حضور أغنياته مسجّلة ومصوّرة تنفي دائماً فكرة الغياب، وتؤكد أن الحضور الطاغي دليل على أن البطن العربية لم تعد ولاّدة بالقدر الذي خبرناه في الأربعينيات وحتى أواخر السبعينيات. عبد الحليم حافظ في ذكراه التاسعة والثلاثين أثبت في صورته عند عموم الجماهير العربية، بينما تحتل أغنياته صدارة الترتيب أسبوعياً على كل المطربين والنجوم المعاصرين.



الذكرى 39 لوفاة المطرب النجم عبد الحليم حافظ c4185f03-a052-4d12-b

رحل العندليب الأسمر عن سبعة وأربعين عاماً






العندليب اليوم محور قراءات نقدية، وتحقيقات تحاول عاماً بعد عام تفسير ظاهرته بما يتلاءم مع حقيقة أن شهرته تتضاعف على الدوام، وتبقى أغنياته أصدق تعبير عن الحال العاطفية لكل الأجيال، فيما التطورات السياسية والعسكرية جعلت من أغنياته الوطنية (إحنا الشعب، على أرضها، إبنك يقولك يا بطل، الوطن الأكبر، حكاية شعب، عدّى النهار، أحلف بسماها وبترابها، البندقية تكلمت) وعمرها يتعدّى النصف قرن وكأنها نظمت ولحّنت اليوم.
عبد الحليم علي شبانة عاش 47 عاماً فقط ليموت مريضاً جداً لكن من خطأ طبي تسبب له في نزيف حاد في الأمعاء قضى عليه. وهذه على كل حال صورة النهاية المبكرة لعدد من الكبار، فأسمهان عاشت 32 عاماً، وسيد درويش لم يكمل الـ31 عاماً، ومع ذلك ترك هؤلاء إرثاً فنياً خالداً، أمتع الجماهير وما زال، وعند البحث عن الأسباب تظهر أمامنا ملامح الصدق والمثابرة وتحمّل المسؤولية بالكامل دونما تردد أو خنوع. مع إضافة أن أوجاع العندليب احتدمت وأثمرت أروع الأغاني التي ما ملّتها الآذان أو لفظتها حتى في أحلك الظروف.فالبلهارسيا التي فتكت بمعدته وأمعائه أمهلته وقتاً جيداً كي ينجز مجموعة كبيرة من الأغاني التي تعتبر زادنا في أيامنا كلها. في 30 آذار/ مارس 1977 شيّع العندليب في جنازة حاشدة ومهيبة لم تشهد القاهرة مثيلاً لها إلاّ مع: الرئيس عبد الناصر، السيدة أم كلثوم، الموسيقار عبد الوهاب، والنجم أحمد زكي. وكان الوحيد الذي شهد تشييعه حالتي إنتحار لمراهقتين لم تتحملا فكرة موته أبداً. وكان حليم عرف كما عبد الوهاب قبله أن السينما باب جميل ورائع، وأفضل وسيلة للتواصل مع معجبيه في كل مكان، فأولى أهمية للأفلام وصوّر 16 شريطاً (لحن الوفاء، أيامنا الحلوة، موعد غرام، الوسادة الخالية، الخطايا، ومعبودة الجماهير) وإذ تقاسم البطولات مع معظم جميلات السينما (فاتن، شادية، مريم فخرالدين، لبنى عبد العزيز) إلاّ أن فيلمه: شارع الحب (إخراج عز الدين ذو الفقار) مع صباح كانت له ظروف مختلفة، فرغم جماهيرية حليم طلبت صباح أن يكون إسمها في المقدمة قبل إسمه ووافق فوراً دون ممانعة. وفي البال تبقى أغنياته: أهواك، بتلوموني ليه، أحضان الحبايب، الهوى هوايا ، جانا الهوى، يا خلي القلب، أنا ذنبي إيه، حبك نار، في يوم في شهر، مالك ومالي، أحبك، مغرور، قارئة الفنجان، حبيبتي من تكون.