أسبرطة








المدينة اليونانية اسبرطة Σπάρτη - Sparta Sparta_territory.jpg




(باليونانية : Σπάρτη بالإنجليزية : Sparta) هي مدينة يونانية تأسست حوالي عام 900 ق.م.، عبر تجمع أربع قرى هي : لمناي، ميسوا، كينوسورا، بيتاني. اشتهرت اسبرطة بشعبها العسكري الذي ينشأ فتيانه على القتال ولا شيء غير القتال.

ووفقاً للأساطير اليونانية، فمؤسس اسبرطة هو لاكديمون، ابن الإله زوس والآلهة تايگتوس، وقد سماها على اسم زوجته ابنة يوروتاس.
توجهت اسبرطة نحو النظام العسكري بعد أن اضطرت إلى خوض حروب طويلة مع جيرانها، وعلى رأسهم أثينا، التي خاضت معها حرباً طاحنة استمرت لربع قرن عرفت بالحروب البيلوبونية، غير أن أثينا واسبرطة سرعان ما اتحدتا عام 481 ق.م.، رغم حروبهما، عندما تقدم الفرس بإتجاه اليونان، واستطاعت أثينا التصدي له في الحملة الأولى، غير أن الحملة الفارسية الثانية، كانت لتدمر جيش أثينا، لولا أن الأسبارطيين أمنوا انسحاباً بأقل للخسائر للجيش الأثيني، استبسل فيها 300 من أشجع قادة أسبرطة العسكريين بقيادة ليونيداس ووقفوا بوجه الجيش الفارسي حتى انسحب جيش أثينا الجرار نحو موقع آمن وعرض ذلك فيلم 300.

ثم وقعت معركة سلاميس عام 480 ق.م.، وهي معركة بحرية قاد اليونانيين فيها الاسبرطي أوريبادس، واضطر فيها الفرس بقيادة مردونيوس إلى الانسحاب لشواطئ آسيا الصغرى (تركيا). وفي عام 479 ق . م، وقعت معركة بلاتيا البرية ومعركة رأس ميكالي البحرية، اللتين انتصر فيها اليونانيون على الفرس نهائياً، وساد السلام في اليونان طوال 20 عام لاحقة.









تاريخ

المدينة اليونانية اسبرطة Σπάρτη - Sparta 150px-Lycurgus.jpg
ليكورگـس


يعود أول ذكر لها في التاريخ إلى العصر الموكيني (Mycènes = باليونانية ) (1600-1200ق.م) Mukenai، ويذكرها هوميروس في حديثه عن هلن Helen زوج منلاوس Menelaos ـ ملك إسبرطة ـ التي اختطفها باريس Paris ابن ملك طروادة، وتسبب في إشعال نار حرب طروادة بين الإغريق والطرواديين. وتشير الدلائل الأثرية والمصادر التاريخية إلى أن الغزاة الدُوريين Dorians استوطنوا المدينة بدءاً من القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ومع أنه لا يعرف شيء كثير عن المدينة حتى القرن الثامن قبل الميلاد فإن من الواضح أن هؤلاء الغزاة اتبعوا طريقة فريدة في الحكم، طبعت تاريخ إسبرطة طوال العصور التالية بطابعهم.
تاريخ إسبرطة المتأخر

المدينة اليونانية اسبرطة Σπάρτη - Sparta 180px-GreecePeloponn

حدود أسبرطة القديمة (وتسمى المنطقة بـ الپلوپونيز


لم تكن إسبرطة ـ بحكم عزلتها السابقة ـ قادرة على أن تتبوأ مركز الزعامة في العالم الإغريقي، فكانت تضطر أحياناً إلى الاعتماد على دعم الامبراطورية الفارسية مما أثار النقمة عليها داخل بلاد اليونان وخارجها، وأدت النزاعات والتحالفات الجديدة إلى بروز مدينة طيبة Thebes قوةً عسكريةً تمكنت سنة 371 ق.م. من كسب ود معظم الناقمين، وهزيمة إسبرطة في موقعة ليوكترا، وأتبعت طيبة نصرها باكتساح البلوبونيز وتحرير الميسينيين أرقاء إسبرطة التي تدهورت مكانتها السياسية والعسكرية منذ ذلك الوقت.
وعندما رغب المقدونيون في توحيد بلاد اليونان لم تشارك إسبرطة في أي جهد عسكري لمواجهة فيليب الثاني المقدوني، كما لم تقبل الدخول في الحلف الكورنثي بزعامة فيليب لمتابعة مقاومة الفرس، وإن التحق عدد من رجالها بالخدمة في جيوش ذلك العصر مرتزقةً، وهو أمر اضطر ما تبقى فيها من سكان ـ نحو 700 رجل مع أسرهم ـ إلى إقامة أسوار تحمي المدينة لأول مرة في تاريخها. وقد حاولت المدينة في عهد كليومينس Kleomenes الثالث (229 - 222ق.م) أن تنهض من كبوتها، ونجحت في استعادة بعض نفوذها في البلوبونيز بعد أن منحت المواطنة ستة آلاف من الهلوت المقيمين فيها. ولكن هذا النفوذ سرعان ما قضت عليه مقدونية وتابعته رومة التي ساءها مساعدة بعض المدن اليونانية أنطيوخوس الثالث ملك سورية عند غزوه أوربة.
وفي القرنين الثاني والثالث الميلاديين استغلت إسبرطة أريحية بعض أباطرة رومة وكرمهم فاستعادت بعض رخائها وتقاليدها في التدريب العسكري، لكنها لم تتمكن من الصمود أمام غزوة الهون بقيادة ألاريك Alaric وتفرق سكانها، ولاسيما بعد الغزو السلافي للمنطقة، وتلاشت المدينة منذ ذلك التاريخ حتى أعيد بناؤها سنة 1834م وتشتهر اليوم منتجاً رئيساً للحمضيات والفواكه والحرير الخام والعسل وزيت الزيتون في بلاد اليونان.




ثورة اسبرطة

المدينة اليونانية اسبرطة Σπάρτη - Sparta 250px-Leonidas_statu

Statue of King Leonidas I at Sparta ()


وفي هذه الأثناء كانت تركز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد يثير النزاع الأبدي بين الطبقات في جميع أنحاء اليونان. وكان من أثر هذا التركز في إسبارطة أن بذلت محاولتان لإصلاح الحال بإحداث انقلاب تام في أحوال تلك المدينة. لقد استطاعت إسبارطة بفضل عزلتها بين الحواجز الجبلية أن تحافظ على استقلالها، وأن تصد جيوش مقدونية، وتهزم جيش بيروس (272) الضخم ببسالة أبنائها وشدة بأسهم. ولكن نهم الأقوياء أحدث في داخل البلاد من الخراب ما لم تقوَ جيوش الأعداء على إحداثه فيها من الخارج. فقد ألغي قانون ليقورگ الذي كان يمنع انتقال الأرض من أيدي ملاكها بالبيع أو تقسيمها بالوصية ، واستخدم الإسبرطيون ما عاد عليهم من الثروة بطريق الإمبراطورية أو الحرب في شراء هذه الأراضي من أصحابها(33). وما وافت سنة 244 حتى آلت أراضي لكونيا الزراعية التي تبلغ مساحتها 700.000 فدان إلى مائة أسرة لا أكثر(34)، وحتى لم يحتفظ بحقوق المواطنية إلا سبعمائة رجل، وحتى هؤلاء السبعمائة لم يكونوا يُطعمون مجتمعين كما كانوا يُطعمون من قبل. ذلك أن الفقراء لم يستطيعوا تقديم قسطهم من الطعام، وأن الأغنياء كانوا يفضلون ولائمهم الخاصة. وحلت الفاقة بمعظم الأسر التي كانت من قبل تستمتع بالحقوق السياسية، وأخذت تطالب بإلغاء الديون وإعادة توزيع الأراضي على الأهلين.


وكان من فضائل الملكية أن محاولة إصلاح هذا الحال قد قام بها ملوك إسبارطة. ذلك أن أجيس الرابع Agis IV وليونداس قد ارتقيا عرش المدينة المزدوج في عام 242. وأيقن أجيس أن ليقورغ كان يقصد أن تكون الأراضي موزعة بالتساوي بين جميع الأحرار، فاقترح أن يشرع في توزيعها بينهم من جديد، وأن تُلغى جميع الديون، وأن يُعاد النظام شبه الشيوعي الذي وضعه ليقورغ. وأيد الملاك الذين كانت أرضهم مرتهنة اقتراح إلغاء الديون؛ فلما أن وافق على المشروع عارضوا أشد المعارضة كل ما عداه من عناصر إصلاحات أجيس؛ ثم اغتيل أجيس نفسه بتحريض ليونداس، واغتيلت معه أمه وجدته، وكانت كلتاهما قد نزلت عن ضياعها طائعة مختارة لتوزع على أبناء الشعب. وكانت النساء أنبل الشخصيات في هذه المسرحية الملكية؛ فقد كانت كلونيس Chilones ابنة ليونداس زوجة كليمبروتوس Cleombrotus الذي يؤيد أجيس. ولما نفي ليونداس واغتصب كليمبروتوس الملك هجرت كلونيس زوجها الظافر لتشترك في النفي مع زوجها، ولما أن استعاد ليونداس السلطة ونفي كليمبروتوس، آثرت كلونيس أن تُنفى مع أبيها(35).



وأراد ليونداس أن يضم لأملاك أسرته ما كان لأرملة أجيس من ثروة طائلة، فأرغمها على أن تتزوج بابنه كليمنيس Cleomenes. ولكن كليمنيس هام بحب زوجته، واستلهم منها آراء الملك القتيل؛ ولما أن اعتلى العرش باسم كليمنيس الثالث، قرر أن ينفذ إصلاحات أجيس. واستطاع أن يضم الجيش إلى جانبه ببسالته في الحرب، وأن يكسب تأييد الشعب ببساطة معيشته، فلما تم له ذلك ألغى الإفورية الألجركية بحجة أن ليقورغ لم يوافق عليها قط، وقتل أربعة عشر من الذين عارضوا هذا الإلغاء، ونفى منهم ثمانين، وألغى جميع الديون، ووزع الأراضي على الأهلين الأحرار، وأعاد نظام ليقورغ إلى ما كان عليه من قبل. ولم يكتف بهذا، بل شرع يفتح البلوبونيز أمام الثورة. ورحب به الصعاليك في كل مكان ورأوا فيهِ منقذاً ومحرراً لهم، واستسلمت له عدة مدن وهي فرحة مستبشرة، فاستولى على أرجوس، وبليني، وفليوس Philius، وإبدورس، وهرميونه Hermione، وتريزين Troezeu؛ وحتى كورنثة الفتية استسلمت له هي الأخرى في آخر الأمر. وانتشرت عدوى خطته هذه في كل مكان: ففي بؤوشيا امتنع المدينون عن الوفاء بديونهم، واستولت الدولة على الأموال لاسترضاء الفقراء؛ وفي مجالوبوليس Megalopolis قام الفيلسوف سرسداس Cercidas يدعوا الأغنياء أن يمدوا يد المعونة للفقراء قبل أن تُطيح الثورة بجميع أموالهم(36). ولما أن غزى كليمنيس آخايا Achaea وهزم أراطوس، دب الرعب في قلوب الطبقات العليا جميعها خوفاً على أملاكها، واستغاث أراطوس بمقدونية ولبى نداءه أنتجونس دوسن Antigonus Doson ، وهُزم كليمنيس في سلاسيا Sellasia (221)، وأعاد النظام الألجركي في لسديمون. وفر كليمنيس إلى مصر، وحاول دون جدوى أن يستعين ببطليموس الثالث، كما حاول دون جدوى أن يدفع أهل الإسكندرية إلى الثورة، فلما أخفق في كلتا المحاولتين لم يجد بداً من الانتحار(37).



وظلت حرب الطبقات مستعرة نارها، فخرج أهل إسبارطة على حكومتهم بعد جيل واحد من حكم كليمنيس، وأقاموا دكتاتورية ثورية، فما كان من فلوبيمين الذي خلف أراطوس في رياسة العصبة الآخية إلا أن غزا لكونيا، وأعاد إليها حكم الملاك. وما كاد فلوبيمين ينصرم أجله حتى ثار الشعب مرة أخرى، وأقام مكانه نابيس Nabis حاكماً بأمره (207). وكان نابيس هذا سوري الموطن سامي الجنس، أخذ أسيراً في الحرب، وبيع عبداً في مجالوبوليس. ولم يطق صبراً على كفايته المقموعة فانتقم لنفسه بتنظيم ثورة بين الهيلوتين، ولما تم له الأمر منح حق المواطنية الإسبرطية لجميع الأحرار، وقال للهيلوتين كونوا أحراراً فكانوا. ولما وقف الأغنياء في وجهه صادر أملاكهم وقطع رؤوسهم. وانتشرت أنباء أعماله هذه في خارج إسبارطة، ووجد من أيسر الأمور أن يفتح بمعونة الطبقات الفقيرة مدائن أرجوس، ومسينيا، وإليس، وبعض أركاديا. وكان أينما سار يؤمم المزارع الكبرى، ويعيد توزيع الأراضي على الأهلين، ويلغي الديون(38). ورأت عصبة الدول الآخية أنها عاجزة عن القضاء عليه فطلبت العون من رومة. ولبى فلامنينوس طلبه، ولكن نابيس قاومه مقاومة عنيفة أرغمت الرومان على قبول هدنة رضي بمقتضاها نابيس أن يطلق سراح الأغنياء المسجونين، ولكنه اشترط أن يظل محتفظاً لنفسه بالسلطة. وفي هذه الأثناء اغتال نابيس مغتال بتحريض عصبة الدول الإيتولية (192)(39). وبعد أربع سنين من ذلك الوقت زحف فلبومين مرة أخرى على إسبرطة، وأعاد السلطة إلى الملاك، وألغى أنظمة ليقورغ، وباع ثلاثة آلاف من أتباع نابيس في أسواق الرقيق. وهكذا قضى على الثورة، ولكن إسبرطة قُضي عليها أيضاً؛ نعم إن المدينة ظلت قائمة، ولكنها لم يكن لها بعدئذ شأن في تاريخ بلاد اليونان.


منقوله للمعلومات التاريخيةالمدينة اليونانية اسبرطة Σπάρτη - Sparta 012.gif