السؤال: تفسير رواية لقوله تعالى (لا تدركه الأبصار)
كيف نستطيع ان نجمع بين هذه الرواية القائلة بما يقول به اهل السنة بان النفي في اية (لا تدركه الابصار) نفي الاحاطة وبين ما يقول به علماؤنا كالطوسي والطبرسي والطباطبائي والسبحاني بان النفي مع الاضافة للحاسة يفيد نفي الرؤية هل المعنى متناقض محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران. عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: لا تدركه الأبصار.
قال: إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: (( قد جاءكم بصائر من ربكم )) ليس يعني بصر العيون (( فمن أبصر فلنفسه )) ليس يعني من البصر بعينه (( ومن عمي فعليها )) ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم كما يقال: فلان بصير بالشعر وفلان بصير بالفقه وفلان بصير بالدراهم وفلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين. (الكافي)
وأيضا فان الادراك إذا اضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة. فيه ألا ترى انهم يقولون: ادركته بأذني يريدون سمعته، وادركته بانفي يريدون شممته وادركته بفمي يريدون ذقته. وكذلك إذا قالوا: ادركته ببصري يريدون رأيته. (التبيان - الشيخ الطوسي ج 4 ص 223)
الجواب:

لقد فسّر العلماء الأعلام الوارد ذكرهم في سؤالكم قوله تعالى (( لا تدركه الأَبصَار )) (الأنعام:103) بمعنى نفي الرؤية وذلك بحسب ما تقتضيه اللغة من معنى الدرك فيما لو اقترن بالمتعلق، ونفوا معنى الاحاطة بحسب المستفاد من هذه الألفاظ لغة وعرفا.
ومن هنا قال الشيخ السبحاني في ردّه على الرازي الذي فسّر الآية الكريمة بنفي الأحاطة أو الادراك الاحاطي وانه لا يلزم منه نفي الرؤية بل قد يثبت الرؤية عند بعض. قال السبحاني: (( ما الدليل على أنَّ الأدراك اذا اقترن بالبصر يكون بمعنى الأدراك الأحاطي، مع أننا نجد خلافه في الامثلة التالية، فنقول: أدركت طعمه أو ريحه أو صوته، فهل هذه بمعنى أحطنا إحاطة تامة به، أو أنّه بمعنى مجرد الدرك بالأدوات المذكورة من غير اختصاص بصورة الإحاطة؟ مثل قولهم: أدرك الرسول، فهل هو بمعنى الإحاطة بحياته، أو يراد منه إدراكه مرة أو مرتين؟ ولم يفسره أحد من أصحاب المعاجم بما ذكره الرازي)).
ثم قال السبحاني: ((وحاصل الكلام: ان اللفظة إذا اقترنت ببعض أدوات الإدراك كالبصر والسمع يحمل المعنى الكلي - أي اللحوق والوصول - على الرؤية والسماع، سواء كان الإدراك على وجه الاحاطة أولا، وأما اذا تجردت اللفظة عن القرينة تكون بمعنى نفس اللحوق، قال سبحانه: (( حَتَّى إذَا أَدرَكَه الغَرَق قَالَ آمَنت أَنَّه لا إلَهَ إلَّا الَّذي آمَنَت به بَنو إسرائيلَ وَأَنَا منَ المسلمينَ )) (يونس:90)، ومعنى الآية: حتى اذا لحقه الغرق ورأى نفسه غائصاً في الماء استسلم وقال: ((آمنت..)).
وقال سبحانه: (( فَاضرب لَهم طَريقاً في البَحر يَبَساً لا تَخَاف دَرَكاً وَلا تَخشَى )) (طـه:77)، أي لا تخاف لحوق فرعون وجيشه بك وبمن معك من بني اسرائيل. وقال سبحانه: (( فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمعَان قَالَ أَصحَاب موسَى إنَّا لَمدرَكونَ )) (الشعراء:61) فأثبت الرؤية ونفى الدرك، وما ذلك إلا لأنَّ الإدراك إذا جرد عن المتعلق لا يكون بمعنى الرؤية بتاتاً بل بمعنى اللحوق)).
ثم قال السبحاني: (( نعم، إذا اقترن بالبصر يكون متمحضاً في الرؤية من غير فرق بين نوع ونوع، وتخصيصه بالنوع الإحاطي، لأجل دعم المذهب (كما فعل الرازي) افتراء على اللغة. (انتهى) (المصدر اضواء على عقائد الشيعة الإمامية: 640، 641).
فقول الشيخ السبحاني المتقدم: (( ان اللفظه إذا اقترنت ببعض أدوات الإدراك كالبصر والسمع يحمل المعنى الكلي من الإدراك وهو اللحوق والوصل على معنى الرؤية والسماع، سواء كان الإدراك على وجه الاحاطة أولا)).
فالذي يفهم منه أنه لا ينفي الإدراك الاحاطي مطلقاً وإنما المنفي - بحسب قول اهل اللغة - ان تحمل لفظة (الادراك) عند ذكر المتعلق على الاحاطة فقط، بينما حق هذه اللفظة اللغوي ان تحمل على نفي ادراك المتعلق، أي على نفي الرؤية كما في مقامناسواء استلزم ذلك الاحاطة أولا.. ومن هنا لا يختلف البيان المستفاد عند المفسرين الشيعة من قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) بنفي الرؤية، والرواية الواردة عن الإمام الصادق(عليه السلام) بتفسيرها بنفي احاطة الوهم، إذ في كلام الإمام (عليه السلام) قرينة على أنَّ الآية الكريمة يمكن استفادة التعميم منها أي في نفي احاطة الوهم بالمولى سبحانه بعد التسليم بنفي الرؤية عنه بدليل قوله (عليه السلام) في الرواية نفسها: ((الله اعظم من أن يرى بالعين)).
أي ان تفسير الإمام (عليه السلام) بنفي احاطة الوهم كان بعد التسليم بنفي الرؤية وهو خلاف تفسير أهل السنة لهذه الآية التي قالوا بأنها يستفاد منها نفي الإحاطة وهو لا يستلزم نفي الرؤية بل قد يثبتها أي نراه ولا نحيط به الأمر الذي رد عليه الشيخ السبحاني...
بل حقّ كلامه (عليه السلام) ان يحمل على الاضراب أو التعميم أي ان يكون هكذا. إن الله سبحانه لا يحيط به الوهم فضلاً عن إمكان الرؤية. هذا إن حملنا بيانه (عليه السلام) بنحو التعميم.. أو يكون هكذا: أن الله لا يرى بالعين بل لا يحيط به الوهم.. هذا ان حملناه على نحو الإضراب وبهذا البيان فسّر بعض الشّراح قوله (عليه السلام) في هذه الرؤية (أنظر حاشية التحقيق (كتاب شرح أصول الكافي) للمازندراني 188 تعليقات الشعراني).



السؤال: عدم جواز الرؤية من الملائكة وسائر الخلق لله عز وجل

جبريل عليه السلام مرسل من عند الله للرسول لينزل عليه الاخبار والقران ، فهل جبريل عليه السلام رأى الله سبحانه وتعالى ام لم يراه لأنه هو الذي ياتي بالوحي من عند الله للرسول فهل يراه عندما يقول له نزل القران وهذه السورة ؟؟
الجواب:

لم ير جبريل (عليه السلام) الله تعالى ، ولم يره ولن يراه أحد على الإطلاق من سائر خلق الله لا جبريل ولا ميكائيل ولا آدم ولا نوح ولا إبراهيم ولا محمد (صلى الله عليه وآله)، لأن الله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولأنه ليس بجسم ولا يحل بمكان فكيف تميزه الأبصار أو تقع عليه الحواس؟ إن ذلك محال، ولذلك حينما طلب موسى(عليه السلام) استجابة لرغبة بني إسرائيل أن يرى الله تعالى قال له عز وجل (( لن تراني ))، ولن تفيد التأبيد ، أي لا يمكن أن تراني أبداً ، فالله تعالى منزه عن صفات الأجسام والرؤية إنما تكون للمتحيز من الأجسام الذي يقع في قبال البصر.


السؤال: استحالة رؤيته عز وجل بدليل من كتب السنّة

سؤالي عن رؤية الله تبارك و تعالى:
نحن الإمامية نقول إتباعا لأهل البيت بنفي الرؤية البصرية لله تبارك و تعالى في الدنيا و الأخرة, طيب.
السؤال:هل هناك أدلة حديثية من مصادر اهل السنة في نفي الرؤية خاصة من مرويات أهل البيت؟
سؤال آخر:حول صفات الله أعنى بها صفات الجوارح, هل هناك أدلة من مصادر أهل السنة بنفي صفات الجوارح و خاصة من مرويات اهل البيت؟
و شكرا...
الجواب:

مما تجب الإشارة إليه هو:
أننا لا نستدل على عدم إمكان الرؤية فقط بما ورد في الأخبار, بل إن الأدلة التي نعتمدها في إثبات مدعانا باستحالة رؤية الله عز وجل على جهة التأبيد في الدنيا والآخرة هي أدلة عقلية ذكرها علماءنا في كتبهم العقائدية والكلامية, أما الروايات فيستشهد بها لدعم الأدلة العقلية, لأن طريق الرواية ظني لا ينفع في باب العقائد, إذ لابد من تحصيل اليقين, واليقين لا يأتي إلا من خلال الأدلة البرهانية المحكمة, نعم, قد تنفع الأخبار في مقام الاستدلال على العقائد إذا كانت بالغة حد التواتر..
نعم .. نقل القاضي عبد الجبار في كتابه الكبير (المغني) في المجلد الخاص بأبواب التوحيد والعدل عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: (( لاَّ تُدرِكُهُ الأَبصَارُ )) (الانعام:103) فقال: إن الله لا يدرك بالأبصار في الدنيا والآخرة.
وروي عنه في قوله (( وُجُوهٌ يَومَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) (القيامة:22-23) إلى ثواب ربها ناظرة (المغني / رؤية الباري: 229).




السؤال: معنى الهواء في رواية عن الإمام (عليه السلام)

عرض أحد المخالفين هذه الرواية و أخذ بالاستهزاء و التنقيص من الامام عليه السلام و قال أننا لا نحتاج للهواء لرؤية الأشياء بل نحتاج للضوء فقط
رؤية الله عندنا طبعا لا نعتقد به و لكن
نريد رد مفصل نرد به و لكم الشكر و أجركم على الامام عليه السلام
الرواية :
وعنه، عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب: لا تجوز الرؤية، ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء [لم](2) ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية، وكان في ذلك الاشتباه، لان الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات. (الكافي الجزء الأول باب في ابطال الرؤية رقم الصفحة 97)
الجواب:

في هامش شرح أصول الكافي ج 3 هامش ص 176 :
قوله، هواء ينفذه البصر الهواء في لغة العرب هو الخلاء العرفي قال الله تعالى (( وأفئدتهم هواء )) أي خالية من العقل والتدبر، وقال جرير «ومجاشع قصب هوت أجوافه» أي خلت أجوافه. وفي الصحاح: كل خال هواء.
وهذا هو المراد هنا لا الهواء المصطلح للطبيعين وهو جسم رقيم شفاف كما حمله عليه صدر المتألهين (قدس سره) وهذا الهواء الذي هو جسم رقيق عند العرف بمنزلة العدم والحاصل أن لا بد للرؤية من فاصلة بين الرائي والمرئي ويتحقق الفاصلة بعدم وجود جسم كثيف والأجسام الفلكية غير مانعة للرؤية لأنها أشف وأرق من هذا الهواء المكتنف للأرض فهي بمنزلة الهواء. فيكون الهواء في لغة العرب أقرب من البعد المفطور الذي يقول به بعض الفلاسفة.



السؤال: رؤية الله
في أحد اجوبة الامام علي (علية السلام) عن الله تعالى عندما سألوه ياعلي هل رأيت ربك فقال: وكيف اعُبد ربا لم أره
فما هو تفسير هذا؟!
الجواب:

قال المازندراني في شرح اصول الكافي 3/ 181:
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : جاء حبرٌ (أي عالم من علماء اليهود) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته قال : فقال : ويلك ما كنت أعبد ربّاً لم أره ) لمّا كان أره محتملاً لمعنيين أحدهما الرُّؤية بالبصيرة القلبيّة وثانيهما الرُّؤية بالمشاهدة العينيّة وكان الثاني أشهر وأعرف حمله السائل على المعنى الثاني والمرئي بهذا المعنى لا يخلو من كيفية ووضع وجهة فلذلك ( قال : وكيف رأيته ) أي على أيِّ وضع وكيف أبصرته وفي أيِّ حيّز وجهة رأيته .
وقال في ج3/ 179:
( لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ) قيل :الإبصار بالكسر على المصدر في مقابلة الإيمان لا بالفتح على الجميع في مقابلة القلوب، وفي كتاب التوحيد للصدوق ( رحمه الله ) « بمشاهدة العيان » مكان « بمشاهدة الأبصار » . ( ولكن رأته القلوب بحقايق الإيمان ) هذا تنزيله له تعالى عن الرُّؤية بحاسّة البصر وشرح لكيفيّة الرُّؤية الممكنة له تعالى ولمّا كان تعالى شأنه منزَّهاً عن الجسميّة ولواحقها من الجهات والكيفيات وتوجيه الحدقة إليه وإدراكه بها وإنّما يرى ويدرك بحسب ما يمكن لبصيرة العقل لا جرم نزّهه عن تلك وأثبت له هذه، وأراد بحقايق الأيمان أركانه وهي التصديق بوجوده وتوحَّده وأسمائه الحسنى وسائر صفاته الثبوتيّة والسلبيّة .