الخصائص العاطفية




إن دنيا النساء هيدنيا العاطفة والتغيرات العاطفية التي نلاحظ أرهاصاتها الأولى في مطاالع سن المراهقة ، ومستوياتها العالية في مرحلة ما بعد البلوغ . والفتاة الناضجة تتسم بنوع من الحساسية والرغبة العاطفية الطافحة تسعى الى الإستفادة منها في علاقاتها وروابطها مع الآخرين الذين يفهمونها ويتفاعلون مع مشاعرها على أساس الإدراك المتقابل.
وبقدر ما تبتعد الفتاة من سن البلوغ وتتجاوزها ، تقترب الى التوازن النفسي وتتجاوز حالة الإنفعال والإضطراب العاطفي بنفس المقدار. وتكتسب حالة من الإستقرار النفسي والعاطفي نسبيا . وهكذا تنتظم نظرتها الى الحياة وتفاعلها مع حالاتها وفقا لمعايير الفكر والعاطفة المنطقيين في الغالب.
مرحلة الحماس العاطفي


تعد هذه المرحلة من وجهة النظر العلمية مرحلة الحماس العاطفي التي تستمر من سن 16 الى سن 20 عاما . وتبلغ فيها العاطفة ذروة نشاطها وحماسها ، فتهيم فيها الفتاة بالحياة وبالإتصال بالآخرين.
وبحسب قول جيزل ، فغن الفتيات في سن 16 عاما يكن مسرورات ومتفائلات بشكل عام وإن كن يمررن بفترات حزن وهم في بعض الحالات(1). وبواعث الحزن أو الإغتمام كثيرة في هذا المجال ، وقد يكون احد أهمها عجز

(1) علم نفس أسبرلينج.


بعض الفتيات عن ملاءمة أنفسهن مع أوضاعهن الجديدة ، الأمر الذي يسبب لهن معاناة تحزنهن.
مرحلة الحساسية


إن حالة الحساسية وسرعة الإستياء والإنزعاج ، التي تتولد لدى الفتيات في مرحلة المراهقة ، تتعزز في هذه المرحلة وتشتد بشكل أوضح بمرور الوقت. وبشكل عام يمكن القول بشأن هذه الحالة أنها تتعزز وتتفاقم بإيقاع طردي مع نمو قوة الشخصية ومنعتها.
قد لا توجد هذه الحالة عند جميع الناس بهذه الدرجة من الشدة ، الا أنه يجب أن لا تغيب عن بالنا حقيقة إن الإنسان بطبعه كائن حساس وسريع التأثر والإنفعال إزاء القضايا المثيرة . وبحسب رأي أحد العملاء ، فإننا كائنات حساسة جدا إزاء الإنفعالات النفسية.
إن حالة الحساسية والإنفعال التي تبرز على سلوك وردود أفعال الفتيات أزاء الشياء ، إنما يعود سببها في الواقع لطبائعهن النفسية الشفافة التي تتسم بسرعة التأثر والإنفعال .
طبيعة المشاعر


تستولي على كيان الفتيات ، في هذه السن ، مشاعر طيبة وإيجابية في غالب الأحوال ، تخلي عواطف مرحلة المراهقة الغامضة لديهن مكانها في هذه الفترة لنوع آخر من المشاعر بالقوة وبوضوح الإتجاه والهدف . ومن خلال ملاحظة طبيعة تفاعلهن وتعاملهن مع القضايا يمكن الحكم عليهن بأنهن ناضجات من الناحية العاطفية وبإمكانهن مواجهة مختلف تعقيدات الحياة وتحملها بجدارة.


إن المشاعر العاطفية الجياشة بالنسبة للفتيات تعد بذاتها حالة إيجابية يمكن الإستفادة منها في سبيل إرشادهن وتوجيههن نحو مسالك الخير والصلاح ، وتنمية قابلياتهن وقدراتهن المعنوية والمادية في الحياة.
الإثارة والإنفعال


النمو في هذه المرحلة نمو نسبي حيث تبلغ فيها الإنفعالات النفسية لدى الفتيات أعلى مراتبها ، لكنهن يستطعن ضبطها والسيطرة عليها بفعل النضوج العقلي وحساب العواقب التي يمكن أن يترتب عليها في حال السماح لها أن تأخذ مدياتها غير المحسوبة.
وبتعبير آخر تختلف الإنفعالات النفسية لدى أعضاء هذه الفئة في هذه المرحلة عن إنفعالات سني المراهقة غي الهادفة وغير المنضبطة .
إن حالة الإثارة والإنفعال لدى الفتيات في هذه السن تصبح أكثر غنى وأوضح مقصدا وهدفا ، وتأخذ في الوقت ذاته منحى غراميا يتجلى أحيانا على هيئة الهيام والحساسية المفرطة تجاه بعض الأشخاص .
وبالطبع فإن هذه الحالة هي حالة عابرة ووقتية وتزول مع إنتهاء مشهد الإثارة في غالب الأحيان ، الا أنه وكما يقول الحكماء فإن فراق العشاق أشبه ما يكون بشعلة النار أمام الريح تنطفئ سريعا وتلتهب بقوة.
هاجس اللذة


تلهث أعضاء هذه الفئة عادة وراء الجديد من اللذات والمتع ، وتعد مثل هذه الرغبة الملحة هاجسا مؤذيا لهن يؤدي بالنتيجة الى إنطوائهن على انفسهن وشعورهن بالالم والمعاناة من شيء ما دائما ن ويتغير على أثره سلوكهن مع الناس ويصبح غير طبيعي ، حتى يبدين وكأنهن قد تغيرن تماما ، ومن أعراض


ذلك إصفرار الوجه وذبول العينين.
وتتسم الفتيات في هذه السن بحساسية متزايدة تجاه أنفسهن ، ومن شأن ملاحظتهن لأي نقص في مظهرهن أن يقلقهن بشدة ، ولهذا فإنهن ينزعجن من وجود الأطفال بقربهن ويضقن ذرعا بهم ، ويملن بشدة الى أن يكن الأجمل وأن يستمتعن بجمالهن وأنقاتهن الى أقصى حدود الإمكان.
ولدواعي حب اللذةوالإستمتاع بالحياة ، تبذل الفتيات جهودا ومساعي مضنية في سبيل الحصول علة مزيد من الحريات والتحرر من كل ما يمكن أن يعيق إنطلاقهن في مسراتهن . ويقول بنيامين أسباك في هذا المجال : الفتيات بطبيعتهن يلحن في الحصول على الحرية ويضغطن دائما على والديهن من أجل ذلك.
الحب والغرام


إن مشاعر وعواطف مرحلة المراهقة تشكل البناءات الأساسية لميول ورغبات الفتيات في المراحل البعدية من الحياة . ويعد الحب والغرام من أظهر ميول الفتيات في سن النضوج الجنسي الذي يسعين الى بلوغ رغباتهن وإرضاء أنفسهن عن طريقه .
وعادة تعشق الفتاة في هذه المرحلة منالعمر رجلا ينصب إهتمامها عليه بشدة أو ترغب في أن يكون لها خطيب لحياتها المستقبلية ، وبوجود الخطيب تشعر بالراحة والطمأنينة وبخلافه تشعر بالتعاسة والوحدةويؤثر ذلك سلبا على دروسها ونشاطاتها . وأحيانا يكتسب ميلها الى الحب طابعا أسطوريا ، فتحب شخصا لم تكن قد رأته في حياتها ولا يمكن أن تراه يوما ، وتستغرق في نسج الخيالات والأوهام حول صفاته وكمالاته.


إن الحب والغرام لدى الفتاة ، يتجه في هذه السن ، عادة نحو شخص واحد ، لكنه لا يؤدي بالضرورة دائما الى الزواج ولا حتى الى الخطوبة ، لأن الفتاة قد تغير رأيها بالشخص وتتبدل مشاعرها تجاهه .
وقد تندفع بعض الفتيات ، بفعل مشاعرهن الرومانسية ، الى كتابة رسائل غرامية ملتهبة لأنفسهن ، وهذه الحالة شائعة في أوساط الفتيات قبل وبعد سن البلوغ .
عاطفة الأمومة


يقول موريس دبس : إن حصول الحب لدى الشباب والشابات هو نتيجة للتطورات العاطفي والنفسية العميقة التي تحصل لدى هؤلاء وتتجه بالتدريج نحو النضوج والتكامل ، ويعد قفزة نوعية في حياتهم في هذا المجال (1). ويتجه الحب لدى الفتايت في بعض الحالات ، نحو قرينات السن وزميلات الدراسة ونحو معلماتهن بشكل خاص .
إن طبيعة الحب لدى أعضاء هذه الفئة من الإناث هي أقرب ما تكون الى عاطفةالأمومة ، ولا غرابةفي ذلك ، فهناك تداخل ـ بالأساس ـ بين غريزة الأمومة والغريزة الجنسية لدى الفتيات الناضجات ويمكن ملاحظة بعض آثار وأعراض هذه الحالة لديهن بوضوح .
الإختلال العاطفي


من أهم الصفات والخصائص التي تتسم بها الفتيات في هذه السن ، يمكن الإشارة الى حالة الخجل والحياء المفرط التي لا تطاق في بعض الحالات والمواقف . وقد يبلغ الخجل لدى لعض الفتيات ، في نهاية هذه المرحلة ، درجة

(1) البلوغ ، موريس دبس ، ص 42 .


يرتجفن عند الحديث مع الاخرين ويتلكأن في الكلام ، أو لا يجرؤن على البدء بالحديث مع الآخرين قد يصبن ببعض الإختلالات العاطفية ، نتيجة عوامل عديدة منها التعرض للصدمات الفكرية والعضوية والنفسية ، أو بسبب الإجهاد والعمل الزائد ، وكذلك فقد تسيء الظن بجنسها وتستاء من كونها أنثى . وكل هذه الحالات بحاجة الى النظر اليها بحساسية السعي الجاد في علاجها.