«الصراع بين السنة والشيعة هو أكبر خطر يهدد منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يشكل ملامح الفترة المقبلة فى تلك المنطقة، فالمذابح التى ترتكب داخل سوريا ستؤدى إلى انتشار حرب سنية - شيعية بجميع أنحاء الشرق الأوسط، إذا أخذنا فى اعتبارنا العوامل المساعدة لتأجيج هذه الحرب، بدءا من تصاعد أعمال العنف فى العراق، والمواجهات فى البحرين، والتوترات الدائمة التى لا يمكن احتواؤها فى لبنان».
الكلمات السابقة للمحلل الشهير مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط والحركات الإسلامية، فى مقاله بالدورية الأمريكية «فورين بوليسى»، والذى يؤكد فيه انحيازه لوجهة النظر التى ترى أن هذا النزاع الطائفى سوف يعيد صياغة السياسة الإقليمية، كما يمكن أن يحل محل القضية الفلسطينية كقضية مركزية فى الحياة السياسية العربية.

يمضى لينش فى تحليله مستندا إلى صعود نبرة التعصب ضد الشيعة فى مصر وحرق مقراتهم فى الأردن جنبا إلى جنب مع مناطق الاشتعال الأخرى فى الخليج والشام والعراق، لنصل معه إلى ملامح واضحة لخريطة حروب مستقبلية تدار بنفس الطريقة الكلاسيكية التى كانت تدير بها بريطانيا مستعمراتها القديمة، ومن بينها البلاد العربية.

الظاهر حتى الآن أن ثوراتنا العربية لم تحقق أيا من أحلام الشعوب الطامحة إلى الحرية والعدالة والعيش الكريم، بل إنها أعادت إنتاج الاستبداد الذى كان قائما من قبل بصورة أشد تطرفا، وهذا الشكل الاستبدادى فى الحكم، علمتنا التجارب التاريخية السابقة، مقدار ما يبديه من خنوع وتبعية للقوى المسيطرة وما يظهره من إخلاص فى تنفيذ أجندات السيد المستعمر، فإذا كانت الحرب السنية - الشيعية هى الموضة الآن، فسنجد من فقهاء السلطان وتابعى وكالات الاستخبارات من يقدم التبريرات والفتاوى ويعقد المؤتمرات لتقديم الأدلة والبراهين على ضرورة هذه الحرب وقداستها، بل سنرى فى القريب العاجل من يدعو للجهاد ويغرر بالشباب البرىء ليقدمهم وقودا فى حرب لا نعرف لماذا اندلعت ولا كيف تنتهى.

أكثر...