حكاية من التراث العراقي العربي الأصيل ((أم ناصرالعبسية)) do.php?imgf=14964351

يقول صاحب المعالي العلامة الآديب الراحل الشيخ علي الشرقي(ره) في كتابه مذكرات الشيخ علي الشرقي . كان اتصالي بالريفيين أوائل الحرب العالمية الأولى عام 1914م وبقيت أترددعليهم كل عام مدة شهرين تقريباً، وختم ذلك الأتصال بانتهاءالثورة العراقية عام 1920م وقد تعرفت على طيبات للريف الحبيب ارغب تسجيلها حرصاً عليها من الضياع.ويقول الشرقي ان من أروع ماشاهدت من صور حقوق ((الوجه))حادثة ام ناصر .ففي عام 1915م والعراق فائر بالفوضى ،كنت منحدراً من السماوة الى المنتفق ولما بلغت منازل((عبس))وجدت القوم محتربين والرصاص يعبر من هنا وهناك فالسلامة للمجتاز غير مضمونة، وحالاًملنا الى الجانب الأيسرمن النهرـ ونزلنا في حي هناك وربطنا الزورق ولكني لم أجد في الحي رجلاً قط لأن الرجال نفروا للحرب وتوسمتُ البيوت فعرفت بيت النابه في ذلك الحي ((ربعة)) دخلتها فكانت فارغة، وسمعت ولولة ونشيجاً فهممت بالخروج وإذا بصبي في السن العاشرة يلحق بي قائلاً ليس لك ان تترك المحل بدون أن تأكل وتشرب ،فشكرته واعتذرت ولكن جاءت عجوز فشددت على النكير ولم أحر جواباً الاّ الامتثال بالعودة الى الربعة .وسرعان ماحمل الصبي على رأسه طبقاً للترويقة وهو يعتذر قائلاً: هذه حاضرة العرب والعجوز تجري وراء الصبي وتفديه ،فقلت بارك الله فيكم لست في حاجة الى الطعام أنا بحاجة الى من يجتاز بي هذا النهر المشبوب بالرصاص ،فقالت العجوز :تناول شيئاً وبعد ذلك يجتاز بك الطريق وتنحدربسلامة،فتناولت شيئاً وأذا بأبريق القهوة بيد الصبي المرتعشه لأنها لاتقوى على حمل ذلك الإبريق ،والعجوز تدعوله قائلة:بارك الله بك ياخليفة الماضين وتناولت القهوة ،وعندها قالت العجوز تفضل أذا شئت حتى نوصلك بسلامة ،فقلت :من يصحبني ؟ فأنتحبت وقالت لا عليك ،وجريت معها ومع الصبي الى الزورق ولوّحت العجوز بطرف عبائتها صائحة :يامعشر عبس أنا أم ناصر وهذا ولده نريد أن نجتاز بضيف ناصر الطريق ،فالوجه الوجه ياعبس ، عطّلوا سلاحكم قليلاً اريد ذلك من العدو والصديق .فلم ينته الصوت حتى علت في الجو سحابة من كآبة موشحة باقواس ملوّنة من النخوة ومن الشمم،ونكسوا السلاح الى الأرض بخشوع وسكت أزيزالرصاص وعلت أصوات :تفضلي تفضلي ،ومع بعض الأصوات نشيج وبكاء، فركبنا الزورق أنحدر بنا وأنا مصقوع مما أرى وأسمع و وبانكسار سألت العجوزعن جليّة الأمر فقالت إن ناصر ولدها الوحيد وهو فتى الحي قد قتل البارحة وهذه الحرب مشبوبة بين الواترين والموتورين ،وجئت أنت بيت ناصر فكان حقاً علينا أن نحفظ ناصراً في حقوق بيته وها أنا وولده نوصلك بالسلامة كرامة لوجه ناصر.
هاتف الخاقاني