تقوم نظرية فرويد في التحليل النفسي Psychoanalysis على عدَّة مفاهيم، أبرزها مفهوم الشخصيَّة؛ حيث يرى فرويد: أن الجهاز النَّفْسي للإنسان يتكون فرضيًّا من:
1- الهو أو الهي id، وهذا الجزء هو ما تفضَّلتَ بتسميته بـ "الأنا السُّفلى"، والصحيح أن يُسمَّى (الهو) أو (الهي).
2- الأنا الأعلى super-ego.
3- الأنا ego.

والمفهوم الآخر هو المتعلِّق بالشُّعور واللاَّشُعُور وما قبل الشُّعور؛ ولفَهْم هذه النظريَّة يضع فرويد دائمًا صورة توضيحيَّة

أولاً: الهو أو الهي id:
أقدم قسم من أقسام هذا الجهاز عند فرويد، وهو منبع الطَّاقة الحيويَّة والنفسيَّة التي يُولد الفرد مزودًا بها، وهو يحتوي على ما هو ثابت في تركيب الجسم، فهو يضُمُّ الغرائز والدَّوافع الفطريَّة: الجنسيَّة والعدوانيَّة، وهو الصورة البدائيَّة للشخصية قبل أن يتناولها المجتمع بالتهذيب والتحوير، ومُستودع القُوى والطَّاقات الغريزيَّة، هو جانب لا شعوري عميق، ليس بينه وبين العالم الواقعي صِلَة مُباشرة، كما أنَّه لا شخصي ولا إرادي؛ لذلك فهو بعيد عن المعايير والقيم الاجتماعيَّة، لا يعرف شيئًا عن المنطق، ويُسيطر على نشاطه مبدأ "اللَّذة" و"الألم"، ويندفع إلى إشباع دوافعه اندفاعًا عاجلاً في أيِّ صورة وبأيِّ ثَمن.

ثانيًا: الأنا الأعلى super-ego:
مستودع المثاليَّات، والأخلاقيَّات، والضمير، والمعايير الاجتماعيَّة، والتقاليد، والقيم، والصَّواب، والخير، والحق، والعدل، والحلال، فهو بمثابة سُلطة داخليَّة، أو "رقيب نفسي"، وهو لاشعوري إلى حدٍّ كبير، وينمو مع نُمُوِّ الفرد، ويتأثر الأنا الأعلى في نُمُوِّه بالوالدين، ومن يحلُّ محلَّهم، مثل المربِّين، والشخصيَّات المحبوبة في الحياة العامَّة، والمُثُل الاجتماعيَّة العُليا، كما أنَّه يتعدل ويتهذَّب بازدياد ثقافة الفَرد وخبراته في المجتمع، ويعمل الأنا الأعلى على ضبط (الهو)، وكَفِّه عن إشباع كلِّ ما يراه المجتمع خطأ أو محرمًا من الدوافع، وذلك من خلال الأنا.

ثالثًا: الأنا ego:
مركز الشُّعور والإدراك الحسي الخارجي، والإدراك الحسي الداخلي، والعمليَّات العقليَّة، وهو المشرفُ على جهازنا الحركي الإرادي، ويتكفَّل الأنا بالدِّفاع عن الشخصيَّة، ويعملُ على توافقها مع البيئة، وإحداث التكامُل، وحلِّ الصِّراع بين مطالب (الهو)، وبين مطالب الأنا الأعلى، وبين الواقع، والأنا له جانبان: شعوري ولا شعوري، وله وجهان: وجهٌ يطل على الدَّوافع الفطريَّة والغريزية في الهو، وآخر يطل على العالم الخارجي عن طريق الحواس، ووظيفة الأنا هي التوفيقُ بين مطالب (الهو) والظُّروف الخارجيَّة، وينظر إليه فرويد كمحرك منفِّذ للشخصيَّة، ويعمل الأنا في ضوء مبدأ الواقع، ويقوم من أجلِ حفظ وتحقيق قيمة الذات والتَّوافُق الاجتماعي، وينمو الأنا عن طريق الخبرات التربويَّة التي يتعرض لها الفرد من الطفولة إلى الرُّشد.

ويُمكن بشكل عام - كما يقول هول ولندزي - أن ننظر إلى (الهو) على أنَّه المكون البيولوجي الحيوي من الشخصيَّة، وإلى الأنا بوصفه المكون النفسي، والأنا الأعلى بوصفه المكون الاجتماعي.

يرى فرويد: أنَّ الجهاز النفسي لابُدَّ أن يكون متوازنًا حتَّى تسير الحياة سيرًا سويًّا؛ ولذلك يحاول الأنا حل الصراع بين (الهو) والأنا الأعلى، فإذا نجح كان شخصًا سويًّا، وإذا أخفق ظهرت أعراض العُصاب.

رابعًا: الشعور consciousness:
منطقة الوعي الكامل والاتِّصال بالعالم الخارجي، وهو الجزء السطحي فقط من الجهاز النفسي.

خامسًا: اللاشعور unconsciousness:
حَسَبَ "فرويد" يكون مُعظم الجهاز النفسي، وهو يَحوي ما هو كامن، ولكنَّه ليس متاحًا، ومن الصَّعب استدعاؤه؛ لأنَّ قُوى الكبت تعارض ذلك.

سادسًا: ما قبل الشعور preconsciousness:
حدَّده فرويد بأنَّه يحتوي على ما هو كامن وما ليس في الشُّعور، ولكنَّه متاحٌ، ومن السهل استدعاؤه إلى الشُّعور؛ مثل الكلام والذكريات والمعارف[1].


م/ن