في سوق صنبو بمحافظة أسيوط.

وكما يقولون.. للعملة أسرار لا يعلمها إلا أصحابها، فمن العملات النادرة التي اقتطعت من وقته وجهده الكثير في البحث عنها، كان السحتوت والذي يساوي في أيامنا هذه 50 ألف جنيه والذي لاحظ حسن أن هناك بحثا دؤوبا وراءه في الفترات الأخيرة دون أن يعرف سببا لذلك.

يضيف: هناك من يعرض أكثر من الخمسين ألف مقابل الحصول عليه. وهناك الكثيرون أيضا يلهثون وراء عملات فلسطين القديمة والحديثة الموجودة في مصر، وهناك من يبحث وراء "خمسين قرش المعبد" التي صدرت في عهد الرئيس جمال عبدالناصر ، وكلها أسئلة لم يتوصل أحد للإجابة عنها حتي الآن كما يقول.

رحلة العمر

بدون كلل أو ملل جاب "عم حسن" أرجاء مصر بحثا وراء هوايته المفضلة من أسوان وحتي الاسكندرية، وقد ظل أكثر من خمسة عشر عاما يذهب بشكل أسبوعي إلي سوق الجمعة في السيدة عائشة الذي اشتهر بعرض العملات القديمة.

يقول عم حسن: لا تخلو مدينة في مصر من أسواق للعملات القديمة، وهي التي تعرض عملات قد لا تجدها في القاهرة مثل سوق ابوتشت في نجع حمادي وجرجا في سوهاج وصنبو في أسيوط.

ولأن جامع العملات لا يتوقف أمام عمله بعينها.. فبمجرد أن تقع في يده أية عملة جديدة يشتريها على الفور، قام عم حسن بشراء جنيه ذهب يعود إلي عام 1809عليه صورة "جيمس ماديسون" ثاني رئيس أمريكي، ومن اليمن حصل علي عشرة ريالات تعود لعام 1972 ، ومن السعودية اشترى ريالا سعوديا يعود إلي عام 1970 ، ونصف دينار ليبي يعود إلي 1970 ، وخمسة جنيهات من السودان ترجع إلي عام 1968 ، أما العملات الأوروبية القديمة فجميعها بحوزته.

وفي ألبومين وضع عم حسن جميع عملاته.. حفظ الأثمن منها بأحد البنوك المصرية، وحفظ الآخر في بيته مع انتيكات اسلامية قديمة وبراد أرجنتيني من الفضة، بالإضافة لأدوات منزلية إيطالية من العصور الوسطي