الفنجان الاول والثاني من قهوتي

طردَت الرّوحُ الهائمةُ حولي النومَ من عينيّ، فأعددت فنجانيْ قهوةٍ. أردتُ أن أجد من يؤنس وحدتي. القهوة هي مؤنسي الدافئ الوحيد في مثل هذه اللّحظة، لذلك سأشرب القهوة معي.
أرتشف من الفنجان الأوّل، وأترك الثّـــاني يسقط فيه ثلج الوحدة.
الفنجان الثاني وحده قادرٌ على إبعاد كآبة المكان وحزن القلب، وربّما أبعد من حول سريري كلّ الأشباح والأرواح.
تبتعد وتعود. في كلّ الحالات القهوة معي، أحدّثها. أشربها، فتطرد كلّ ما يراه سوادها الجاثم في قعر الفنجان الأوّل والمتلألــئ في الثّــاني.
أنا لا أخاف الوحدة، ولكن أخاف ألا أستشعر روح شخص ما هنا حولي. هو الفراغ لا غير.
و الرّوح لا تحوم حول المكان الّذي أنا فيه وإنّما تسكنني روحا ونبضا تفرّ إلى عالمها وتعود.

وأنا لا أستقبلها عند عودتها لأنّها مهما غابت تظلّ رفيقتي هنا، حيث أضع يدي الآن. هي جهة القلب إشارةً ولكنّه القلب، لأنّها تظلّ مهما ابتعدت هنا لا تنفلت عن نبض القلب لأنّها ساكنة هنا، في ما أسمع، في نبض القلب.
هل أروي حكاية ما قبل النّوم؟ لا!
لا يمكن التّأليف من الصّمت حكاية. ولكنّي أقرأ وحدةَ الفنجان عندما يسقط فيه ثلج الحكاية.
مسكين. ظل وحده يعاني بردَ غياب الرّوح وأرَجَ ماء الزّهر المسكُوب فيه



~راق لي~