معلومات عن الشعر النبطي
أصل التسمیة:یسمى ھذا الشعر بالشعر النبطي العامي ویسمى أیضا بالشعر البدوي .
أما لماذا ھو عامي فإن لغتھ قد تخلصت في كثیر من الأحیان من بعض الظواھر التي تلتزمھا الفصحى وكذلك
فیما یتعلق بضبط أواخر الكلمات ( الإعراب ) وضبط الكلمة نفسھا أو نطقھا بین الترقیق والتفخیم والشدة
والإمالة إلى آخر تلك الظواھر فھو شعر عامي نعني أنھ لیس فصیحاً ولكنھ عربي .
أما لماذا ھو بدوي ؟ فلسببین ھما :
١/ أن لھجتھ ومفرداتھ وكلماتھ ھي نفسھا التي یستخدمھا البدو بلغة تخاطبھم الیومیة والتي لا تبتعد كثیراً عن
اللغة العربیة الفصحى .
٢/ أن معظم من یتعاطى ھذا الشعر ھم من شعراء البادیة .
نقول معظم ولیس كل شعراء النبط ھم من أھل البادیة لأن ھناك شعراء برزوا بھذا الشعر ولم یكونوا من أھل
البادیة بل كانوا یسكنون المدن والقرى ومثال ذلك الشعراء ( حمود الناصر البدر عبد الله ابن سبیل وبركات
الشریف الحسیني ) .


ما ھو الشعر النبطي :ھي نبطي بفتح النون والباء وكسر الطاء بعدھا یاء مشددة وھذه التسمیة ھي نقطة الخلاف في التسمیة لوجود
ثلاثة أسباب وھي :
١/ یقال أنھ سمي ( نبطي ) نسبة إلى أن أول من قالھ ھم عرب یسكنون وادیاً أسمھ ( نبطا ) أو (نبطي) وھذا
الوادي یقع ناحیة المدینة المنورة قرب حوراء وھذا القول غیر صحیح لأسباب عدة
أ/ أن الأماكن في الغالب تكسب أسماء ساكنیھا ولیس العكس فمثلاً ( وادي الدواسر ) یعني أول من حلھ ھم
الدواسر فحمل اسمھم .
ب/ من ھم النبطیین الذي خلوا ذلك الوادي ومن ھم وإلى أي عرب ھم ینتسبون ومن ھو أمیرھم؟
ج/ أین شعراء النبطیین ؟ وأین ما وصلنا منھم من شعر یشار لھم بھ .
٢/ یقال أنھ نبطیاً نسبة إلى جیل قدموا من بلاد فارس من العرب المستعربة ونزلوا بالبطائح بین العراقیین
یعرفون بالأنباط وھذا ھو شعرھم نظراً لقرب اسم الأنباط من الشعر النبطي فكیف یعتمد دلیل لیس بأساس
وھذه الأسباب تبرھن على عدم صلة الأنباط بھذا الشعر :
أ/ الشعر النبطي أول ما ظھر بالجزیرة العربیة والأنباط قدموا من بلاد فارس فكیف یكون شعرھم ؟.
ب/ أین شعرھم ؟ وأین ما وصلنا منھ ؟ ومن ھم أھم شعراء الأنباط النبطیین ؟.
ج/ المرجع التاریخي الوحید الذي ذكر الشعر النبطي ھو كتاب مقدمة ابن خلدون ولم ینسب ابن خلدون الشعر
النبطي للأنباط ولا الكتب التاریخیة التي درست الأنباط لم تذكر الشعر النبطي مطلقاً بل ذكره ابن خلدون في
مقدمتھ ( بالشعر البدوي ) فمن الخطأ أن ننسب الشعر النبطي للأنباط وذلك لما تقدم .
والشعر النبطي سمي بھذا الاسم لأنھ استنبط بمعنى استحدث وبالقاموس استنبط الشي أي استحدثھ أو استمده
من مصدر موجود ومصدرھا نبط بفتح النون والباء وتعني نبع الماء والاستنباط الاستخراج ولكن ھذا
المستنبط من أین استنبط ؟
بالتأكید من الشعر العربي الفصیح الذي كان السائد بالأزمنة التي كانت بھا اللغة العربیة في أوج عظمتھا
وكانت قبائل العرب كلھا مجتمعة في موطنھا الأصلي الجزیرة العربیة ، وحین بدأت ھجرة ھذه القبائل لأسباب
عدیدة منھا الغزو والبحث عن المراعي أصبحت كل قبیلة تسیر بمفردھا وتختار لھا موقع جدید تقیم بھ ضعفت
لغتھم العربیة وبدأوا باستنباط لھجات قریبة من لغتھم الأصلیة الفصحى لا تبتعد كثیراً ولكنھا تدغم بعض
الكلمات وتنطق بعض الحروف بنغمة جدیدة وتمیز مخاطبة المذكر عن المؤنث ببعض الإضافات وبذلك ابتعدت
عن قواعد النحو باللغة ومن ھنا كان الشعر النبطي المستنبط من الشعر العربي والذي یختلف عنھ فقط بعدم
تمسك الشعر النبطي بالقواعد النحویة وإضافة بعض المفردات الدخیلة على اللغة العربیة من جراء اللھجة
العامیة كما نلاحظ أن الشعر النبطي لا ھو بالشعر العربي الفصیح ولا ھو ببعید عنھ فھو مشتق منھ ونستطیع
القول أنھ الشعر العربي نفسھ ولكن بدون ظواھر الإعراب فتجد الشاعر النبطي ینصب ما یجب أن یرفع ویجزم
ما یجب أن ینصب ویضیف التنوین حسب الوزن وھكذا.
یقول ابن خلدون بمقدمتھ ( أن الشعر من البلاغة ولا دخل للبلاغة بالإعراب والشعر متى كان مستقیماً محتفظاً
بأوزانھ فلا قیمة لحركات النحاة فیھ ) وھذا یدعم الرأي الذي یقول أن الشعر النبطي استنبط من الشعر العربي
وسمي بالنبطي لأنھ مشتق ومستنبط من الشعر العربي ودلیل ذلك أن أغلب مفردات الشعر النبطي عربیة
فصحى ینقصھا فقط التشكیل الصحیح وضبط الإعراب فتصبح عربیة فصحى.
الأصل :
أصل الشعر العربي یرجع لبني ھلال القبیلة العربیة المشھورة والتي عرفنا تاریخھا حتى في الأساطیر الشعبیة
والمعروف أن ھذه القبیلة كانت أكبر قبائل العرب بوقتھا وقد ھاجرت من موطنھا الأصلي جزیرة العرب إلى
المغرب العربي ھاجرت ھذه القبیلة عن بكرة أبیھا حتى لم یتبقى بالھلالیین أحد بالجزیرة العربیة وخلال
ھجرتھم مروا ببلدان وأقاموا بھا وسكن ھذه الأمصار منھم كثیرین وأكمل المسیرة منھم الكثیرین أیضاً حتى
وصلوا إلى المغرب العربي ومن ھنا انتشر الشعر النبطي الذي ھو شعرھم بالأمصار التي مروا بھا ولبني ھلال
من الأشعار الحقیقیة التي لم یدخل علیھا التحریف والتغییر ولھم من القصائد الكثیر ما نجد علیھ من قصائدنا
بالوقت الحالي على الوزن والتركیبة الھلالیة ولو سئل عازف الربابة عن اصل الربابة قال من غیر تردد أنا
جرة ( ھلالیة ) وھذا یؤكد أن الھلالیین ھم أول من استنبط الشعر النبطي وغناه أیضاً بالربابة وأصبح یربط بھا
من حیث قصر البیت وطولھ على حسب نغمة الوتر الواحد بالربابة ولتأكید ھذا نورد ھذه الأبیات للشریف علي
بن ھشام التي قالھا على الجازیة بنت سرحان عند رحیلھا مع قومھا إلى المغرب العربي :
قال الشریف ابن ھشامن علي كبدي من الحرات تشكي زفیرھا.
ھذي شكات الروح مما طرا لھا عذابن ودایع تلف الله خبیرھا.
عادت كما خوارتن بید غاسل على مثل شوك الطلح عقدوا سیرھا.
ولو أخذنا قصیدة من الوقت الحالي على الوزن نفسھ ( الھلالي ) لوجدناه مطابقاً رغم بعد السنین.
قلبي صبورن مثل ما یصبر الصفا على ما یصیبھ من صواعق رعودھا.
وحالن جلت أجلت وجالت وجیلت من الغبن لین الغبن بعث لھودھا.
وكبدن على ما فاتھا تشرب الطنا من الكره لین أنھ برى الھم عودھا.
ذكر ابن خلدون في مقدمتھ شعر بني ھلال وذكر ھذه القصیدة التي نرد منھا ھذه الأبیات وأنھا من شعر سلطان
بن مظفر الزواودة أحد بطون ریاح وأھل الریاسة فیھم قالھا في معتقل بالمھدیة بسجن الأمیر أبي ذكریا أول
ملوك أفریقیا من الموحدین :
یقول وذا نوح الرجا بعد ذھبھ حرا من على أجفان عیني منامھا.
أیا من لقا حالف الوجد والآسى وروحن ھیامن من طال ما في سقامھا.
حجازیتین بدویتین عربیھ عداوتین ولھا بعیدن مرامھا.
وینسب ابن خلدون أیضاً الشعر النبطي إلى عرب یقطنون حوران وھم من بني ھلال ھم قبیلة عقیل جزء من
قبیلة بني ھلال والتي دخلت تحت لواء بني ھلال الذین استقروا بحوران والتي ذكرھا كثیر من شعراء البادیة
حیت أنھا ( ماكر حرار ) أي أنھا معقل الصقور الطیبة حیث أنھا تطرح بحوران فیصفون الرجل الشجاع بطیر
حوران :
دار یللي سعدھا تو ما جاھا طیر حوران شاقتني مضاریبھ .
یقول ابن خلدون ( من العرب من یسمي ھذه القصائد بالأصمعیات نسبة إلى الأصمعي وأھل الشرق من العرب
یسمون ھذا النوع بالشعر البدوي وربما یلحنون بھ ألحاناً بسیطة لا على طریقة صناعة الموسیقى ثم یغنون بھ
ویسمون الغناء الحوراني نسبة إلى حوران من أطراف العراق والشام وھي منازل العرب البادیة ومساكنھم إلى
ھذا العھد ).
وأورد ھذه الأبیات لامرأة قتل زوجھا وتطلب الثأر لھ تقول فیھا :
تقول فتاة الحي أم سلامة بعینن أراع الله من لا ثار لھا.
تسھر بطول اللیل ما تلف الكرى موجعة كن الشقا في محالھا.
على ما جرا في دارھا وأبو عیالھا تلحظھ عین البین غیر حوالھا.
وقد سار الشعر النبطي على ھذه الطریقة عبر ثلاثة قرون من الزمن أي من القرن السابع حتى القرن العاشر
ینظم على نفس الطریقة الھلالیة أو على البحر الھلالي ویرجع انتشار ھذا الشعر لتنقل بعض القبائل من
أماكنھا واختلاطھم بقبائل أخرى وتجاوب ھذه القبائل لقصائد بني ھلال وتقلیدھم لھا واستحداث كل قبیلة لبعض
الكلمات على حسب لغتھا ساعد في انتشار ھذا الشعر إلا أن الشعر النبطي في كل القبائل واحد بتفاوت لھجاتھم
بعض الشيء.


أماكن تواجد الشعر النبطي :
١/ بادیة الخلیج العربي والجزیرة العربیة وامتدادھا من الیمن حتى العراق .
٢/ بادیة الشام وتشمل سوریا وفلسطین والأردن.
٣/ بادیة سیناء.
٤/ بادیة المغرب العربي ( آخر محطة بھجرة بني ھلال ).
٥/ بادیة السودان.
وھناك قبائل بدویة ھاجرت إلى بلاد فارس فشكلت مجموعھا عر بستان وكذلك ھناك قبائل ھاجرت من الیمن
إلى الحبشة واستقرت فیھا حتى الآن ، وھناك قبائل وصلت حدود تركیا وروسیا.


اقسام الشعر النبطي:
أن الشعر العربي الفصیح على خلاف الشعر النبطي ، من ناحیة الأغلب في الشعر الفصیح أنھ غیر مرتجل إلا
في القلیل النادر أي أن صاحبھ یتروى فیھ ویصیغھ في ھدوء وعلى مھل صناعة تخضع للمراجعة والتنقیح.
أما في الشعر النبطي فھو ینقسم إلى قسمین رئیسیین لكل قسم شخصیتھ المستقلة فھو أما شعر منظوم أو شعر
مرتجل وھذا شرح لھما :
١/ الشعر المنظوم :
یسمیھ البعض شعر الدیوان وھو الشعر الذي ینظمھ الشاعر متى أراد بإرادتھ وھو بعیداً عن إلزام خارجي
ودون التزام بارتجال ولھذا الشعر بحور عدیدة وأوزان كثیرة وسمي عند شعراء النبط بشعر الدیوان لأنھ یكتب
ویجمع ولا مجال للارتجال فیھ كذلك یحق للشاعر فیھ التغییر والتنقیح وإضافة حسب ما یراه مناسباً.
٢/ الشعر المرتجل :
ویسمیھ شعراء النبط بشعر المیدان ، وھو شعر ( القلطة ) الذي یرتجلھ الشاعر بنفس الوقت الذي یغنیھ فیھ (
طاروق ) معین حیث یتقابل شاعران ویبدأ أحدھما ببیت من الشعر من لحن معین ویغنیھ ( الشیالة ) حتى
یتسنى للشاعر الآخر تألیف الرد بدوره فیجیبھ بنفس الوزن والقافیة والمعنى وسمي أیضا بشعر المیدان لأنھ
ولید اللحظة لا إعداد فیھ .



كتابة الشعر النبطي:
كتابة الشعر النبطي لا تخضع لقواعد اللغة فھو یكتب كما ینطق وذلك لأسباب عدیدة أھمھا أن یقرأه القارئ
بشكل صحیح لكي یسھل علیھ فھمھ ، كما أن ھناك كلمات كثیرة تنون بالشعر النبطي وإذا كتبناھا بدون إضافة
( نون ) واكتفینا بالكسرتین أو الضمتین فھذا یجعل القاريء یقرأ الكلمة وینطقھا على عكس ما أراد الشاعر أن
یقول فیتغیر المعنى للبیت وكذلك ینكسر الوزن ویصبح البیت مكسوراً ، كما أن ھناك كلمات تأتي بنھایة الأبیات
تكسر لكي یستقیم الوزن وتنسجم القافیة وھذا یتطلب إضافة ( یاء ) في نھایة الكلمة وعدم الإكتفاء بالكسرة
وإذا كتبت من غیر ( الیاء ) انكسر البیت ومثال ذلك :
یللھ یا عالم خفایات الأسرار یا مبدلن عسر اللیالي بلیني.
تفرج لمن قلبھ على صالي النار قلبھ من الفرقا غدا قطعتیني .
ھنا ::: ألصقنا الیاء بلفظ الجلالة وكان المفروض لغویاً أن تفصل ویضاف إلیھا الألف لتصبح الكلمة ( یا الله )
ولكن ھذا یكسر وزن الشطر كلیاً فالنداء ھنا متصل عكس ( یا عالم ) وكذلك كلمة ( یا مبدل ) أي مغیر أضفنا
إلیھا ( النون ) بدلاً من الكسرتین لأن شاعرھا قالھا ھكذا ولأنھ بدون النون ینكسر وزن الشطر وأیضاً كلمة (
لین ) مع كسر السنون فأضفنا علیھا الیاء لكي تنسجم مع بقیة القوافي ویستقیم الوزن فوجبت كتابتھا كما
نطقھا الشاعر ، وھذا یؤكد لنا أن الشعر النبطي یكتب كما ینطق ولا دخل لقواعد اللغة في كتابتھا


م/ن