الحاج ناهي سباهي الطائي غواص ماهر في بحور التاريخ والأنساب do.php?imgf=14996328
حاوره محمد صالح عبد الرضا
ما رأيك برجل ينام هو على فراش أرضي وسط جمهرة من الكتب وأكوام الأوراق و صناديق العتاد المليئة بعتاد آخر اسمه عتاد تنوير التاريخ العربي في البصرة . . ؟
منذ سبعة وعشرين عاما يواصل تأليف موسوعة تاريخ البصرة الكبير ، حيث يدخل المكتبة العامة في البصرة لا تقطعه بين الدوام الصباحي والمسائي إلا كسرات من الخبز مع بعض التمر وهو غذاء المعدة لمتكرر في محنة الحياة .
وإذا كان لكل مؤرخ حقيقي قدراته ذات النسيج الخاص فإن هذا الرجل النحيف يحسن الإنصات الى نبضات التاريخ بما يحتدم به من أفكار وقيم ومجاهدات وحوادث فيناقش ويحلل ويقارن ويتأمل .
وإذا كان أبو حاتم الرازي يمشي في طلب لحديث الشريف أكثر ن ألف فرسخ ولم يكن له ما ينفق منه ، فإن الحاج ناهي سباهي علي الطائي لا يفيق من خمرة التاريخ حتى لو قطع آلاف الفراسخ و آلاف الأيام .
وقد يظنون حينا من الدهر مطموري الأسماء و مجهولي الأفعال فلابد لهم من ان يدخلوا دائرة الضوء وعدتهم إبداعهم فقط . ومن اولئك هذا الرجل الذي وهب حياته للاستمرار المضيء في التاريخ والأنساب .
وفي لقاء معه كان لنا هذا الحوار :
ما هي أبرز ملامح سيرتك الذاتية ؟
ولدت في قرية تبعد عن ناحية الغراف
بثلاثة كيلومترات والى الشرق منها ، درست الابتدائية في ناحية الغراف ، وكانت ولادتي سنة 1940 ، وفي سنة 1948انتقلت عائلتي الى مدينة الناصرية فأكملت فيها دراستي وتخرجت معلما، زاولت مهنة التعليم في مدارس الأهوار في الناصرية وفي عام 1965 انتقلت الى البصرة وعلمت في مدارسها وفي عام 1986 أحلت الى التقاعد .
رحلتي مع القراءة كانت من الابتدائية ، في البدايات قرأت القصص والروايات للكتّاب المصريين واللبنانيين ، ثم اتجهت بعد ذلك الى قراءة التاريخ في المكتبة العامة في الناصرية وكان مديرها الأستاذ علي عبد الطالب الذي له الفضل الكبير في تشجيع أبناء الناصرية من الشباب على القراءة فيها وفتحها الى ما بعد الدوام الرسمي ليلا .
أما عن أقراني ورفاق صباي فيها وفي المتوسطة ودار المعلمين : أذكر منهم عبد الرحمن مجيد الربيعي وسليم سلطان وعزيز سيد جاسم وكاظم موزاي وذياب عطية .
وعندما نقلت الى البصرة في عام 1965: بدأت بإضافة كتب الى مكتبتي من المراجع والمصادر التاريخية النادرة المعتمدة .
مكتبتك الشخصية كيف ترى عملية الاستقصاء من مصادرها ؟
ان مكتبتي معروفة في البصرة و خاصة من قبل طلبة الدراسات العليا وأساتذة جامعاتها ، فقد جمعت فيها أمهات الكتب والمراجع من كتب التاريخ والرجال واللغة والأدب والجغرافية والدين والفلسفة والأنساب مخطوط ومطبوع وفيها العديد من المخطوطات المصورة وكتب الأدب و الاجتماع وتاريخ البصرة وكتب في الدراسات القرآنية والحديث ، وكتب الطبقات ومعاجم اللغة ودواوين الشعراء والنحو والصرف وكتب التاريخ القديم وتاريخ العراق وكتب الدراسات النصرانية .
ما هي قراءاتك لمجريات الأحداث في العراق و هل هناك ما هو نظير لها . . ؟
ان لقراءة الأولية لأحداث العراق الآن تعطي انطباعا أوليا بأن هناك تشابها بين ما جرى في أوائل القرن الماضي عند احتلال البريطانيين للعراق والآن ، فالاضطرابات التي حدثت من ثورة النجف الى ثورة العشرين وحركات التمرد والعصيان في الشمال قد فرضت نفسها على الواقع السياسي العراقي وأثرت فيه وساقته الى نتائج غير محسوبة و غير متوقعة ، وكان ترياق العراق هو النظام الملكي الذي رأى فيه البريطانيون هو الصيغة الملائمة ، لأنها تساعد على الاستقرار ،إلا أن ذلك يحتاج الى شخصيات مثل مس بيل والسير بيرسي كوكس . والمعادلة تقول : إذا كانت الأسباب والدوافع متشابهة ، فيمكن على الأرجح أن تكون النتائج متشابهة .
ما هو منهجك في تحقيق الأنساب ؟
أما منهجي فيقوم على أساس البينة العادلة الصادقة أو شهادة ناسب معترف به مشهودا له بالعدالة بعيدا عن الوضع والإلصاق والتدليس . فقد جمعت في مكتبتي كتب الرجال والأنساب والتاريخ ، المطبوع منها والمخطوط ، و كان الجرح والتعديل مذهبي في متابعة الشخص أو لبيت أو العشيرة أو الفخذ أو البطن أو القبيلة .
كما وأني لا أهمل أية إشارة مهما كانت ، بل أحاول ان استقصيها في المراجع النسبية والرجالية والتاريخية والأدبية .
أما ما يخص أنساب الطالبيين فهذه لها أحكام خاصة وضعها أهل العلم في النسب ، وفيما يخص صفات الناسب والمشجّر والمحقق وكيفية تحقيق النسب أو إثباته أو نفيه أو العدول عنه وما يلحق مدعي النسب العلوي من التعزيز والمحاسبة ، كما تقيدت بدلالات ألفاظ أهل العلم وكنت محتاطا غاية الاحتياط في إطلاق هذه الألفاظ على نسب ما وقد يدفعني الأمر في بعض الأحيان الى أم أؤجل قضية ما لأكثر من خمس سنوات حتى يتبين لي الأمر ، وإذا كنت في شك فقد تؤجل الى مدو أبعد من ذلك .
ماهي النتائج التي توصلت إليها في عملك في تحقيق الأنساب؟
لا يمكن للمرء ان يحيط بكل شيء ولكن يمكن القول ان تفرغي لعقود في تتبع هذا الأمر وفّر لدي كثير من الإحاطة والتوسع فيه ، و لا أدعي التمام فيه ولكن الوصول الى حالة تطمئن اليها نفسي ، وما توصلت اليه فيه أمران : الأول : نفيت كثيرا من البيوت التي ليس لها حظ في النسب وقد أشرت الى ذلك في المواضع المناسبة ، والثاني : أثبت كثيرا من البيوت والأشخاص الذين كان قد شك في صحة نسبهم أو توقف بعض أهل العلم فيهم وصوبت كثيرا من سياقات النسب التي سقطت فيها وسائط ، لأن قواعد أهل العلم التي وضعوها ان النقص يوجب الإهمال للنسب والزيادة لا توجّبه وهذه علة يجملها البعض .
ومما يجدر ذكره ان أنساب الطالبيين هي لعموم الطالبيين في العالم ، كما أود الإشارة الى إنني قد ابتعدت عن جرح أهل الحديث ، والمذاهب والعقائد ، لأم هذا ليس موضوعه ، كما إنني لم أتقييد ببلد أو أرض أو مدينة ، أو موضع ، وكان مذهبي الحياد فيما أقول وفيما انسخ من غيري ، وابتعدت عن الاملاء في النسب ورجحت البينة العادلة الصادقة ، وان كان هذا ذهب بعض السلف من أهل العلم ، وصحبتهم ان هذا الإملاء هو ذمة المعملي . وفي مشجر الى أبي طالب السابق ذكره أستطيع ان أقول وبثقة عالية ان من لم يجد له موضعا أو نسبا فلن يجده في غيره من كتب النسب المعول عليها والتي تعتمد بهذا الخصوص . أما الصعوبات التي واجهتها فهي صعوبة إقناع المدعين للنسب الطالبي ان نسب آل أبي طالب لا يعتمد به على الرواية ، أو كتب التاريخ ، وان كانت كتب التاريخ وكتب الرجال في بعض الحالات تعتمد الا انها ليست حجة على كتب الأنساب ، ولكنها قد تعضدها ، وقد سقط في هذا الوهم وهم لا يفقهون ان من أدعى نسبا شريفا طالبيا أو علويا لا يمكن العودة الى ما كان عليه ، ويصنف في خانة الأدعياء الذين لا حظ لهم من النسب ، فالعدول عنه من صاحبه ليس بالأمر اليسير والهين .
في هذا الكتاب ، كتابك عن الحسن البصري ، ما هي أبرز مضامينه ؟
دونت سيرة الرجل وأصله ومنزله في المدينة وتاريخ وروده البصرة والاختلاف في ذلك ، وعلاقة المعتزلة والزهادية وقد جمعت أقواله رسائله مما وقع تحت يدي من المضان وكما بينت منزلته في البصرة قديما .
هل هناك مساعدة من جهة أو أفراد أو مؤسسات تلقيتها . . ؟
لم أتلق أي مساعدة إلا من شخص واحد وقد أشرت اليه في موسوعة الطالبيين ، أما الجهات الأخرى فإن عرضت مساعدة فمن المحتمل ان ارفضها ان لم يكن من المؤكد ، عملا بالمبدأ القائل لا بد يكون لذلك سببا ما ، كما ان المساعدة التي احتاجها لتيسير عملي والتعجيل به هي كبيرة لا تقوى عليها إلا مؤسسات أو أفراد ذوو إمكانات عالية ، وهذا وان وجد فلي معه موقف يدفعني الى التساؤل ،وان كانت هناك مساعدة جادة وشفافة وخالصة ، فمن المستبعد ان لا أرفضها ان كانت لا تتعارض مع سياق عملي ومبادئه ، أما عن موقع الجامعة من ذلك ، ولي معها ومع بعض القائمين بها موقف من الصعب ان يتغير .
المكتبة ماذا تعني لديك . . . ؟
أفضل الأماكن أرتاح اليها و لا أشعر بالملل هي مكتبتي فهي حرابي الدائم وبالنسبة لي كصومعة الراهب أو زاوية المريد لا أملها ولا تملني ، ففيها ما يغنيني عن الذهاب الى أماكن أخرى ، وان كانت غير كاملة مائة بالمائة وليست بمستوى الطموح ولكنها ليست قاصرة عن إمدادي بما احتاج اليه ، ففيها من المطبوعات بالآلاف ، ومن المخطوطات بالعشرات ، وقد استفاد ومازال يستفيد منها الكثير من طلاب الدراسات العليا والباحثين والأصدقاء ، وما بها من آلاف الكتب ألا إنها ليست بالمستوى الذي آمل ان تكون عليه
وما منهجك في البحث التاريخي ؟
إن منهجي في البحث هو التشكك في الخبر أو المعلومة ومتابعتها حتى منابعها الأساسية و عدم الركون الى المنقول . وقد وجدت الكثير من ذلك . وأهم ما وجدته هو كتاب في عمدة الطالب لابن عنبة ، حيث وجدته أنه صورة عن كتاب (الثبت المصان) لأبي النظام الأعرجي المتوفى سنة785هـ . وذهب ابن عنبة في كتابه الى حذف بعض الفقرات والمقاطع التي لا تتناسب مع منهجه ، ويكاد يكون نسخ الكتاب كاملا خلا بعض الفقرات و الشذرات هنا وهنا التي لم تزد عن كتاب العمدة – أية قيمة علمية أو نسبية . وقد فات محققه التنبيه على ذلك ، وكذلك الحال ذاته مع الأريسيين والحسن البصري وعبيد الله بن الحر الجعفي فهذه كتب سبب تأليفها الأساسي هو الرد على ما جاء بخصوصهم . كما أني أميل في معظم الأحيان الى المتابعة والبحث الموسوعي وهذا أفضله على غيره .
ما هي مشاريعك المستقبلية . . ؟
أما المشاريع المستقبلية : فهي ان أطال الله في عمري سوف أبدا بجمع كتب العلماء البصريين المفقودة التي بقي منها شذرات في كتب الأدب والتاريخ والعلوم القرآنية وتصنيفها حسب مؤلفاتهم كعمر بن شدة و القحذمي وابن الكلبي وغيرهم . وقد وضعت الخطوط الأساسية لذلك منذ سنوات ، وحالما أنهي موسوعة العلويين سوف أعود الى تلك المؤلفات المفقودة على غرار السيرة لابن إسحاق وكتاب النيات لأبي حنيفة وغيرهما .
يقال انك عملت مشجرا نسبيا كبيرا للطالبيين فهل ل كان تعرفنا بهذا المنجز . . ؟
تستطيع ان تقول انه أطول مشجر في التاريخ صنعه محققه أو نسابه أو مشجر للطالبيين منذ ان عُرف النساب والنسب . حيث من المحتمل ان يبلغ طوله أكثر من ألف متر وبعرض خمس وخمسين سنتيمترا مكتوب بالخط المقروء من مسافة على جلد أو نايلون سميك يقرب في مقاومته من الجلد . هذا المشجر هو خلاصة للطالبيين ، وان كان فيه صفة الاقتضاب
إلا انه لا تقتصر عن هدف المرج منه ، مع التركيز على ما على كل شخص من بيانات . أما أهم الأمور التي ركزت عليها فيه فهي :
استقصاء كافة الذرية من القرن الثاني الهجري وحتى القرن الثاني عشر الهجري من خلال مؤلفات النساب المخطوط ما أمكن منه – والمطبوع .
أشرت فيه الى الدارجين والمنقرضين و المغربين والمفقودين و المنيات ومن في عقبه خلاف ، والأدعياء والكذابين ، والمتوقف فيهم من أهل العلم و من فيهم جرح صريح أو خفي أو شك من كافة ذراري أبي طالب جيلا بعد جيل.
وأشرت فيه أيضا الى بيوتات أبي طالب و مكان تواجدها ومن انتسب اليها من الأدعياء .
ذكرت جميع النساء اللاتي ذكرهن أهل العلم .
كما أشرت الى المستلحقين على غير أصل .
وعزفت عن ذكر ذراري الرجل الذي اختلف في سياق نسبه .
رددت بعض البيوتات الى أصولها واستدركت على آخر .
ما هي مؤلفاتك المخطوطة ..؟
هي كالآتي :
معجم الصرة يضم الرجال والنساء والمواضع والأنهار والقرى وهو بمجلدات .
المفصل في المياه والأنواء والنخل والشجر بأجزاء .
مدن القوافل .
الأريسيون .
تاريخ كتاب كليلة ودمنة .
أحيقار هل كان نبيا .
الحسن البصري شيخ زهاد العراق .
موسوعة آل أبي طالب و فيها :
مشجرات آل أبي طالب (30) جزءا .
بيوتات آل أبي طالب (3) أجزاء .
نساء آل أبي طالب (3) أجزاء
الدارجون والمنقرضون والمبينات و المغربون والأدعياء والكذابون و من فيهم جرح من أبي طالب .
من كان عقبه في 1، وفي 2، وفي3، وفي4، وفي5، وفي6، وفي7، وفي8، وفي9، وفي10، وفي11، وفي12، وفي 13، وفي14، وفي15، وفي 40 وهو أجزاء .
معجم قبائل وبطون وأفخاذ وعشائر العرب مع سياقة نسبهم الذي جاء عند أئمة علم النسب والنساب . مع الإشارة الى المراجع والمصادر وذكرت الصرحاء والمختلف فيهم . وابتعدت فيه عن النسب بالرواية غير الموثوقة . وهو (10) أجزاء . كما ألحقت به الدارجين والمنقرضين منهم و من قبائل العرب .
المدخل في علم النسب بجزأين وفيه أشرح ألفاظ النسابين و مصطلحاتهم وما جاء في المعاجم اللغوية و ما يخص الرجل والمرأة و المجموعة والقبيلة . و بدونه لا يستطيع القاريء ان يصل الى معاني الألفاظ الواردة .
تحقيق كتاب الثبت المصان في نسب ولد عدنان للسيد أبي النظام الأعرجي المتوفى سنة 785هـــــ وهو بجزأين مع هوامش و شروحات عليه .
عبيد الله بن الحر الجعفي – الفاتك الشاعر ، والكتاب رد على ما كتبه الدكتور حسين عطوان في كتابه (الشعراء الصعاليك في العصر الأموي) حيث ذهب في ترجمته اعتمادا على أبيات من الشعر هي ليست له ، وكانت هذه الأبيات هي الأساس الاجتماعي والنفسي والسياسي الذي بنى عليه الدكتور بحثه عن شخصية الرجل ، حيث كان يعوزه البحث والاستقصاء وقد فاته تشابه الأسماء ، فهناك عبيد الله بن الحر وهذا رجل آخر وهو صاحب هذه الأبيات .
معجم النخلة .


منقوول