تعتبر منطقة الرقبة وأعلى الكتفين من أكثر المناطق الحساسة في الجسم؛ وذلك لاحتوائها على أجزاء حيوية كالشرايين التي تغذّي المخ بالدم والبلعوم والقصبة الهوائية، إضافة إلى الحبل الشوكي والأعصاب المتفرعة منه لتغذية عضلات الأكتاف والذراعين بالإحساس والحركة. ومع تطور الحياة العصرية لاسيما استخدام أجهزة التكنولوجيا الحديثة والجلوس على المكاتب أصبحت الرقبة عرضة أكثر لمشاكل الشد العضلي والالتهابات، ولكن مشاكل الرقبة لا تنتهي فقط عند هذا الحد.

إن عضلات المبطنة لفروة الرأس والتي تمتد من خلف الجمجمة إلى منطقة أعلى العين، إضافة إلى العضلات العميقة كلها تستمد تغذيتها من منطقة الرقبة, وفي حال الجلوس في وضعيات خاطئة لساعات طويلة أو حدوث كدمات من جراء حوادث مسبقة، إضافة إلى النوم بطرق خاطئة أو اختيار وسادة غير مناسبة، كل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة الضغط أو الحمل الميكانيكي على فقرات عمود الرقبة، إضافة إلى زيادة الشد في العضلات السطحية الصغيرة المحيطة بالرقبة والعضلات السطحية الكبيرة التي تحمل الأكتاف، ما يؤدي إلى بداية عوامل الاحتكاك في الرقبة، تقليل نسبة الماء الموجود في داخل الغضاريف (الديسك)، زيادة احتمال حدوث انزلاق غضروفي يضغط على أعصاب وحدوث تنمُّل أو ضعف في اليدين. كل هذه الأعراض أصبحت معروفة الآن وشائعة ولكن هناك أعراض أخرى خفية ولكنها مرتبطة بشكل مباشر مع الشد في عضلات الرقبة والتهابات الفقرات.

كما أن شد عضلات معينة في الرقبة يُقلِّل نسبة تدفق الدم بمقدار 20 في المئة إلى عضلات فروة الرأس؛ فينتج عن ذلك صداع في مقدمة الرأس، والجهة الخلفية من الرأس وعلى جوانب الرأس، وهو نتيجة الضغط على الشرايين التي تدفق الدورة الدموية إلى الرأس وأيضاً لاتصال عضلات الكتف التي تمتد إلى الرقبة، وهي بدورها تتصل بعضلات الجمجمة، ويؤدي الشد في هذه العضلات إلى تواجد آلام على هيئة صداع في جهة الشد العضلي نفسها، ومن بعض أسباب حدوث الشد في عضلات الكتف الأكثر شيوعاً هو الجلوس بطرق خاطئة، الإجهاد المتواصل الزائد عن حدِّ العضلة والضغوطات النفسية.
أضف إلى ذلك الجلوس بطريقة خاطئة أو منحنية إلى أمام يضع العمود الفقري في ميلان ووضعية غير مستقيمة، ما يجبر عضلات الرقبة على العمل بشكل خاطئ، وبالتالي حدوث شدٍّ أو التهابات فيها. حمل أوزان الثقيلة في النادي الصحي وكذلك التقنية والزاوية المستخدمة في حماها أيضاً تسبب شدًّا حادًّا في أعلى الرقبة.

إن كثير من الناس قد يتجاهل آلام الصداع، أو يكتفي باستخدام المسكنات، ولكن ليس كل أسباب الصداع داخلية أو نتيجة أمراض معينة، 30-40 في المئة قد تعود أسبابه إلى آلام الرقبة والشد العضلي، وفي هذه الحالات يجب مراجعة الطبيب المختص أو اختصاصي العلاج الطبيعي.

أسباب أخرى قد تسبب نوعاً يشابه الصداع النصفي هو تيبُّس الفقرتين الأولى والثانية من العمود الفقري للرقبة، وذلك يحدث من أسباب عدة كارتفاع وسادة النوم أو انحناء الرأس إلى الأمام لساعات طويلة أثناء العمل c1-c2.

ومن أفضل طرق العلاج لمثل هذه الحالات هو العلاج بتحريك الفقرات العليا من العمود الفقري للرقبة باستخدام العلاج اليدوي، وكذلك استخدام تقنية «thera-lase» وهي أداء تمارين استطالة لعضلات الكتف التي تربط عظمة الترقوة ولوح الكتف بالرقبة، تمارين الاسترخاء واليوغا أيضاً تساعد على التقليل من حدّة أعراض الصداع الناتج عن شدّ الرقبة.


منقووول للفائدة