حكم التفاخر بالانساب وهل افتخر رسول الله صلى الله عليه وسلم
اولا: التفاخر بالانساب منهي عنه بالقران الكريم والحديث الشريف وجعل الله معيار التفاضل عنده هو التقوى
قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات 13
وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَبَلَّغْتُ ؟ قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). صححه الألباني في الصحيحة 6/199
ثانيا: وقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من الطعن في الأنساب ، ووصفها بأنها من أمور الجاهلية فقال صلى الله عليه وسلم : (أربع في أمتي من أمر الجاهلية ، لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ). رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم:( اثْنَتَانِ في النَّاس هُما بهم كُفْرٌ : الطَّعنُ في النَّسب و النِّياحة على الميّت ) . رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز و جل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي والناس بنو آدم وآدم من تراب لينتهين أقوام فخرهم برجال أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن). وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود.
قال صلى الله عليهوسلم :( إنَّ أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد ، وإنَّما أنتم ولد آدم ، ليس لأحد على أحد فضل إلاَّ بالدين أو عمل صالح ) رواه أحمد وصححه الالباني
ثالثا: يرى بعض الجهلة أن التفاخر بالأنساب شيء محمود، ويستدلون لذلك بقوله تعالى:
(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ )الأنعام، من الآية: 165
قال ابن جبرين رحمه الله وأما الآية الكريمة فالمراد بالدرجات: الفضائل الظاهرة كالعلم والزهد والعبادة والجود والشجاعة وما أشبهها قال تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة 11
ويستدلون بقوله عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِماً مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) رواه مسلم
قال ابن جبرين رحمه الله المراد أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم اصطفاه الله من أشرف العرب وأشهرهم، حتى يكون أقوى لمعنويته وأقرب إلى تصديقه واتباعه إذا عرف أنه من قبيلة لها شهرة ولها مكانة مرموقة، فإن ذلك أقرب إلى أن يكون محل صدق وأمانة. انتهى
اي ان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يفتخر هنا بل يخبر عن اصطفاءه من قبل الله تعالى
رابعا: ادعى البعض اللبراليين ان الرسول تفاخر بنسبه لجده بقوله في غزوة حنين في السنة الثامنة كما رواه اليخاري أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
وهذا مردود بعده اوجه منها انه قالها على سبيل الاخبار لا الفخر ومنها انه قالها في حالة الحرب وهو جائز بهذا الموضع
ورد في شرح السنة للإمام البغوي ما نصه:
"فإن قيل : أليس قد افتخر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بجده حيث قال : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " قيل : إنه لم يذهب بهذا القول مذهب الانتساب إلى شرف الآباء على سبيل الافتخار ، ولكنه ذكّرهم رؤيا كان رآها عبد المطلب له أيام حياته ، فأخبر بها قريشاً ، فعبروها على أنه سيكون له ولدٌ يسود الناس، ويهلك أعداؤه على يديه، وكانت إحدى دلائل نبوته ، وكانت القصة فيها مشهورة ، فعرفهم شأنها، وخروج الأمر على الصدق فيها، ليتقوى بها من انهزم من أصحابه، ويرجعوا واثقين بأن العاقبة له. والله أعلم.
وجواب آخر: أن الافتخار والاعتزاز المنهي ما كان في غير جهاد الكفار ، وقد رخص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الخيلاء في الحرب مع نهيه عنها في غيرها ، وقد كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نصر بالرعب ، فإذا أخبر باسمه ، وقع الرعب في قلوبهم ، فكان ذلك سببا لنفرتهم ، كما روي أن علياً لما بارز مرحباً يوم خيبر قال : أنا الذي سمتني أمي حيدرة قيل : كان السبب فيه أن مرحباً كان قد أنذر أن قاتله يقال له : حيدرٌ ، وكان علي حين ولدته أمه سمته أسداً ، وكان أبو طالب غائباً وقت مولده، فلما بلغه خبره ، سماه عليّاً ، فعدل علي عن اسمه المشهور إلى الآخر ينذره أنه سيقتله ، لأنه أسدٌ ، والأسد يسمى حيدراً. والله أعلم.
وقد قيل في قصة ضمام بن ثعلبة : إنه حين دخل المسجد ، فقال :يا ابن عبد المطلب. فقال له (صلى الله عليه وسلم) : "قد أجبتك. [فإنه] إنما لم يستأنف له الجواب؛ لأنه كره نسبته إلى جده الذي مضى في الكفر، وأحب أن يدعوه باسم النبوة والرسالة التي خصه الله سبحانه وتعالى بها. والله أعلم"
شرح السنة جـ13/ صـ126-128
قال الإمام ابن حجر: "النهى محمول على ما هو خارج الحرب، و مثله الرخصة فى الخيلاء فى الحرب دون غيرها فحين راى رسول الله أبا دجانة يختال فى مشية بين الصفوف متعلماً بعصابة حمراء يوم أحد فقال رسول الله: ( إنها مشية يبغضها الله تعالى إلا في هذا الموضع)
يقول النووي - رحمه الله - في (شرحه على صحيح مسلم 12/120): "ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا النبي لا كذب" أي: أنا النبي حقاً فلا أفر، ولا أزول، وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب: أنا فلان، وأنا ابن فلان، ومثله قول سلمة: أنا ابن الأكوع، وقول علي - رضي الله عنه-: أنا الذي سمتني أمي حيدره، وأشباه ذلك، وقد صرح بجوازه علماء السلف، وفيه حديث صحيح، قالوا: وإنما يكره قول ذلك على وجه الافتخار كفعل الجاهلية والله أعلم" انتهى كلامه.
بل قد ورد نص صريح بنفي الفخر عن نفسه عليه الصلاة والسلام كما في الترمذي وابن ماجه وصحح الزياده الالباني
قال النووي في (شرحه على صحيح مسلم 15/37) [وينظر: 15/121]: "وقوله _صلى الله عليه وسلم_: "أنا سيد ولد آدم" لم يقله فخراً، بل صرح بنفي الفخر في غير مسلم، في الحديث المشهور: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"،
اما افتخاره عليه الصلاة والسلام بانه ابن الذبيحين فقد ضعفه الذهبي ولو صح لكان اخبار عنه
وكتبه
عمار العاني النعيمي