معركة ملاذ كرد .. رمضان 463هـ

سيظل الصراع محتدمًا بين ممثلي الإسلام الذي آمنوا به واعتنقوه دينًا خاتمًا، جاء لتتويج رحلة طويلة من دعوة الأرض إلى الإيمان بالله، وتنسخ من جانب آخر ما سبقه من شرائع.. وبين ممثلي النصرانية الذين تربَّوا على عداوة الإسلام ولُقّنوا منذ الصغر -ولم يزالوا يلقنون- أن الإسلام هو العدو الأزلي، يسوقهم إلى ذلك فريقان هما: رجال الدين الخائفون على سلطانهم الروحي وما يجلبه من منافع، ورجال السياسة الذين يرون في الإسلام تهديدًا لعروشهم.
لعل في معركة ملاذ كرد التي وقعت في رمضان سنة 463هـ بين المسلمين ممثلين في دولة السلاجقة، وبين الإمبراطورية الرومية في قسمها الشرقي - ما يؤكد ذلك الصراع المحتدم حتى الآن.
وملاذ كرد أو مناز جرد بلدة حصينة من بلاد آسيا على فرع نهر مرادس أشبه شيء بالقسطنطينية.
ومعركة ملاذ كرد -كما تروي الأدبيات التاريخية الإسلامية- بدأت بمغامرة تصور فيها رومانوس قائد الروم أنه قادر على تحرير أراضي روما الشرقية من سلطان الدولة السلجوقية التي امتدَّ سلطان الإسلام الروحي بفضلها على ربوع بلدان الإمبراطورية الرومية الشرقية، فحشد ما يقرب من 100.000 أو 200.000 حسب الرواية الإسلامية.
واستطاع ألب أرسلان أن يخطف المبادرة بضربة حققت له تقدمًا أوليًّا في المعركة، غير أن ألب أرسلان على الرغم من طلائع النصر التي بدأت في الظهور ظلَّ جزعًا خائفًا من تفوق الروم عددًا وعدةً؛ مما دعاه إلى طلب الهدنة التي رفضها أرمانوس، وفَهِم منها خوف المسلمين وتهيبهم لقاءَه، فردّ عليه ردًّا يحمل قدرًا من السخرية والاستعلاء، فقرر السلطان المضيَّ في المعركة، فصلَّى بجنده ظهر الجمعة، وبكَى وخضع خشوعًا وتأثرًا، ولبس البياض، وتحنَّط الجنود استعدادًا للموت في المعركة، فجاهد مكفَّنًا حتى أظفره الله تعالى على عدوِّه، وأُسر أرمانوس الذي تكبَّر على المسلمين، وسخر منهم عند طلب الهدنة.

منقول