بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة عن عشيرة الحميدات (آل حميد) في الشاميه
بقلم : الشيخ جمال فريد رايح العطیة الحميداوي

الحميدات يسكنون الشامية ويجتمعون في الجد الجامع لقبيلة ال حميد ( حميد)،وهاجر الحميدات الى الفرات الاوسط قبل اربعة قرون تقريبا والى ( الحسكة ) تحديدا ، مع باقي القبائل الاخرى مثل العوابد وبني حسن وبني زريج وجليحة والمراشدة ،وال بوحسان ، وقبل ذلك كانت هذه القبائل منتشرة على نهر ( الغراف) وعلى فرع منه (ابوجويري ) الذي يتفرع من جهته اليمنى على بعد عدة اميال غربي مدينة ( الرفاعي) الحالية ، وسبب انتقالهم من (الغراف) الى ( الحسكة) هو ان الغراف وقتذاك ، كانت تمر فيه معظم مياه نهر دجلة ، ولكن مع بداية القرن العاشر الهجري وتحديدا سنة 906 هجرية ابتدا دجلة بصب مياهه في مجراه الحالي الى العمارة ، حتى انتصف مياه دجلة بين فرع الغراف وفرع العمارة سنة 981 هجرية ، ولم يمض وقت طويل حتى اصبح فرع العمارة ياخذ معظم مياه دجلة ، لايصل الى الغراف الا النزر اليسير من المياه مع انتصاف القرن الحادي عشر الهجري، وطبيعي ان أي تجمع سكاني كبير لايقوم ولاينمو الا بوجود الماء ومع فقدانه تقريبا بدا تفكير هذه القبائل بالانتقال وخاصة الى منطقة ( الحسكة ) وهكذا فعلت ولكن الهجرة كانت تدريجية وعلى مدى النصف الاول من القرن الحادي عشر الهجري ، فكان اول من هاجر من تلك القبائل بني حسن وجليحة والمراشدة ، ثم تبعهم الحميدات ،والعوابد وال علي وبني زريج ، ثم توالى اخيرا ال ابراهيم وال فتله ،ان الترتيب السابق اخذ دوره في ( الحسكة) وعلى نهر ( الفرات) المار فيها والذي كان يسمى بنهر ( ذياب)،لذلك كانت القبائل الاولى في الهجرة تاخذ صدور الانهار وتليها فيه من يهاجر بعدها ، ليجد اخر من يهاجر نفسه في ذنائب الانهار المتوطنه حديثا ، والواقع يثبت ذلك في تحديد مساكن هذه القبائل في ( الحسكة) التي قطنوها حتى نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر الهجريين ، وقد كان سكن الحميدات على نهر ( الرفيع ) المتفرع من الجانب الايسر للفرات وهو اوسع افرع الفرات في الحسكة .

ان تاريخ أي قبيلة من التي تم ذكرها سابقا هو تاريخ جميع هذه القبائل وعلى مدى خمسة قرون تقريبا وهو المعروف والمسجل من تاريخهم ، من ايام وجودهم على نهر الغراف مرورا بهجرتهم الى ( الحسكة) ثم تفرقهم على نهر الفرات من الهندية شمالا وحتى الرميثة جنوبا في الوقت الحالي .

نعود لنكمل رحلة الحميدات فنقول انه بعد فتح نهر الهندية سنة 1207 هجرية ، قلت المياه المارة بنهر الفرات القديم المار في ا(لحسكة ) وبتوسع فرع الهندية اخذ معظم مياه الفرات ، فعادت فكرة الهجرة تراود افكار رجال القبائل ، ليهاجروا من جديد بعد بوار اراضيهم ، فهاجر سكان صدور الانهار القديمة ،ليجدوا انفسهم في صدور افرع النهر الجديد لذلك انتقلت قبائل بني حسن وال علي وجليحة وال ابراهيم وال فتله الى الهندية شمالا ومرورا بمقطع النهر الجديد جنوبا ، ولما بداالضرر يصيب الحميدات جاء دورهم ليهاجروا فكانت هجرتهم مؤرخة في سنة 1225 هجرية الى الارض التي لم تستصلح بعد وهي مناطق اهوار ونهايات انهر وبزول وهي الشامية بحدودها المعروفة ، فقاموا باصلاحها ، وكان اول نزولهم عل تل الحصار ضمن ناحية ( الصلاحية) ، ثم بعد ذلك استصلاح مقاطعة (ابو الزيرج ) انتقلوا اليها سنة 1230 هجرية ومقاطعة (الجبسة) سنة 1255 هجرية و(الكطعة سنة 1270 هجرية ) واستصلحوا ( المنفهان) حوالي 1280 هجرية ، مع ملاحظة ان معظم هذه الهجرات لاتكون بكل افراد العشيرة وانما بقسم منهم ، اما القسم الاخر فيكتفي بمصدر رزقه .

وللحميدات مواقف يتذكرها اخوانهم من القبائل الاخرى في مواقفهم النبيلة ونكران الذات واخلاقهم العالية ، حتى حسبت لهم القبائل المنافسة الف حساب ، وان كانت تلك القبائل اكثر عددا وامنع ، وماذلك الا احتراما لشجاعة رجالهم وماثرهم واتزانهم .

اما مواقف الحميدات على مر التاريخ فكان تاريخا مشرفا من خلال الكفاح الوطني من الاستعمار سواء كان عثمانيا ام بريطانيا ، فمازال يفتخر ابنائها بهذه الماثر والبطولات ، فكثيرا مايتردد بين رجال هذه القبيلة من ان رؤوس اجدادهم اخذت على رؤوس الرماح الى اسطنبول دليلا على نزعتهم الوطنية بالتحرر من نير حكم الاجنبي ، ودليلا على بطولاتهم ، وما اكثر المعارك التي شارك فيها الحميدات مع باقي القبائل في الثورات ضد الاستعمار العثماني ، ما ان بدات طلائع الاستعمار البريطاني في احتلال العراق ونزوله في البصرة حتى نهض الحميدات بقيادة (حمود البدن) والتحقوا بارتال الجيش العربي وشاركوا في معركة الشعيبة سنة 1915 م ، وبذلوا الانفس والدماء والاموال لرد المعتدي ومن ماثرهم في هذه المعركة انهم غنموا اول مدفع من الجيش البريطاني ، ولكن لم يقدر لهذه المعركة ان تنتهي بانتصار العرب ، ولكن للحرب جولات فكانت ثورة العشرين وكان الحميدات مع باقي قبائل الشامية او الجبهة الشرقية ، كما تسمى في ذلك الوقت تمييزا لها عن جبهة السماوة والرميثة وهي الجبهة الغربية ،لهم نصيب يليق بهم في تلك الثورة الكبرى وكان الشيخ رايح العطية رحمه الله من قادة الثورة واحد الزعماء الذين هاجروا الى الحجاز بعد انتهاء الثورة ، وعادوا بعد تنصيب الملك فيصل الاول ملكا على العراق وحصولهم على العفو

منقوول